الأربعاء، 30 سبتمبر 2020

 الله المستعان

جواهر الانقال من شرح لامية الأفعال


بسم الله الرحمن الرحيم الله المستعان

وبعد: فلما كان شرح بحرق اليماني لقصيدة لامية الأفعال للإمام محمد بن عبد الله بن مالك رحمه الله، من أحسن ما وقفت عليه من شروحها بل ومن كتب الصرف وأكثرها تحريرا فقد ضبط ألفاظها وفتح مقفلها، وحل مشكلها، وأكثر من أمثلتها ونبه على كثرة معانيها، 

وزاد فوائد وإشارات، وتتمات وتنبيهات، واخترع لها تقسيمات فجاء كتابا جامعا بين علمي اللغة والتصريف .

وكان من فضل الله علي أن صحبتُه فترة من الزمن إبان دراسة نظم اللامية وتوشيح الحسن بن زين عليها على شيخنا الشريف الشيخ بن حمّ حفظه الله، وما زلت أطالعه وأختصر من فوائده ولما حصل الانشغال عن ذلك فجمعت من ذلك وحذفت منه استطراداته اللغوية مما لا تعلق له بالمقصدين. وزدت تعليقات خفيفة 

وقد تتبع بحرق في شرحه هذا مواد العربية من الصحاح والقاموس وغيرهما فظفر بأشياء من الشاذ في باب ما جاء شاذا من مضارع فعل المكسور على يفعل بالكسر كيحسب، ومن اللازم المضاعف مضموما، ومن معداه مكسورا وغيرهما، لم يحفظهما ابن مالك فزادها بعد إيراد جملة من أمثلة الفعل المقيسة، إذ لا فائدة في معرفة الشاذ لمن لا يعرف الأصل المقيس عليه، كما لا تعظم الفائدة في معرفة غريب اللغة قبل مشهورها. وغير ذلك مما تشتد إليه حاجة كل مصنف ومدرس وغيرهما من طلبة العلم.


أتم الله سبجانه علينا نعمه الباطنة والظاهرة، ونفعنا بما علمناه، إنه سميع الدعاء قريب مجيب، {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} .

(الحمد لله لا أبغى به بدلا ... حمداً يبلغ من رضوانه الأملا)

(ثم الصلاة على خير الورى وعلي ... سادتنا آله وصحبه الفضلا)

(وبعد فالفعل من يحكم تصرفه ... يجز من اللغة الأبواب والسبلا)

(فهاك نظماً محيطاً بالمهم وقد ... يحوي التفاصيل من يستحضر الجملا)

أي بعدما قدمته من الحمد لله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه فالفعل من يحكم أي يتقن، تصرفه: تصريفه، يحز يحوي من اللغة أبوابها وطرقها، والمراد به هنا: الفعل الصناعي من ماضٍ ومضارع وأمر، مع ما يشتمل على حروف الفعل ومعناه من مصدر اسمي فاعل ومفعول واسمي زمان ومكان وما يلتحق بها، وذلك لأنه علم التصريف يبحث فيه عن أحوال أبنية الكلم، والكلم: اسم وفعل وحرف. ولا حظ للحروف في التصريف، وكذا الأسماء المبنية والأفعال الجامدة لقوة شبهها بالحروف؛ لأنها لا تقبل التغيير، فصار علم التصريف مختصاً بالأصالة بالأفعال المتطرفة والأسماء المتمكنة. وهو في الفعل أصل لكثرة تغييره بظهور الاشتقاق فيه، والناظم رحمه الله خص هذه المنظومة بالفعل مجرداً كان أو مزيداً فيه؛ لما ذكره من أن أحكامه مفتاح محكم اللغة. والفعل ثلاثة أقسام: ماضٍ ومضارع وأمر. ولا بد لكل فعل من مصدر ومن فاعل. فإن كان متعدياً فلا بد له من مفعول به، وقد يحذف الفاعل ويقام المفعول به مقامه فيحتاج إلى تغيير صيغة الفعل له، ولا بد لوقوع الفعل من زمان ومكان، وقد يكون للفعل آلة يفعل بها، 

فانحصرت أبواب هذه المنظومة فيما ذكر من باب الفعل المجرد وتصاريفه. وباب أبنية أسماء الفاعلين والمفعولين من المجرد والمزيد فيه، وباب أبنية المصادر مجردة ومزيدة فيها، وباب أسماء الزمان والمكان وما يلتحق بهما من الآلة وغيرها.

والناس في ذلك أصناف: صنف عرف الأبنية والأوزان فهذا تصريفي فقط، كمن يعلم مثلاً أن مضارع فعل المضموم مضموم ككرم يكرم، وأن قياس اسم الفاعل منه على فعل وفعيل كسهل وظريف، وقياس مصدره الفعالة والفعولة كالشجاعة والسهولة، إلا أن هذا مفتقر إلى علم اللغة الفارق له بالنقل عنهم بين فَعُلَ بالضم وفَعِلَ بالكسر وفَعَلَ بالفتح. 

وصنف ثانِ أشرف على مواد علم اللغة بالنقل والمطالعة ولا يعرف الموازين والأقيسة التي يرد بها كل نوع إلى نوعه، فهذا لغوي فقط لا يذوق حلاوة علم اللغة. 

وصنف ثالث عرف الموازين والأقيسة أولا ثم تتبع مواد اللغة نقلا فهذا هو المتقن الذي أحكم علم التصريف وحاز سبل اللغة. 

فهذا مراد الناظم أي حصر مواد الأفعال كلها ومعرفة ما جاء منها مقيسا وشاذا، إلا أنه لما لم يمكنه ذلك حصر الشاذ في أبوابه وأحال على المقيس في كتب اللغة، شرحت النظم شرحا مطابقا لغرضه فبسطت القول في الباب الأول بكثرة الأمثلة التي يحتاج إليها، فذكرت في الفعل الرباعي نحو مائة مثال، ولفَعُلَ المضموم نحو مائة أيضاً، ولفَعِلَ المكسور نحو ثلاثمائة وسبعين، منها نحو أربعين لوناً، ولما اشتركا فيه نحو خمسين مثالاُ، ولما اشترك فيه فَعُلَ وفَعِلَ وفَعَلَ جميعاً، وهو المثلث، نحو ثلاثين مثالاً، ولما فاؤه واو من فَعَلَ المفتوح كوعد سبعين، ولما عينه ياء كباع ثمانين، ولما لامع ياء كرض ستين، ولمضاعفه اللازم كحن مائة، والمعدي كمده مائة وعشرين، ولما عينه واو كقال مائة وثلاثين، ولما لامه واو كدعا ثمانين، وللحلقى المفتوح كمنع مائة وسبعين، والمكسور كيبغي ستة، والمضموم كيدخل أربعة عشر، ولغير الحلقي المضموم كنصر مائتين وعشرين، والمكسور كضرب مائة وستين، ومما يجوز كسره وضمه كعتل مائة وأربعين .. إلى غير ذلك من الأمثلة، فيصير مجموع أمثلة الفعل المجرد بأنواعه قريبا من ألفي مثال، وذلك معظم مواد اللغة بحيث لا يفوت على من عرف ذلك إلا القليل .

قاعدة عظيمة: إذا عرفت أمثلة المجرد استخرج منها أمثلة المزيد فيه، وأمثلة المصادر واسمي الفاعل والمفعول منهما، فيتحصل من ذلك ما لا يحصى من الأمثلة، وهي مرتبة في الغالب على حروف المعجم على ترتيب الصحاح، ومن عرف ذلك لم يشتبه عليه ضبط الأمثلة 

فها: اسم بمعنى خذ، والكاف فيه حرف خطاب، ونظم الشيء: تأليفه على وجه مخصوص، والإحاطة بالشيء: إدراكه من جميع جهاته، ومنه الحائط والمهم: الأمر الذي يهمك شأنه والتفاصيل بالأمور الجزئية كمعرفة أفراد مواد اللغة مثلاً، والجمل: الأمور الكلية، كمعرفة الأبنية والأقيسة مثلا، والمعنى: أن هذه المنظومة قد احتوت على المهم من علم اللغة وهو الأبنية والأقيسة التي يتوصل بها إلى حفظ أفرادها ورد كل نوع إلى أصله .

باب أبنية الفعل المجرد وتصاريفه

والمراد بالأبنية: كونه رباعياً وثلاثياً، والمجرد: ما حروفه أول كلها، وبالتصاريف: اختلاف أحواله من ضم عين مضارعه وكسرها وفتحها. أما الأبنية فأشار إليها بقوله:

(بفعلل الفعل ذو التجريد أوفَعُلا ... يأتي ومكسور عينٍ أو على فَعَلا)

أي الفعل المجرد يأتي رباعياً على وزن فعلل، وثلاثياً على وزن فَعُلَ بضم العين أو فَعِلَ بكسرها أو فَعَلَ بفتحها، 

مبحث الفعل الرباعي:

مثال الرباعي لازماً: حشرج عند الموت: غرغر وفرشخ: قعد مسترخياً، ودربخ: طأطأ رأسه ومد ظهره، وعربد: أساء خلقه على نديمه، وجربز الرجل وجرمز : انقبض واجتمع، وكرفس: مشى مَشْىَ المقيد، وقرفط في مشيه: قارب خطوه، وخذرف: أسرع، وقرقف: ارتعد، وخربق في مشيه: خبط، وعملق في كلامه: تعمق، وبهذل: خف وأسرع، وخزعل الضبع: عرج، وعنجل الرجل: ثقل عليه النهوض لعظم بطنه، وبرشم: وجم وأظهر الحزن، وبرطم: عبس وجهه وحضرم: لحن في كلامه، ولعثم وهذرم وبرذن: قهر وغلب، وهينم: أخفى صوته، وهيمن على الدعاء: أمّن.

ومثاله معدى: قرضبه: قطعه، ومنه سمى السيف قرضاباً، وخرفج عيشه: وسعه، وخزرجت الشاة: خمعت ودحرجته فتدحرج، وفرطحه، وفلطحه: عرضه فهو مفرطح، وكردحه: دحرجه،

أوزان الاسم الرباعي خمسة مشهورة:

الأول: فعلل بفتح الأول والثالث كثعلب، وعقرب، وبرزخ، وفرسخ. وحرقدة، وقرقدة: لولد البقرة، وقرمد: للجص، وعسجد: للذهب، وجعفر، وعبقر وعبهروعسكر، وعنبر، وعنتر: لذباب أزرق، ونرجس وحنظل وحرمل: لشجر، وخردل، ودغفل: لولد الفيل، وقرمل: لشجر ضعيف وقسطل وقصطل أيضاً: للغبار، نهشل: للذئب والصقر، وبلغم وحنتم: للجرة الخضراء، وزمزم، وشدقم، وعلقم، وعندم: لشجر وهو البقم الذي يصبغ به، وغلصمة، وقحزنة.

الثاني: فعلل بكسرهما، كزبرج: للسحاب الذي هراق ماؤه، وحرمد: لطين أسود، وصفرد: لطائر، وبنصر، وخنصر، وضفدع، وخرنق لولد الأرنب، وزبرق: لصبغ أصفر، وشبرق، لنبت وهو رطب الضريع، وعشرق وغلفق: لنبت ينبت في الماء له ورق عراض، وفرسك: لنوع من الخوخ، وفسكل: لآخر خيل السباق، وقلقل : لنبت له حب أسود، وحصرم: لأول العنب، وعلطم وعظلم: لنبت يصبغ به، وعكرمة: لأنثى الحمام، وقرطم فيه لغة ويضم كعصفر.

الثالث: فعلل بضمهما كجخذب للأخضر من الجنادب الطويل الرجلين، وطحلب، وعنطب: لذكر الجراد، ودملج وعرفج: لشجر، وبرجد: لكساء غليظ، وهدهد، وعصفر، وعنصر، لأصل الشيء، وكزبرة من الأبازير، وعركشة وعرفط وزخرف: للذهب، وبندق: لما يرمى به، وفرغل: لولد الضبع من الذئب، وفلفل، وبرجمة: لإحدى براجم الكف وهو العقد في ظهره، وبرعم وشبرم: لحب يشبه الحصرم، وبرثن وبلسن: لحب كالعدس.

الرابع: فعلل بكسر الأول وفتح الثالث كدرهم، وهو فارسي معرب، ولم أظفر بغيره اسماً. قلت: لعل منه المبرس، والمركن اسم لما يخمر فيه العجين.

الخامس: فِعَلْلُ بكسر أوله وفتح الثاني كقمطر: لوعاء الكتب، وهزبر فهذه بضعة وتسعون أسماً.

وما ذكره في التسهيل يشمل الرباعي المجرد والمزيد فيه، كعرقوب: وصهريج، وعلسوج: لما لان واخضر من قضبان الشجر، وشمراخ وشمروخ : لعثكول النخل، وصملاخ وصملوخ: لوسخ الأذن، وعصفور، وقطمير: للقشرة الرقيقة المغطية للنواة، وضغبوس: صغار القثاء، وكذا الحرقوص، وقرطاس، ودخريص القميص، ودغموص: لدويبة تغوص في الماء، وعرقاص: للسوط، وقرموص: لحفرة يسكن فيها من البرد، وعذيوط، وعضروط: للعجان، وكرسوع، وغرضوف وغضروف أيضاً: لما لان من الكتف وغيرها، وسرداق وسربال: للقميص، وغرمول وحلقوم، وبرذون، وبرهان: للحجة، وفرجون: للمحسة وعرجون: لأصل العثكال، وعربون وفرعون: للعاتي، فهذه أيضاً ثلاثون من الأسماء.

وأما الصفات كالسهلب للطويل والشهربة للعجوز فأكثر من الأسماء.

مبحث الرباعي المضارع من اسم رباعي، والمعاني التي ذكرها في التسهيل ستة:

الأول: عمل الشيء أي اتخاذه كقمطرت الكتب: اتخذت لها قمطرا، ودخرصت القميص: جعلت له دخريصاً وقرمصت قرموصا حفرته، وهو حفر صغار يستكن فيها من البرد، وبندقت الطين: جعلته بنادق صغاراً، وقنبلت الخيل وجحفلتها: جعلتها قنابل وجحافل .

الثاني: محاكاة الشيء كعقربت الصدغ: لويته كالعقرب، وعثكلت الشعر: أرسلته كالعثاكيل، وحنظل الرجل وعلقم: أشبه طعمه الحنظل والعلقم في طبعه .

الثالث: جعل الشيء في الشيء كفلفلت الطعام وكزبرته: وضعت فيه الفُلْفُل والكزبرة، وعصفر الثوب وزبرقه وعندمه: صبغه بالعصفر والزبرق والعندم، صباغات، وعبهر الدواء ونرجسه، وعنبر الطيب.

الرابع: إصابة الشيء كعرقبه وحرقده وغلصمه وحلقمه .

الخامس: الإصابة بالشيء فيكون آلة كعرفصه وعرجنه: ضربه بالعرفاص، والعرجون، وفرجن الدابة: حكها بالمحسة، وقحزنه، ضربه بالقحزنة أي الهراوة، وقد يقال لها القحزنة.

السادس: إظهار الشيء كعسلجت الشجرة. وبرعمت: أظهرت عساليجها وبرعمها. قلت ولم يتعرض لضده، وهو الستر كقرمدت البناء: طليته بالقرمد أي الجص، وسردقت البيت: جعلت له سرادقاً، وبرقعه وبرنسه: ألبسه البرقع والبرنس، وسربلت الرجل: ألبسته سربالاً .

قال في التسهيل: وقد يصاغ من مركب لاختصار حكايته؛ نحو بسمل وسبحل وحمدل وحوقل، وفذلك حسابه: أجمله بقوله: فذلك كذا. 

فهذان قسمان من الرباعي إلى قسمه الأول، وبقى قسمان:

أحدهما: من مزيد الثلاثي كزملق وسيأتي.

والثاني المضاعف، قال في الصحاح: سغسغت الشيء في التراب فتسغسغ:  دسسته فيه فدخل؛ أصله: سغغته بثلاث غينات، فأبدلوا من الغين الوسطى سينا فرقاً بين فعلل وفعل، وإنما زادوا سينا لأن في الحرف سينا، وكذا تقول في جميع ما أشبهه من المضاعف. انتهى 

أي كما أن الثلاثي المخفف كقطع إذا ضوعف لأجل التكثير صار مشدداً والحرف المشدد عن حرفين، كذلك المضاعف منه، كحن ومد إذا ضوعف اجتمعت فيه ثلاثة أحرف متماثلة؛ عينه ولامه والحرف المزيد للتكثير، كقولك في تضعيف كبه لوجه: كببه، وهذا هو الأصل، ولك أن تبدل عن الحرف المزيد للتكثير حرفاً مماثلاً للفاء، فتقول كبكبه لوجهه، وإنما جعلوه مماثلاً للفاء، لأنه بدل عن المماثل لعين الفعل. وقد سمع الوجهان عن العرب في أفعال كثيرة، وكثرته تدل على أنه مقيس. وقد يشعر بذلك كلام الجوهري، وما نص الجوهري على مجيئه بالوجهين من هذا القسم: كبه لوجهه وكبكبه، وهبه من النوم وهبهبه: أثاره، وخجت الريح وخجخجت: التوت في هبوبها ودج الليل ودجدج: أظلم، وعج بصوته وعجعج رفعه، ورجه ورجرجه: حركه وزلزله، ولج في كلامه ولجلج: تردد، وزحه عن مكانه وزحزحه: باعده ونحاه عنه، وسح الماء، وسحسحه : صبه ولح بالمكان ولحلح: أقام به، ونح ونحنح: أخرج صوتاً من صدره وهي النحنحة، وعس بالليل وعسعس: طاف، وبش به وبشبش: فرح، وتعه وتعتعه: دفعه بعنف. وشفه الهم وشفشفه: هزله وأضناه، وصل الخزف وغيره وصلصل: صوت. 

ومن هذا النوع ما ورد حكاية لأصوات نحو شأشأ بالحمار، وهجهج بالسبع، وبخبخ بالرجل، وقعقع بالسلاح، ودقدقت الدواب، وطقطقت، وعنعن الحديث، وقهقه في الضحك. 

وكل هذه الأمثلة رباعية أصيلة عند البصريين، لأن وزنها عندهم فعلل لا فعفع. وعند الكوفيين أن نحو كبكبه مما يصح المعنى بإسقاط ثالثه من مزيد الثلاثي. ومجموع الأمثلة نحو الخمسين أيضاً.

مبحث فعل المضموم:

ومثال فعل بالضم ولا يكون إلا لازماً: أدب الرجل، وجنب وصلب وعزب الشيء: أي خفى، وقرب وقشب الثوب صار قشيباً: جديدا، ولزب الطين: لصقه، ونجب الرجل، وبحت: أخلص ، وصلت فهو صلت الجبين: واضحه، وفرت : عذب، وكمت الفرس فهو كميت: أحمر يميل إلى السواد، وخبث، وبهج: حسن، وسمج: قبح وسمح: كرم، وصبح وجهه فهو صبيح، أي حسن، وصرح: خلص، وفسح المكان: أي وسع، وفصح ، وقبح وجعد الشعر، وجلد: قوي، ونجد فهونجاد: شجاع ماض العزيمة، وجدر بالأمر فهو جدير به: حقيق، وخطر قدره: أي ارتفع، وغزر: كثر، وفجر، وفقر ، وقصر ، وصغر، وكبر، وكثر، ونزر: قل، وبؤس فهو بئس: شديد شجاع، وشّكُس: ساء خلقه، وفرس: صار فارسا، ونفس فهو نفيس: أي مرغوب فيه، وفحش، ورخص السعر: ضد غلا، والشيء فهو رخص: ناعم، وخفض عيشه خفضاً فهو خفض: أي الدعة والراحة وعرض الشيء فهو عريض، وغرض اللحم فهو غريض: أي طري، وبَدُع فهو بِدْع بالكسر، أي غاية فيما نعت به من علم أو شجاعة أو غيرهما، وسرع ، وشجع، وشنع، وطمع طماعية، وأما طَمِع في كذا فالبكسر، وفَظُع ، وودع: سكن، ووسع. وأما وَسِعَه فبالكسر، وبدغ بالغين المعجمة فهو بذِغ: سمين ناعم، وخصف فهو خصيف؛ أي مستحكم، كرصف وسخف الثوب: رق، وظَرُف، وشرف، ولَطُف ، ونَظُف، ووَطُف فهو واطف: أي طويل شعر العينين، وحمق كخرق ، وزعق الماء: ملح ، وسحق: بعد، وصفق الثوب ضد سحق، ووجهه: وقح، وعمق البئر أي بعد قعره، وضنك: ضاق، ووشك الأمر: قرب، وأوشك: أسرع، وبسل شجع، وبَطُل وثقل، وطَفُل فهو طِفْل بالكسر، أي رخص ناعم ونَبُل فهو نبيل؛ أي نجيب، وجسم: عظم جسمه، وحرم عليه الشيء ، وحزم: احتاط، وحَلُم ، وشَهُم فهو شَهْم: ذكي الفؤاد، وصرم السيف فهو صارم: أي قاطع، وضخم ، وعَظُم، وفحم الشعر: اسودّ، وقدم الشيء ، وكَرُم، ولَؤُم، وثخن الشيء:غلظ، وجبن، وحسن، وخَشُن: غلظ، وحصن: امتنع، والمرأة عفت ، وهَجُن هجنة فهو هجين: لؤم، وهجانة فهو هجان بالكسر: أي غير خيار من كل شيء، ورفه عيشه رفاهة ورفاهية ورفهنية وهي الخصب والسعة، وفره : حذق، ونبه فهو نابه ونبيه: ذو شهرة، فهذه نحو مائة مثال، كلها على فَعُل بالضم، 

وسيأتي المشارك لفَعِل بالكسر، وله ولفَعَل بالفتح وهو المثلث قريبا. وللحلقي ككره ومنع، ولغير الحلقى ككرُم ونَصَر، أو كَرُم وضرب في بابيهما .

تنبيه: التسهيل:" ولم يرد أي فَعُلَ بالضم يائي العين إلا هيؤ، ولا يائي اللام متصرفاً إلا نهُو، ولا مضاعفاً إلا قليلاً مشروكا" 

هيؤ الرجل: حسنت هيئته، ومفهومه أنه غير مشارك. وحكى في القاموس فيه ثلاث لغات ككرم ومنع وضرب. وكذا لم يرد فَعُلَ المضموم يائي اللام إلا قولهم نهو أصلها ياء، وإنما قلبت واواً لإنضمام ما قبلها.  أما غيره من الثلاثي فيكون عينه ولامه ياء كباع ورمى،

وكذا لم يرد فَعُلَ بالضم مضاعفا، كما ورد فَعِلَ المكسور وفَعَلَ المفتوح في نحو مسه يمسه وشده وحن إليه إلا قليلاً مشروكاً، وعبارة التسهيل تفهم تعدد ذلك، ولكن لم يورد في شرحه إلا قولهم لبُبْت إذا صرت لبيبا. قال في الصحاح: "ولبِبْت يا رجل بالكسر تلب بالفتح لبابة؛ أي صرت ذا لب، قال: وحكى يونس بن حبيب لبُبْت بالضم، هو نادر لا نظير له في المضاعف". وزاد في القاموس في حرف الكاف: "فككت تفك كعلمت وكرمت فكة: وهو حمق في استرخاء"، وفي حرف الميم  "وقد ذَمِمْت تذم كشممت تشم وذَمُمْت تذم ككرم يكرم" فهذان نظيران لما حكاه الجوهري عن يونس رحمهما الله. 


مبحث فعل المكسور 

ومثال فَعِل بالكسر لازماً: بَرِئت ذمته، وخطئ: تعمد الذنب، وطفئت النار، وظمئ، وتعب وخرب ورهِب ورغِب وسغِب: جاع، وفيه لغة كضرب، وطرِب وعجب وغضب ولجب القوم: ارتفعت أصواتهم، ولزب به ولسب ولصب: لصق، ولعب، ونشب فيه: علق، ونصب: تعب، وشمت به: فرح لمصيبته، وعنت: أثم ودخلت عليه مشقة، وهرت الوعاء: اتسع، وتَفِث شعره: شعث، وحنث في يمينه: أثم، ودمث المكان: سهل، وشَعِت شعره: اغبر لطول عهده بالدهن، والأمر: تفرق، وعبث به: لعب، وغرث: جاع، ولَبِث: مكث، ولهث: عطش، وأرج الطيب: توهج، وحرج: أثم، وصدره: ضاق، ولجج السيف في غمده: نشب، ولزج الشيء: تمطط، ولهج بذكره: ثابر عليه، ونضج اللحم، والثمرة: أدركت، وبرح عن مكانه: زال، ولم يبرح: لم يزل، وبرح الخفاء: ظهر المخفي،

وربح في تجارته، ولقحت الناقة، ومرح: أشر، وجرد المكان فهو أجرد لا نبات به، ، وجهد عيشه: نكد وضاق، وسعد ، وسهد: أرق وصعد في السلم صعوداً. ولم يسمع صعد في الجبل، بل صعّد فيه تصعيداً، وعهد إليه: أوصى، ونفد الشيء: فني، ونكد عيشه: ضاق، وأثر على أصحابه: استأثر عليهم بشيء، وبطر النعمة: كفرها، وحَصِر صدره: ضاق، ولسانه: عيي فلم ينطق، وسخر منه وبه: هزأ به، وسكر وسَهِر: لم ينم ليلاً، وشكرت الناقة: امتلأت ضرعها، والدابة: سمنت، وضجر: تبرم، وظفر به: أدركه، وقفر طعامه صار قفاراً: أي لا أدم له، وكبر الرجل: أسن، ومذرت البيضة فسدت، وهذر في كلامه: أكثر من اللغو وخثر اللحم: تغير، وعرت الشيء: غلظ، وأيس: قنط، وبئس: اشتدت حاجته، وحمس المكان: صلب، والرجل: اشتد في دينه، ودنس: اتسخ، وسلس: سهل وانقاد، وشرس: ساء خلقه، وعبس الوسخ به: يبس، ولقست نفسه: غثت، ومرست البكرة: نشبت فيها المرسة، وهي الحبل بينها وبين القغو، وندس الرجل فهو ندس: أي سريع الفهم سريع السمع، ونفس بالشيء: ضن به، ونفس عليه نفاسة: حسده ونُفست المرأة: ولدت وحاضت. ودهش: تحير، وكرش جلده: انجمع وانقبض، ورمضت قدمه: احترقت في الرمضاء، وغلط في الحساب وغيره، وقيل الغلط خاص بالمنطق، وفي الحساب غَلِت بالمثناة، ومشطت كفه: غلظت من العمل، ونشط ضد كسل، ونعظ، وبشع فهو بَشِعَ كريه الطعم، وترع الإناء: امتلأ، وجَزِعَ: قلق، وذرع: أعيي من المشي، وشبع، وطمع في الشيء طمعاً، وفزع إليه: لجأ، ومنه: خاف، وقنع، وهلع: اشتد الحرص والجزع، وأزف: قّرُب، وأسف: حزن وغضب، وأنف منه: تكبر، وشرف الطريق: أخطأه، وشنف عليه: تكبر، وعنه: أعرض، وصلف الرجل: جاوز قدر الظرف، وأرق: سهر، وتئق السقاء: امتلأ، وشبق: اشتدت غلمته، وشرق بريقه: غص، وصعق: غشى عليه، وعبق به الطيب: لزق، وعرق: رشح، وغدق الماء: غزر، وعرق فيه، وقرق منه: فزع، وقلق: انزعج، ولَحِق به، ولزق ولسق ولصق بمعنى، ومَلِق: تودد، وسهك: بدت منه رائحة كريهة كرائحة السمك واللحم الخنز، وضحك ، وأجل الشيء: تأخر ، وتفلت رائحته: تغيرت لطول عهده بالغسل، وثمل: سكر، وحبلت المرأة: حملت، وخَشِل الثوب: بَلِى، وخَصِل: ندي، وخَطِل في كلامه: أخطأ، ودَخِل: غش ومكر، ومثله دغل، ودمل: برئ جرحه، ورجل فهو راجل؛ إذا لك يكن له ظهر يركبه، ورَسِل الشعر فهو رَسْل غير جعد، وشَكِل الأمر: التبس، وضحل صوته: فيه جهارة مع بحح، وعَجِل، وعطلت المرأة فهي عاطل: لا حلى عليها، وفشل: ضعف، وكسل وكحل ، ونجلت عينه: اتسعت، ونغل الأديم: فسد في الدباغ، وأثم وألم وبرم به: ضجر، وبشم: تخم، ودرم الكعب: أراه اللحم، والبعير: ذهبت أسنانه، وزرم: انقطع كلامه، وسلم وشبم الماء: برد، وضرمت النار: اشتعلت، وقرم إلى اللحم: اشتهاه، ولحم الشيء في الشيء: نشب وندم ونهم: أفرطت شهوته، وأَحِن: حقد وغضب، وأذن به: علم، وأَذِن له فيه: بالكسر: أباحه له، وأَذِن إليه أَذَناً: استمع، وأفن: ضعف عقله، وأَمِن، وحزن، ودَرِن الثوب: اتسخ، وذعن له: خضع وانقاد، وزمن: طال سقمه، وسمن، وضغِن: حقد ولَخِن السقاء وغيره فهو لَخِن: أنتن، ولَسِن: فصح، ولكن: ضده، وبله فهو أبله، وهو الغافل عن الشر، أو من غلبت عليه سلامة الصدر، وتفه الشيء فهو تافه أي حقير، وشره: اشتد حرصه، وكمه: عَمِى، أو خاص لمن يولد أعمى. 

فهذه نحو مائة وسبعون مثالاً كلها على فَعِل بالكسر لازماً.

ومثاله متعدياً: ركبه ركوباً وشربه شرباً مثلثاً، وصَحِبه صُحْبة بالضم، وقَرِبه قِرْباناً بالكسر: دنا منه، وحَمِده حمداً، وزرد اللقمة: بلعها، وشهده شهوداً: حضره، وحقره حَقارة: استحقره، ونذره: علمه

فحذره، ونكره: جهله: كاستنكره، ولبس الثوب لبُساً بالضم، ولحسه بلسانه، وحفظه حِفظاً بالكسر: حرسه، وبلعه: سرطه كابتلعه، وتبعه: لحقه كاتّبعه مشدداً، وسَمِعه سَمعاً بالفتح والكسر، ووسعه يسعه، وألف الشيء وعلقه ولعقه: أخذه بأصابعه فلحسه، وفركها وفركته فِركاً، وهو البغض، وثكله ثُكلاً بالضم: عدمه، وجَهله جَهلاً بالفتح، ورحمه رحمة، وسئمه: مله، وطعمه طُعماً بالضم: ذاقه، وطَمعاً بالفتح: أكله، وعدمه عُدماً بالضم وعَدَماً محركاً، وعلمه عِلماً بالكسر، وغنمه غُنماً بالضم، وفهمه فهماً، وقضمه: أكله بأطراف أسنانه، أو اليابس، وعكسه: الخضم ولزمه لزوماً، ولقمه لقماً بالفتح، وزكنه: فهمه، وضمنه وبه ضماناً، ويقنه يقناً ويقيناً: تحققه كأيقن به، وفقهه فقهاً بالكسر فهمه فهو فقيه، وكرهه كراهة. فهذه نحو أربعين مثالا .

تنبيهان الأول: قال في التسهيل: "ولزوم فعل المكسور أكثر من تعديه، ولذا غلب وضعه للنعوت اللازمة وللأعراض والألوان وكبر الأعضاء، ويطاوع فَعَل كثيرا"

والنعوت اللازمة: أي القائمة بفاعلها، التي كان من حقها أن يكون فعلها فعُل بالضم، نحو: ذرب لسانه فهو ذرب: حديد، وشنب ثغره، وبلج: إذا لم يكن بين حاجبيه شعر. 

وأما الأعراض ومنها الأمراض فنحو: جرب وعطب وعرج إذا كان ذلك خلقة، وعوج، وجهر: لا يبصر في الشمس، وخزرت عينه: صغرت، وخفرت الجارية فهي خفرة: شديدة الحياء، ودعر: خبُث وفَجَر، وشتر: إذا كان جفن عينيه متعلقاً أو شفته العليا مشقوقة، وصعر خده صعرا وهو اعوجاج في الوجه، وعجر الشيء: غلظ فهو أعجر، وخرس لسانه، وشوش: نظر بمؤخر عينيه تكبراً، وفطس أنفه: إذا انفرشت قصبته، وطرش: صمم، وعمش فهو أعمش: ضعيف البصر مع سيلان الدمع غالباً، ونمش وجهه نمشاً وهو نقط سود وبيض فيه تخالف لونه، وبرص ورمصت عينه، وهو وسخ أبيض يجتمع في الموق، وغمضت سال رمصها، وغمصت سال رمصها، وحبط البعير: انتفخت بطنه مع احتباس الخارج، وصلع وقرع رأسه سقط شعره، ولثغ لسانه: أبدل حرفاً بحرف، وترف بدنه: نعم، وتلف ودنف: لازمه المرض، وذلف أنفه: صغر، ونغف البعير: كثر نغفه لدود يخرج من أنفه، وجذل: فرح وخجل: دهش، وثرمت سنه: انكسرت من أصلها، وحشم: غضب، وحشم الرجل: من يغضب لأجلهم، وخشم أنفه: تغيرت رائحته، وسدم وغلم: اشتدت شهوته وهرم وجبن: عظمت بطنه لداء يسمى الجبن، وجله: انحسر شعره عن مقدم رأسه. فهذه خمسة وأربعون مثالاً. 

وأما الألوان فنحو: صهب لونه صهبة، وهي كالشقرة خاصة بالشعر، وغرب: أسود، وبغث: رقط، وبرجت عينه: أن يكون بياضها محدقاً بسوادها، ودَعِج وهو شده سواد العين مع سعتها، وسَوِد وحَمِر وخَضِر الزرع وغيره وصَفِر وعفر الظبي عفرة وهي حمرة تعلو بياضه، وغبر وغدر الليل أظلم وقَمِر لونه: بياض يضرب إلى الخضرة، ومغر وجهه: احمر، ونمر لونه: فيه نقط بيض ونقط سود، ودبس دبسة بين السواد والحمرة، وغبس لونه: بياض يضرب إلى السواد، وشمط رأسه: خالط سواده بياض الشيب وبقع الطائر وهو في الطير كالبلق في الدواب، وزرقت عينه ، وحلك: أسود، وشهلت عينه شهلة: أقل من الزرقة وأحسن، ودسم دسمة، وهي غبرة إلى السواد. وسحم: أسود، ومثله: شخم وصحم صحمة: سواد يضرب إلى صغرة، وظلم الليل، وعصم الظبي والوعل: في ذراعيه بياض دون سائره، وغثم لونه: غلب بياضه السواد، وغسم: غلب سواده البياض، وقتم: وهي الغبرة، والقَتام: الغبار، ودَجِن اليوم: أطبق على غيمه، والليل: أظلم، والرجل: أسود لونه شديداً ودكن فهو أدكن: أحمر يضرب إلى السواد، ومرهت عينه: ابيضت لترك الكحل، ولونه: بياض لا يخالطه شيء. 

فهذه نحو ثلاثين لوناً، وسيأتي تمام أربعين.   

وأما كبر الأعضاء فهو مما ليس مادة أصلية، كما سبق في الرباعي، فلك في هذا النوع في كل الأعضاء الثلاثية كرقب: عظمت رقبته، وكبد، وعجزت المرأة: كبرت عجيزتها، وطحل، وعضل الرجل عظمت عضلة ساقه، وأذن وعين ولسن وشفه، 

وأما مطاوعته لفعل المفتوح، والمطاوعة: حصول فعل فاصر عن أثر فعل آخر متعد، نحو كسرته فكسر أي انكسر، وعقرته فعقر، وهدمته فهدم، وثلمته فثلم. وذلك كثير جداً، ومعرفته متوقفة على معرفة مواد فعل المفتوح الآتي .

الثاني: التسهيل: "وقد يشارك فعُل" أي في فعل واحد بمعنى واحد، فيكون في ماض ذلك الفعل لغتان: فَعُل بالضم، وفَعِل بالكسر؛ لإشتراكهما في الدلالة على النعوت اللازمة، وذلك نحو: نَهِى اللحم ونهو: لم ينضج، ووبئت الأرض ووبؤت، وهنئ الشيء وهنؤ، ورَحِب المكان ورَحُب: اتسع، وَرطِب الشيء ورَطُب، وشسب النبت وشسب: يبس وضمر، وشَهِب وشَهُب، ومثله: كهب لونه وزهر لونه: ابْيَضّ، وسمر: بين البياض والسواد، وشقر: احمر في مغرة، وبلق فهو أبلق: أسود يخالطه بياض، وأدم وهو من الإبل: الأبيض يضرب إلى سواد، ومن الناس: الأسمر فهذه سبعة ألوان فيها لغتان.

 وقد سبق كمت الفرس وفحم الشعر على فعُل بالضم. فالألوان كلها نحو أربعين لونا .

وكذا صَلِب وصَلِب، وبعد، وبَلِد وبَلُد ورَغِد ورَغُد: اتسع وشَهِد وشَهُد: حضر، وبَصِر به وبَصُر، وحَصِرت الناقة وحَصُرت: ضاق إحليلها، وعسر: ضد سهل، وفَقِر وفَقُر ، ورَجِس ورَجُس: عمل القبيح، ونَجِس ونَجُس، ونَحِس ونَحُس: ضد سعد، وحَرِض وحَرُض: طال سقمه، وسَبِط الشعر وسَبُط ، وسَلِط لسانه وسَلُط: طال، ويَقِظ الرجل ويَقُظ: نبه، ومن النوم، وتَلِع عنقه وتَلُع طالت، وثَقِف الرجل وثَقُف فهو ثَقِف وثقيف: حاذق خفيف، وحَنِف في مشيه وحَنُف فهو أحنف، وهو أن يمشي على ظهر قدميه، وخرق الشيخ وخرف: فسد عقله، وعَجِف وعَجُف فهو أعجف: هزيل، وقَشِف وقَشُف قشافة، وهي رثاثة الهيئة وسوء الحال. ونَحِف جسمه ونَحُف: دق، وعَمِق الفج وعَمُق: بعد قعره، وبخِل بماله وبخُل، وجثِل شعره وجثُل: كثر والتف، ورذِل ورذُل: خسس، وكذا فسِل وفسُل وشثِلت أصابعه وشثُلت: أي غلظت، وكذا شثنت بالنون، وحرم الصوم والصلاة على المرأة وحرم، وسَقِم وسَقُم: مرض، ولحِم جسده ولحُم: كثر لحمه، وشجِن وشجُن: حزن، ويمِن ويمُن فهو أيمن وميمون: مبارك، وسفِه وسفُه، وفقِه وفقُه .

فهذه نحو خمسين مثالا، وبها يصير مجموع الأمثلة لفعِل المكسور نحو ثلثمائة وخمسين، 

وسيأتي في الحلقى المشارك كفرح ومنع، وكذا لغير الحلقى كفرح ونصر، وفرح وضرب.

وأما فَعَل المفتوح فينقسم إلى: ما قياس مضارعه الكسر، وهو أربعة أنواع: ما فاؤه واو كوعد، ما عينه أو لامه ياء كباع ورمى، والمضاعف اللازم كحن، وما قياس مضارعه الضم، وهو أيضاً أربعة أنواع: المضاعف المعدى كمده، وما عينه أو لامه واو كقال ودعا، وما لغلبة المفاخر، كسابقني فأنا أسبقه، ما قياس مضارعه الفتح، وهو ما عينه أو لامه حرف حلق، كسأل ومنع، وما اشتهر بالضم كنصر أو بالكسر كضرب، وما جاء بهما كعتله يعتِله ويعتُله،

وستاتي الأمثلة مفرقة على هذه الأقسام بأنواعها إن شاء الله .

تنبيهان الأول: التسهيل: لفعَل تعد ولزوم أي يكثر فيه الأمران؛ لأنه لما كان أخف الأبنية وضعوه للنعوت اللازمة والأعراض والأمراض والألوان التي ذكرناها في فعِل وفعُل، ولسائر ما قصدوا الدلالة عليه من المعاني التي لا تنضبط كثرة. قال ومن معانيه: غلبة المقابل أي بالموحدة، نحو كاتبني فكتبته. قال: والنيابة عن فعل المضموم في المضاعف، أي لما سبق أنه لم يرد مضاعفاً نحو: جل قدره وعز وشح فهو جليل وعزيز وشحيح، ومثل هذه من النعوت اللازمة كان لها من حقها أن تكون على فعُل بالضم. قال وعن اليائي العين؛ أي لما سبق أنه لم يرد يائي العين نحو طاب، ولان وبان . فهذه أيضاً كان حقها أن تكون على فعُل بالضم، قال: "واطرد بناؤه من أسماء الأعيان لإصابتها أو إنالتها أو عمل بها" وهذا لا مادة له أصلية، كما سبق، وإنما يصاغ من أسماء الأعيان الثلاثية لما ذكره من المقاصد؛ فمثاله لإصابتها: رأسه: أصاب رأسه، وجلده: أصاب جلده، وعانه: أصاب عينه، وهكذا، ومثاله لإنالتها: لحمه وشحمه ولبنه وه، أي أطعمه لحماً وشحماً ولبناً واً، ومثاله للعمل بها، وذلك من الآلات، نحو: رمحه بالرمح، وسهمه بالسهم، وعصاه بالعصا، وهكذا. قال: "وقد يصاغ لعملها" أي اتخاذها، نحو: جدر جداراً، وبأر بئراً، ونهر نهراً، قال: أو عمل لها، أي للدلالة على عمل صادر منها؛ نحو: كلبه الكلب، وسبعه السبع، قال: أو أخذ منها، نحو: عشر المال وربعه ونصفه. 

قال: "ومن معاني فعَل: الجمع والتفريق، والإعطاء والمنع، والامتناع والإيذاء، والغلبة والدفع، والتحويل والتحول، والاستقرار والسير، والستر والتجريد، والرمي والإصلاح والتصويت" ومثال الجمع: حشد وحشر، والتفريق: بدر وقسم والإعطا: منح ونحل، والمنع: حبس ومنع، أبى وشرد، والإيذاء: لسغ ولدغ، والغلبة: قهر وملك، والدرء والدفع: درأ ودفع، والتحويل: نقله وجرفه، والتحول: ذهب ورحل، والاستقرار: سكن وثوى، والسير: ذمل ودرج، والستر: حجبه وخبأه، والتجريد: سلخه وقشره، والرمي: قذفه وحذفه، والإصلاح: غزل ونسج، والتصويت: بكى وصرخ. فهذه من بعض معاني فعل المفتوح، وهو الثالث من أبنية الثلاثي .

الثاني: قد يشترك فعُل وفعِل وفعَل فيصير الفعل الواحد مثلث الماضي، نحو نقب عليهم، صار نقيباً، ورفث في كلامه: أفحش، وعند عن الطريق: مال، وأمر عليهم، وخثر اللبن: ثخن، وعثر الماشي عثاراً: كبار، وعمر المال: صار عامراً، وقذر الشيء، وكدر ومضر اللبن: حمض، ونضر وجهه نضرة: نعم وأنس به، وخمص بطنه: ضمر، وقنط: أيس ورفق به، وسفل، وكمل، وعقم، وسيأتي في الحلقي أمثلة منه .

تتمة: كان للفعل الرباعي بناء واحد وهو فعلل لأنهم التزموا فيه الفتحات طلباً للخفة . لكن لما لم يكن في كلامهم أربع حركات متوالية في كلمة واحدة سكنوا حرفاً منه، وخصوا ثانية، لأن الأول لا يكون إلا متحركاً، وآخر الماضي مبني على الفتح، وصار أولى من الثالث، لأن الرابع قد يسكن عند اتصال تاء الفاعل أو نونه بالفعل؛ كدحرجت، فيلزم التقاء الساكنين.

وإنما كان للفعل الثلاثي ثلاثة أبنية؛ لوجوب فتح أوله وآخره وبقيت عينه: لا يجوز أن تكون ساكنة؛ لئلا يلتقي ساكنان عند اتصال تاء الفاعل أو نونه، كضربت: فصارت متحركة بالحركات الثلاث.

وإنما لم ينقض بناء الفعل عن ثلاثة أحرف؛ لأن الأصل في كل كلمة أن تكون كذلك على ثلاثة أحرف: حرف يبتدأ به، وحرف يوقف عليه، وحر يكون واسطة بينهما، إذ يجب أن يكون المبتدأ به متحركا والموقوف عليه ساكنا. وإنما لم يكن الفعل المجرد سداسياً؛ لئلا يتوهم أنه كلمتان، ولا خماسياً؛ لأنه قد يتصل به تاء الفاعل أو نونه فيصير كالجزء منه، ولهذا يجب أن يسكن له آخر الفعل، وجاء بناء الاسم المجرد ثلاثياً ورباعياً وخماسياً أيضاً؛ لعدم اتصال الضمير المذكور به، ولم يأت سداسياً لما ذكرناه، ثم لما كان بناء الفعل الرباعي ثقيلاً بالنسبة إلى الثلاثي كانت مواده أقل، والثلاثي المضموم أثقل من المكسور فمواده أقل منه: والمكسور أثقل من المفتوح فمواده أقل منه أيضا .

تصاريف الفعل المجرد 

وهي اختلاف حال مضارعه بضم أو كسر أو فتح، وبدأ بمضارع فعُل المضموم ثم المكسور لقلة الكلام عليهما، فقال:

فالضم ومن فعُل ألزم في المضارع وافـتح موضوع الكسر في المبني من فَعِلا

أي: وألزم ضمة العين التي في فعُل المضموم في مضارعه أيضاً، فنقول في كرم: يكرم وفي شرف: يشرف، وهكذا سائر الأمثلة السابقة وغيرها. ولم يشذ من ذلك شيء أصلاً إلا ما جاء على تداخل اللغتين.

ثم قال: وافتح موضع الكسر وهو العين من فعل المكسور في المضارع المبني منه، فنقول في فرح؛ يفرَح وفي سمع: يسمَع وهكذا،

هذا هو الأصل فيه، وقد شذت منه أفعال محصورة جاء في مضارعها الكسر وهي ضربان: ضرب جاء مع الكسرة فيه الفتح أيضاً الذي هو الأصل، وضرب انفرد فيه الكسر على الشذوذ.

وأشار للضرب الأول فقال:

وجهان فيه من أحسب مع وغرت وحرت أنعم بئست يئست أوله يبس وهلا

يعني أن في عين المضارع من الأفعال المذكورة وجهان: الفتح على القياس، والكسر على الشذوذ. وهي تسعة: الأول: حسب بمعنى ظن يحسَب على القياس ويحسِب على الشذوذ وهو أفصح؛ لأنه لغة أهل الحجاز، وبهما قرئ، والفتح قراءة ابن عامر وحمزة وعاصم. الثاني: وغر صدره يغر ويوغر: توقد غيظا. الثالث: وحر صدره يحر ويوحر: امتلأ من الحقد. الرابع: نعم ينعم نعمة؛ بفتح النون، وهو التنعم وحسن الحال. والخامس: بئس يبأس ويبئِس: ساءت حاله. السادس: يئس يبئس وييأس: انقطع رجاؤه، والفتح أفصح، وعليه أجمع القراء نحو {وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الكَافِرُونَ} السابع: وله يله ويوله: إذا كان يفقد عقله لفقد محبوب من أهل أو مال. الثامن: يبس الشجر ونحوه ييبس وييبس: ذهبت رطوبته. التاسع: وهل الرجل يهل ويؤهل: فزع، ووهل أيضاً عن الشيء: نسيه.

وأشار للضرب الثاني فقال:

(وأفرد الكسر فيما من ورث وولى ... ورم ورعت ومقت مع وفقت حلا)

(وثقت مع وري المخ احوها )

أي: وأفرد الكسر على الشذوذ في المضارع المبني من الأفعال المذكورة، وهي ثمانية: الأول: ورث المال يرثه. الثاني: ولى الأمر يليه، ويقال أيضاً: ولي منه ووليه وليا أي: قرب. والثالث: ورم الجرح ونحوه يرم انتفخ، وورم أنفه إذا تكبر وغضب. الرابع: ورع الرجل عن الشبهات يرع: عف عنها. الخامس: ومق يمقه: أحبه. السادس: وفق الفرس يفق: حسن. كذا قال بدر الدين ابن مالك تبعاً لوالده في شرح التسهيل. ولم يذكر ذلك في الصحاح ولا في القاموس، وإنما قالا ووفقت أمرك تفقه بالكسر فيهما؛ أي صادفته موافقاً. السابع: وثق به يثق: أئتمنه واعتمد عليه. الثامن: وري المخ فيه يري: اكتنز، وهو من علامة السمن، يقال أيضا وري الإبل سمنت، وإنما قيده بالمخ ليحترز به من وري الزند: خرجت ناره، فالأصل فيه وري الزند يرَى كرضى يرضى على القياس، وفيه لغة ثانية: ورى الزند بالفتح يرِي

بالكسر كرمى يرمي، وذلك أيضاً جار على القياس، لكنه من أمثلة فعل المفتوح، وربما ركبوا من اللغتين لغة ثالثة فقالوا، وري الزند يرى بالكسر فيهما كوري المخ. وهذه ليست بلغة مستقلة؛ وإنما وردت على تداخل اللغتين، ولذا لم يحتج الناظم لاستثنائها 

تنبيهان الأول: قوله أحسب وأنعم وأوله: صيغ أمر، وهي تدل على وزن مضارع: لأن الأمر مقتضب منه فيجوز فيها الفتح والكسر تبعاً لمضارعها، لكن يتعين فتح أوله لمجيئه على لغة الفتح، وإنما يقال على لغة الكسر: له كقة، وقوله: وغرت وحرت إلى آخرها، بتعدادها من غير حرف العطف؛ هو على تقدير العطف، وذلك جائز لضرورة الشعر إتفاقاً، وكذا في السعة إذا دل عليه دليل، على ما اختاره في التسهيل تبعاً لأبي علي وابن عصفور، وجعلوا منه قوله صلى الله عليه وسلم "تصدق رجل من ديناره من درهمه". الحديث "ويكتب له نصفها ثلثها ربعها" الحديث، يعني الصلاة. فالأول حذفت فيه الواو، والثاني حذفت فيه أو. 

وقوله: ورث وولى وورم: أفعال ماضية، وإنما سكن أواخرها للضرورة، احوها: احفظها، ولا تقس عليها. وحلا: حفظناه بضم الحاء المهملة، فيجوز أن يكون مصدراً منصوباً بوفقت إن كان وفق بمعنى حسن؛ أي مع قولهم حسنت حسناً كقعدت جلوساً، ويجوز أن يكون جمع حلية وهي الصفة فيكون حالاً من الأفعال المذكورة، والتقدير حال كونها نعوتاً لمن قامت به؛ فإن جعلنا وفق بمعنى وجد فحلاً مفعول به؛ أي صادفت حلاً، وغن كان هو بالجيم بمعنى ظهر فهو صلة "ما" في قوله فيما من ورث.

الثاني: كلامه هنا وفِي التسهيل يوهم حصر المستثنى من الضربين وقد ظفرت بثلاثة أفعال من الضرب الأول نقل الوجهين فيها صاحب القاموس، وخمسة من الضرب الثاني نقل فيها انفراد الكسر على الشذوذ، أما الثلاثة فهي: ولغ الكلب يلغ كورث ويولغ كوجل، وفيه لغة أخرى كوهب يهب فيصير من فعل المفتوح لا من فعل المكسور. الثاني: وبق يبق ويوبق: هلك، وفيه لغة أخرى كوعد يعد فيكون من فعل المفتوح. الثالث: وحمت الحبلى تحم وتوحم: اشتهت مأكلاً. 

وأما الخمسة فهي: وجد به يجد، كورث: أحبه، وعليه: حزن حزناً شديداً. الثاني: وعق عليه يعق: عجل. الثالث: ورك يرك: اضطجع؛ كأنه وضع وركه على الأرض. الرابع: وكم يكم: اغتم واكترب. الخامس: وقه بالقاف يقه: سمع له وأطاع. 

فيصير المستثنى من الضرب الأول اثنى عشر، ومن الضرب الثاني ثلاثة عشر،فقلت ناظماً :

(فمثل يحسب ذي الوجهين من فعلا يلغ يبق تحم الحبلى اشتهت أكلاً)

(وخمسة كيرث بالكسر وهي وجد وقه له ووكم ورك وعق عجلاً)

مبحث في بيان أحكام عين المضارع من فعل المفتوح، وهو أربعة أقسام: ما قياسه الكسر، وما قياسه الضم، وما قياسه الفتح، وما قياسه الكسر والضم.

أما ما قياسه الكسر فهو أربعة أنواع: ما فاؤه واو كوعد، أو عينه أو لامه ياء كباع ورمى، والمضاعف اللازم كحن، وإليه بأنواعه أشار بقوله: (وأدم كسراً لعين مضارع يلي فعلاً)

(ذا الواو فاءً أو اليا عيناً أو كأتى كذا المضاعف لازماً كحن طلاً)

أي وأدم كسر عين المضارع الذي يلي فعل المفتوح في تصريفه، إذا قلت فعل يفعل الذي فاؤه واو أو عينه ياء أو لامه ياء، وهو الممثل له بأتي، وكذا المضاعف اللازم، واستغنى عن قيد فتح عينه؛ لتعينه بعد ذكر فعل المضموم وفعل المكسور للدلالة عليه بالأمثلة كأتى وحن. وذا الواو: نعت لفعل، وكذا قوله: او كأتى.

مثال النوع الأول، وهو ما فاؤه واو من فعل المفتوح: وثب يثب ووجب يجب ووقب الظلام يقب: دخل، والقمر: دخل في الكسوف، وولج يلج، ووهج الحر يهج، ووأد الموءودة يئدها، ووتد الوتد يتده: أثبته وكذا وطده يطده، ووجده يجده: أدركه، ووخد البعير يخد: أسرع، وورد الماء يرده ووعده يعده، ووفد إليه يفد، ووقد النار يقد، ووكد بالمكان يكد: ثبت، وولدت تلد، ووقذه يقذه: ضربه بالحجارة، ووتره يتره: نقصه، ووجره الدواء يجره، ، ووزر الشيء يزره: حمله، ووخزه يخزه كوكزه يكزه: طعنه، ووجس يجس: وقع في نفسه خوف من صوت سمعه، ووكس الشيء يكس: نقص، ووقص عنقه يقصها: كسرها، ووفض في سيره يفض: أسرع، وومض البرق يمض: لمع، ووخط عليه يخط: دخل مسرعاً، ووقظه يقطه: دقه، ووهطه يهطه: وطأه كوهده، ووشظ الفأس يشظها: ضيق خرقها بقطعة خشب، ووعظه يعظه، ووجف يجف: اضطرب وتحرك، وورف الظل يرف: طال، ووصفه يصفه، ووقف يقف، ووكف السقف يكف: قطر، ووسق يسق: حمل وجمع، ووعكه في التراب يعكه، ووعكته الحمى: مغثته، ووأل إليه يئل: لجأ، ووبلت السماء تبل: أمطرت مطراً شديداً ضخم القطر، ووصل الشيء بالشيء يصله ووصل إليه أيضاً، ووغل عليهم يغل فهو واغل: دخلـ ووكله إليه يكله: سلمه إليه، ووجم يجم: سكت على غيظه، ووسم يسم: رقمه، كوشمه يشمه بالمعجمة، ووصمه يصمه: عابه، والعود: صدعه، ووضم اللحم يضمه: جعل له وضما: ما يوقي به عن الأرض، وونم الذباب ينم: خرئ، ووثن يثن: دام ولم ينقطع، ووجن البوب القصار يجنه: دقه، ووزنه يزنه، ووضنه يضنه، نسجه، ووحي يحى: أسرع ووخاه يخيه: قصده، ووداه يديه: أعطى عنه الداية، ووسى رأسه يسيه: حلقه بالموسى وميمها زائدة، وعند الفراء أصلية ووزنها فُعْلى. ووشى الثوب يشيه: نقشه، ووشى به يشى: سعى ونم، ووصاه يصيه، وصله، ووعاه يعيه: حفظه وجمعه، ووفى بعهده يفي، ووقاه يقيه: صانه، ووكى القرية يكيها، وونى يني: فتر، ووهي يهي: ضعف. فهذه سبعون مثالاً.

تنبيه: صرح في التسهيل بأن سائر العرب غير بني عامر يلتزم كسر مضارع هذا النوع، ولم يستثن منه شيئاً، ولا شرط له شرطاً، وهو مقتضى النظم. وذلك عجيب منه؛ فإنه قد جاءت أفعال منه بالفتح، 

بل أنا أقول باشتراط كون لامه غير حرف حلق، فإني تتبعت مواده فوجدت حلقى اللام منه مفتوحاً، كوجأ التيس يجؤه: رض خصيته، وودعه يدعه: تركه، ووزعه يزعه: كفه، ووضعه يضعه، ووقع يقع، ووتغ رأسه يتغه: شدخه، وولع الكلب يلغ، ووبه له يبه: فطن، فهذه ثمانية، 

ولم أعثر على ما شذ من ذلك غير وضح الأمر يضح: ظهر. 

وأما حلقي العين منع فمكسور على إطلاق النظم والتسهيل، كما مثلنا به في وأد، ووخذ البعير، ووعد ووخز، ووخط، ووهطه، ووعظه، ووعكه، ووأل إليه، ووغل عليهم، ووحى، ووخاه، ووعاه، ووهى، وشذ: وهب له يهب. وعبارته في التسهيل توهم أن بني عامر لا يلتزمون كسر مضارع هذا النوع، ولم ينقل غيره عنهم الضم إلا في وجده يجده، على أنه في القاموس قال: "وجده يجده ويجده بالضم، ولا نظير له" ومقتضاه أنه لغة عامة عن سائر العرب.

ومثال النوع الثاني، وهو ما عينه ياء من فعل المفتوح: جاء يجيء، وفاء يفيء: رجع، وقاء يقيء، وخاب يخيب، ورابه الأمر يريبه، وشاب الرجل يشيب، وطاب الشيء يطيب، وعاب المتاع يعيب: صار ذا عيب، وعابه أيضاً يعيبه؛ لازم ومتعد، وغاب عنه يغيب، وبات يبيت، وراث يريث: أبطأ، وعاث يعيث: أفسد، وغاثهم الله يغيثهم: أمطرهم، وهاج الشيء يهيج: يبس، وتاح له الشيء يتيح: قدر، وزاح عنه الشك يزيح: ذهب، وساح الماء يسيح، وصاح يصيح، وشاخ يشيخ: أسن، وباد الشيء يبيد: هلك، وحاد عنه يحيد: مال، وزاد يزيد، وشاد بنيانه يشيد: رفعه أو جصصه، وصاد الطائر يصيده وفاد يفيده: ربح، وماد يميد: تحرك، وخار الله له يخير: قدر له الخير، وسار يسير، وصار يصير، وضاره يضيره، وطار يطير، وعار الفرس يعير: انطلق على وجهه، ومار أهله يميرهم: أنفق عليهم، وماز الشيء يميز: عزله، وخاس يخيس: نكث، وقاس الشيء يقيسه: قدره، وجاشت القدر تجيش: غلث، وراش سهمه يريشه، وطاش السهم يطيش: عدل. وعاش الرجل يعيش: عمر، وحاص عنه يحيص: عدل، وآض إليه يئيض أيضاً: عاد، وباضت الطائرة تبيض، وحاضت المرأة تحيض، وغاض الماء يغيض: نضب، وغاضه أيضاً، لازم متعد، وفاض يفيض: سال، وخاط الثوب يخيطه، وغاظه يغيظه: أغضبه. وباعه يبيعه، وذاع الخبر يذيع: انتشر، وشاع يشيع، وراع الزرع يريع: زاد ونما، وضاع يضيع: هلك، وزاغ عنه يزيغ: عدل، وحاف عليه يحيف: جار، وضافه يضيفه: نزل عليه ضيفاً فأضافه فأنزله، وعاف الشراب يعيفه: كرهه، وحاق بهم يحيق: أحاط، وضاق به يضيق، ولاق به يليق: علق، وسال الماء يسيل، وعال يعيل: افتقر، وقال يقيل، وكاله يكيله، ومال يميل، وهال الدقيق يهيله: صبه بلا كيل، ورام بمكانه يريم: أقام ولم يبرح، وشام البرق يشيمه: نظر أين يمطر سحابه، وضامه يضيمه: ظلمه، وعام إلى اللبن يعيم: اشتهاه، وغامت السماء تغيم، وهام على وجهه يهيم، وبان يبين: ظهر، وعن وطنه: فارقه، وحان وقته يحين، ودانه يدينه: جازاه، ودان له يدين: أطاع، وران الذنب على قلبه يرين: سوده، وغان عليه يغين: غطاه، وزانه يزينه: ضد شانه يشينه، ولان يلين، ومان يمين: كذب، وتاه يتيه: تكبر، وفي المفازة: تحير. فهذه ثمانون.

تنبيه: ذكر في التسهيل أن العرب جميعاً التزمت كسر مضارع هذا النوع ولم يشذ عنه شيء. فحينئذٍ يحمل نحو بات يبات، لغة في يبيت، على أن ماضي يبات فعل المكسور، كخاف يخاف، لا فعل المفتوح. وعكسه ناله ينيله، لغة في يناله.

ومثال النوع الثالث: وهو ما لامه ياء من فعل مفتوح: أتى يأتي، وأوى إليه يأوي: انضم، وبري السهم يبريه، وبكى يبكي، وبنى البيت يبنيه، وثنى الحبل يثنيه: عطفه، وثوى بالمكان يثوي: أقام، وجرى الماء وغيره يجري، وجزاه على عمله يجزيه، وعنه: قضى، والشيء: كفى، وجنى الذنب يجنيه، وحكى القول يحكيه، وحماه يحميه، وحواه يحويه: أحرزه، وخصى التيس يخصيه، وخفى الشيء يخفيه: أظهره، وأخفاه: ستره وأظهره، وخوى الشيء يخوي: خلا وداره يدريه: علمه، ورثى الميت يرثيه، وكذا رثى له يرثى: رق، ورقاه من الحية يرقيه، ورمى يرمي، وروى الحديث يرويه، وزرى عليه يزري: عابه، وزفاه الماء يزفيه: رفعه، وزنى يزني، وزراه عن وجهه يزويه: نجاه إلى جانب، وسباه يسبيه، وسدى الثوب يسديه: مد سداه لينسجه، وسرى يسري: سار عامة ليله، وسفت الريح التراب تسفيه: ذرته، وسقاه يسقيه وشراه يشريه: ملكه، وشراه أيضاً: باعه؛ من الأضداد. وشفاه الله يشفيه، وشوى اللحم يشويه، كصلاه يصليه، وطلا البعير يطليه، وطوى الصحيفة يطويها، وعصى يعصي، وعوى الذب يعوي، وغثث نفسه تغْثِي وغلت القدر تغلي، وغوى يغوي: ضد اهتدى، وفداه يفديه، وفرى يفريه: شقه وفلى رأيه يفيله، وقرى الضيف يقريه كأقراه، وقضى الأمر يقضيه، وقلى الحب يقليه، وكفاه شره يكفيه وكواه يكويه، ولواه يلويه، ومشى يمشي، ومضى يمضي، ومنى يمني، ونوى الأمر ينويه، وهجي الحروف يهجيها، وهداه الله يهديه، وهذى العليل يهذي، وهمى المطر يهمي: سال، وهوى يهوي. فهذه ستون، وقد سبق فيما فاؤه واو أمثلة من هذا النوع، وهي وحي وما بعده.

تنبيه: لم يشذ من هذا النوع إلا قولهم: أبى الشيء يأباه ولم يستثنه الناظم. ونقل في القاموس: فيه أبى الشيء يأبيه أيضاً بالكسر على الأصل، وقيد في التسهيل لزوم كسر هذا النوع بأن لا تكون عينه حلقية، وقد يرشد إليه في النظم تمثيله بأتى دون سعي، وكذا تمثيله فيما بعد لما اشتهر من الحلقي بكسره بيبغي، يدل على أن مراده "بأتى" ما لم تكن عينه حرف حلق، وهذا فيما لم يكن فاؤه واواً كوحي يحى، ووخاه يخيه، ووعاه يعيه، ووهى يهي، وذلك نحو: رأي يرى، ورعى يرعى، وسعى يسعى، ونأى عنه ينأى، ونهى عنه ينهى. وشذ بغاه يبغيه؛ أي طلبه، ونعى الميت ينعيه، أي ندبه. وذكر في التسهيل أيضاً أن التزام كسر هذا النوع لغة غير طئ من سائر العرب. ومفهومه أن طيئاً يفتحونه قياساً، ولم ينقل عنهم غيره إلا في قلاه يقليه: أبغضه.

ومثال النوع الرابع: وهو المضاعف اللازم من فعل المفتوح: تبت يده تتب: خسرت ودب على الأرض يدب، وغب اللحم يغب: بات، وفي ورده: ورد يوماً وترك يوماً، ورث الحبل يرث: بلى، وضج يضج: صرخ كعج يعج، وصح جسمه يصح، وكد في عمله يكد: باشره بشدة، وند البعير يند: شرد، وصر يصر: صرخ، وفر يفر: هرب، وقزت نفسه من أكل كذا تقز: نفرت، وكن عنه يكن: انقبض، وهزت الريح تهز: سمع لها دوى، وبض الماء يبض: قطر، وأط القتب يئط: صوت من ثقل الحمل. وغط النائم يغط، وحف شعره يحف: اغبر لبعد عهده بالدهن، وخف الشيء يخف، ودف إليه يدف: دب، وذف يذف: أسرع، كهف يهف، وشف الدرهم يشف: زاد، وشف أيضاً: نقص، من الأضداد، كطف الشيء يطف: زاد، وطف يطف: نقص، وعف الرجل عن المحارم يعف، وقف شعره يقف: قام من الفزع، وحق الأمر يحق: وجب، ودق يدق، ورق المملوك يرق، ونقت الضفدع تنق، ورك الثوب يرك: دق، وحل الشيء يحل: ضد حرم، والهدى: بلغ محله، وهو الموضع الذي يحل ذبحه فيه، والدين: بلغ أجله، والعذاب: حق، وذل يذل ذلا بالضم: ضد العز، وذلا بالكسر: ضد الصعوبة، وزل عن الطريق يزل: عدل، وصل الخزف يصل: صوت، وضل عن الطريق يضل: ضد اهتدى، وضل في الشيء: غاب، وقل الشيء يقل، وكل الميت يكل كلالة، ومن الشيء كلالاً: أعيا، والسيف كلولاً: لم يقطع، وتم الأمر يتم، وجم الماء يجم: اجتمع، وخم اللحم يخم: أنتن، ورم العظم يرم، وطم الأمر يطم: جاوز حده، وأن العليل يئن أنيناً، وحن إليه يحن: اشتاق، وعليه: عطف، وخن صوته يخن خنيناً: خرج من أنفه في بكاء أو ضحك، ورن يرن: صوت بنياحة أو غناء، وطن الطست يطن: صوت، وعن بلده: بعد فهذه خمسون. وسيأتي ما شذ منه


وأما القسم الثاني: وهو ما قياسه ضم عين مضارعه من فعل المفتوح، وهو أيضاً أربعة أنواع: المضاعف المعدى، وما عينه أو لامه واو، وما يدل على غلبة المفاخر، وأشار إلى النوع الأول منه فقال :(وضم عين معداه) 

أي وضم عين المضارع المعدى المضاعف من فعل المفتوح.  ومثاله: جبه يجبه: قطعه، وسبه يسبه: قطعه، وسبه أيضاً: شتمه، وصب الماء يصبه، وعبه يعبه: شربه من غير مص، وحت المني وغيره يحته: دلكه، وغته في الماء يغته كغطه يغطه، وفته يفته: كشره، وقت الحديث يقته: نمه، فهو قتات، ولت السويق يلته: عجنه، وبث الخبر يبثه: نشره، كنثه ينثه وحثه على الأمر يحثه، وبجه يبجه: وسعه، وحج البيت يحجه. وفج ما بين رجليه يفج: فتح، ومج الشراب يمجه، وصخ الصوت أذنه يصخها: أصمها، وبده يبده: قرقه كبدده، وجد الثمار بجدها: قطعها، كجذها وخذ الأرض يخذها: شقها، وردها يردها، وسد الثلمة: يسدها، وعده يعده وقده يقده: قطعه طولاً، ومده يمده: أطاله، والجيش: زاده وهد البناء يهده، وقذه يقذه: قطعه شزراً كما يبري القلم، وجره يجره، وزره يزره، وسره يسره، والمولود: قطع سره، وصره يصره، وغره يغره: خدعه، والطائر فرخه: زقّه بفيه، وفر الدابة يفرها: فتح فاها لينظر سنها، وأزه يؤزه: حركه كهزه يهزه، وبزه يبزه: سلبه، وجز الصوب يجزهن وحز اللحم يحزه: قطعه، وعزه يعزه: غلبه، ولزه يلزه: ألصقه، ومزه يمزه: مصه، وبس السويق يبسه: لته، والخبز: فته وفرقه، وجسه بيده يجسه: مسه، والأخبار: فحص عنها، وحس النار يحسها: ردها بالعصى، وحس البرد الكلا: حطمه، ودسه في التراب يدسه أخفاه، ولست البهيمة الكلأ تلسه: استأصله بفيها، وجش الحب يجشه: دقه، وحش النار يحشها: أوقدها، ورشه بالماء يرشه: بله، وغشه يغشه: خانه، وفش السقاء يفشه: أخرج ما فيه من الريح ومش يده بالمنديل يمشها: مسحها، وهش الورق لنغمه يهشه خبطه، وحص الشعر يحصه: حلقه، وخصه الشيء يخصه، ورصه يرصه: طرح بعضه فوق بعض، وفص الشيء من الشيء: خلصه، وقص أثره يقصه تبعه، والحديث: سرده، والظفر والصوف: قطعه، وحضه على الأمر يحضه: حثه، ورضه يرضه: دقه، وفضه يفضه: فتح ختمه، وقضه يقضه: كسره، وهضه يهضه: دقه، وبطه يبطه: شقه طولاً، وقطه يقطه: قطعه عرضاً، ولطه به يلطه: ألصقه، ومطه يمطه: مده، وكظه الأمر يكظه: كربه، ودعه يدعه دعاً: دفعه بعنف، وزف العروس يزفها، وسف الخوص يسفه: نسجه، وشفه الهم يشفه: هزله، وكف الثوب يكفه: خاطه ثانياً بعد الشل، ولفه يلفه: جمعه، ودقه يدقه، وعقه يعقه: شقه، ومق الطلعة يمقها: أستأصلها، والفصيل أمه: شرب ما في ضرعها كله، كذا مكة يمكه، وبك عنقه يبكها: دقها، وحكه يحكه، ودكه يدكه: سوى به الأرض. وسلك الباب يسكه: سمره، وصكه يصكه: ضربه، وفك الشيء من الشيء يفكه: خلصه، وبله بالماء يبله، وتله للجبين يتله: كبه لوجهه، ودله الطريق يدله، وسل السيف يسله، وشل الثوب يشله: خاطه قبل الكف، وفل السيف يفله، وأمه يؤمه: قصده، والقوم: صار بهم إماماً، وحم يحمه: أسخنه، وخم البئر يخمها: نقاها، وذمه يذمه، وسم الثلمة يسمها: سد سمها، وهو ثلمها، كصمها يصمها، وضم الشيء يضمه، وطم الحفرة يطمها: دفنها سوى بها الأرض كذممها يذمها، وعمهم يعمهم: شملهم، وغمه يغمه: كربه وضيق عليه، وقم البيت يقمه: كنسه، وكمه يكمه: ستره، ولم الشيء يلمه: جمعه، وسن يسن سنة: اتخذ طريقاً، والسكين: شحذها، والماء على وجهه: صبه من غير تفريق؛ فإن فرقه قيل شنه يشنه وظنه يظنه، وكنه يكنه: ستره، 

فهذه مائة وبضعة عشر مثالاً. وسيأتي ما شذ منه، وهو ستة.

وهذا هو القياس في المضاعف من فعل المفتوح؛ من كون اللازم منه مكسورا والمعدى منه مضموما وشذ من كل منهما أفعال، نبه عليها فقال: (ويندر ذا كسرٍ كما لازم ذا ضمٍ احتملا)

أي ويندر مجيء المعدى المضاعف مكسوراً. كما احتمل: أي يقل البناء اللازم ذا ضم. ثم إن النادر من كل من النوعين على ضربين: ضرب التزم فيه خلاف قياسه، وضرب فيه وجهان: القياس وخلاف القياس؛ فأما ما التزموا فيه خلاف القياس من المعدى فهو فعل واحد، أشارإليه بقوله: (فذوا التعدى بكسر حبه)

أي فندر مجيء المعدى بالكسر فقط في فعل واحد، وهو حبه يحبه، بفتح الياء وكسر الحاء لغة في أحبه يحبه. قال في الصحاح: ولا يأتي في المضاعف يفعل بالكسر إلا ويشركه يفعل بالضم إذا كان متعدياً، ما خلا هذا الحرف. وأما ما فيه وجهان من المعدى فأشار إليه بقوله:

( وع ذا وجهين: هر وشد عله عللا وبت قطعاً ونم)

أي واحفظ صاحب الوجهين من المعدى، وهي خمسة أفعال:

الأول: هر فلان الشيء يهره ويهره: كرهه، وهرت القوم الحرب كذلك. وأصله: هر الكلب يهر بالكسر لا غير: صوت من غير نباح.

وشده يشُده ويشِده: أوثقه. وأصله: شد الشيء في نفسه يشد، أي اشتد.

وعله الشرب يعُله ويعِله: سقاه عللا بعد نهل، وأصله: من علت الأرض تعل: كثر ماؤها، وبته يبُته ويبِته: قطعه. وأصله: من بت يبت؛ أي انقطع كأنبت. ولم يظهر لي وجه في تقييد الناظم له بقوله: "قطعاً"؛ إذ لا مشارك له. ونم الحديث ينُمه وينِمه: حمله وأفشاه. وأصله: من نم الحديث نفسه ينم: فشا.

تنبيه: أشار في الصحاح إلى أن الذي سهل مجيء الوجهين في هذه الأفعال: لزومها مرة وتعديها أخرى، وذكر فيه في مادة بته يبته: أنها أربعة، فلم يذكر مجيء الوجهين في هره، وحكاهما فيه في القاموس. وكلام الناظم يوهم الحصر في هذه الخمسة. وعبر في التسهيل بقوله: والتزم الضم في المضاعف المعدى غير المحفوظ كسره، لكنه لم يزد في شرحه على الخمسة. وقد ظفرت في القاموس بأربعة أفعال، وبعضها في الصحاح أيضاً مع ما سبق من حصر لها في الأربعة السابقة، وهي: نث الخبر بالنون ينُثه ويثِنه: أفشاه، وشج رأسه يشجه ويشجه، وأضه إلى كذا يؤضه ويئضه: ألجأه، وهذه الثلاثة في القاموس. ورمه يرمه ويرمه: أصلحه، وذكره بالوجهين أيضاً في الصحاح مع حصره السابق، وقد نظمتها فقلت:

(ومثل هر ينث شجه وكذا ... أضه رمه، أي أصلح العملا)

وأما ما ندر من المضاعف اللازم فهو كما سبق على ضربين: ضرب التزموا فيه الضم على خلاف قياسه، وضرب جاز فيه الوجهان. فإلى الضرب الأول منه أشار بقوله:

( واضممن مع   اللزوم في أمرر به، وجل مثل جلا)

(هبت وذرت وأج كر هم به وعم زم وسح مل؛ أي ذملا)

(وأل لمعا وصرخا شك أب وشد؛ أي عدا، شق خش غل؛ أي دخلا)

(وقش قوم عليه الليل جن ورش المزن طش وثل أصله ثللا)

(أي راث طل دم خب الحصان ونبت كم نخل وعست ناقة بخلا)

(قست كذا .. )

أي واضمم عين المضارع من المضاعف مع لزومه على خلاف قياسه في هذه الأفعال المكذكورة وهي ثمانية وعشرون.

مر به يمر، جل الوجل عن منزلة يجل: ارتحل عنه، مثل جلا عنه جلاء. وأما جل قدره يجل فبالكسر لا غيره، وعنه احترز بقوله: "مثل جلا" وهبت الريح تهب، وذرت الشمس تذر: فاض شعاعها على الأرض، وأجت النار والريح تؤج: سمع لها دوى، وكذا أج الظليم، وهو ذكر النعام يؤج، وكر على قرنه يكر: رجع، وهم بالأمر يهم به، وعم النبت يعم: طال، وغم النبت أيضاً قريب المعنى منه، وزم بأنفه يزم: تكبر، وأما زم البعير يزمه: خطمه بزمامه، وكذا زم متاعه: شده فمعدى، وسح المطر يسح: نزل بكثرة، ومل في سيره يمل: أسرع، كذمل في سيره ذميلاً، وقيده بذلك ليتحرز عن مل الخبزة؛ إذا أدخلها الملة وهي الرماد الحار، فإنه معدى، وأما مله، بمعنى ضجر منه، فمضارعه يمل بالفتح، لأنه من باب فعل المكسور. وأل السيف يؤل: لمع، وأل العليل أيضاً يؤل أليلا: صرخ، كذا صرح به الناظم هنا، وفي شرح التسهيل. لكن قال في القاموس: أل المريض والحزين يئل بالكسر، وأل يئل ويؤل: برق، فجعل الصرخ بالكسر لا غير على القياس؛ واللمع بوجهين، وفيه مخالفة لما ذكره الناظم من الوجهين.

وشك في الأمر يشك: تردد فيه، وأب الرجل يؤب: تهيأ للسفر، كذا ذكره الناظم تبعاً للجوهري، وقال في القاموس: أب يؤب ويئب، فجعله بوجهين. وشد الرجل يشد: عدا وقيده به ليحترز من شد المتاع يشده، وقد سبق أنه معدى وأن فيه وجهين. وشق عليه الأمر يشق: أضر به.

وخش في الشيء يخش: دخل، وغل فيه يغل: دخل، كما فسر الناظم، وقيده به ليحترز من غل المتاع يغله أي سرقه وأخفاه، فإنه المعدى.

وقش القوم يقشون: حسنت حالهم بعد بؤس. وجن عليه الليل يجن: أظلم، ورش المزن يرش: أمطر، وطش المزن أيضاً يطش: أمطر مطراً ضعيفاً دون الرش، كذا ذكره، ومفهوم الصحاح أنه مكسور على القياس؛ لأنه قال: طش المزن يطش، ولم ينبه على شذوذه كعادته فيما شذ. القاموس "طشت السماء تطُش وتطِش" فجعله بوجهين. وثل الفرس والحمار يثل: راث، وقيده؛ ليحترز من ثل التراب: صبه، ونبه على أن أصله "ثلل" بالفتح لا بالكسر، وإن كان من الأعراض. وطل دمه يطل: ضاع ولم يثأر به، والأكثر طل دمه يطل بالبناء للمفعول. وخب الحصان يخب: أسرع، وكذا خب النبات يخب: طال بسرعة. و"نبت" معطوف على الحصان، وكم كم النخل يكم: أطلع كمامه، وعست الناقة تعس: رعت وحدها ولذا قال: بخلا: وأصله المد فقصره ضرورة، ويجوز أن يريد بالخلا المقصور غير المهموز وهو الحشيش الرطب، والباء بمعنى من، وقست الناقة تقس كعست تعس، ولهذا قال كذا، فهذه ثمانية وعشرون فعلاً. وسبق الانتقاد عليه في ثلاثة منها: وهي أل وأب وطش.

تنبيهان الأول: كلامه هنا يوهم الحصر وعبر في التسهيل، بقوله: والتزم الكسر في المضاعف اللازم غير المحفوظ ضمه، لكنه لم يزد في شرحه على ما ذكر في النظم، وقد ظفرت في الصحاح والقاموس بأفعال من هذا الضرب نقلا فيها التزام الضم.

وهي ثمانية عشر فعلاً: مت إليه بقرابة ونحوها يمت: توسل. وثج الماء يثج: سال، وسج بطنه يسج: رق الخارج منه، وأح الرجل يؤح: سعل، وسخت الجرادة تسخ: غرست ذنبها لتبيض، وأد البعير يؤد: رجع الحنين في جوفه، وحد عليه يحد: غضب، وعر الظليم يعر: صاح، وحص الحمار يحص: ضرط وعدا وضم أذنيه ومصع بذنبه، ولطت الناقة بذنبها تلط: لصقته بين فخذيها، وكف بصره يكف: عمى، وكذا كفت الناقة: تآكلت أسنانها من الكبر، وبق في كلامه يبق: أكثر، وشق بصر الميت يشق: تبع روحه، ولا يقال شق الميت بصره، وعك يومنا يعك: اشتد حره مع سكون ريحه، وفك الرجل يفك: هرم، وأمت المرأة تؤم: صارت أماً، وغم يومنا يغم: اشتد حره،  وحن عنه يحن: صد وأعرض.

فهذه الثمانية عشر تلحق بالثمانية والعشرين ليصير المستثنى من هذا الضرب ستة وأربعين، نظمتها فقلت:

(ومع ثمانية عشر كمر به ... يمت شج وسج أح أي سعلاً)

(سخت وأد وحد عر حص ولطت ... ناقة كف شق طرفه فعلاً)

(وبق فك وعك اليوم غم ... وأمت أمنا حن عنه معرضاً كملاً)

الثاني: أشار في الصحاح إلى أن الضم لا يأتي في المضاعف اللازم إلا لملاحظة التعدية كما نبهنا على ذلك في الأمثلة الخمسة السابقة، وحينئذٍ ينبغي تعدية المستثنى للمحكوم عليه بالشذوذ، ففي عد الناظم من اللازم لنحو جل مثل جلا وهبت الريح، وذرت الشمس، وسخ المطر، وخش عليه وغل أي دخل فيهما، وجن الليل ورش المزن وثل أي راث، وكم النخل: إشكالٌ؛ 

فإنها وإن استعملت في مثل هذا التركيب لازمة أصلها التعدي من قولهم: جل البعير يجله: التقطه، وكأن القوم عند جلائهم التقطوا أمتعتهم، ثم حذفوا المفعول، لأنه فضلة. ومن هبه من النوم، وكأن الريح هبت الأشجار الساكنة: حركتها، ومن ذر الملح وغيره، وكأن الشمس ذرت شعاعها، ومن سححت الماء، ومن خش متاعه وغله: أخفاه وأدخله في شيء، ومن جنه الليل: ستره، ومن رش المكان: أبله، وكأن المزن رش الأرض، ومن ثل التراب: صبه، وكأن الحيوان ثل روثه، ومن كممت الشيء: سترته، 

فهذه العشرة أصلها التعدي، ثم طرأ عليها اللزوم في إسنادها إلى هذه الأشياء فاستصحب الضم فيها، والعجب أنهم عدوها من اللازم ولم يعدوا ذب عنه يذب: أي دفع، ونص له على كذا ينص؛ أي عينه له وأظهره، وغض من طرفه يغض، وكذا من صوته وقدره، وحط بالمكان يحط: نزل، وخط بالقلم يخط: كتب، وحف القوم به يحفون: أحدقوا، وصفوا يصفون: وقفوا صفوفاً، وعق عن وعده يعق، وحل بالمنزل يحل، ومن الله عليه يمن، ولا شك أن هذه العشرة مشهورة الاستعمال متداولة في مثل هذا الإسناد غير معداة فيه، وقد التزموا فيها الضم، ولكن أصلها التعدي من قولهم: ذب عنه الذباب يذبه، ونص الشيء: رفعه وغض طرفه، وحط رحله، وخط رسالته، وحفه يحفه، وصف قدميه، وعق العقيقة، وحل المنزل: نزله، ومن عليه النعمة: عدها وذكرها، ومنه: {وتلك نعمة تمنها علي} فحينئذ فإما أن تلحق هذه العشرة أيضاً بما ذكره الناظم من اللازم المضموم فتزاد على الثمانية والعشرين وعلى ما زدناه عليها، وإما أن تسقط العشرة التي انتقدنا على الناظم عدادها من اللازم، والمرجع في علوم العربية إلى النقل والإستقراء، والحافظ حجة على من لم يحفظ.

وأما الضرب الثاني: وهو ما جاء فيه وجهان من مضارع المضاعف اللازم فإليه أشار بقوله:

(وع وجهي صد أث وخر الصلد حدث وثرت جد من عملا)

(ترت وطرت ودرت جم شب حصا ن عن فحت وشذ شح أي بخلا)

(وشطت الدار نس الشيء حر نهارٌ)

أي وأحفظ الوجهين الجائزين في مضارع هذه الأفعال، وهي ثمانية عشر فعلاً:

صد عن الشيء يصُد ويصِد: أعرض، وكذا صد منه: ضج وضجر، والكسر على القياس والضم على الشذوذ، وبهما قرئ {إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} وأصله صده عن كذا؛ أي منعه يصده بالضم لا غير؛ لأنه معدى. وأث الشعر والنبات يؤث ويئث: كثر والتف وخر الحجر الصلد يخُر ويخِر: سقط من علو إلى أسفل، وكذا خر الإنسان لوجهه، والكسر أفصح، وعليه أجمع القراء، قال الله تعالى {يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا}، {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ} وحدت المرأة على زوجها تحُد وتحِد: تركت الزينة، وأصله حده: منعه، يحده بالضم لا غير، وكأنها منعت نفسها من الزينة وامتنعت، فالكسر باعتبار لزومه، والضم باعتبار تعديه. وثرت العين تثُر وتثِر: غزر دمعها، وكذا السحابة، وأصله: من ثر التراب يثره، مثل ذره يذره وثله أيضاً يثله؛ أي صبه؛ بالضم لا غير. وجد في عمله يجُد ويجِد: قصده بعزم وهمة، وأصله: جد الحبل وغيره: قطعه، يجده بالضم لا غير، وكأنه قطع كل شاغلٍ عنه. وترت يده وطرت وتتر، وتطُر وتطِر إذا بانت عند القطع، وكذا النواة من تحت المرضاخ، وأصله ترها يترها: أبانها، بالضم لا غير. ودرت باللبن تدُر وتدِر من قولهم: درها، والأكثر دررها بالتضعيف، أي استدر لبنها. وجم الماء بالجيم يجُم ويجِم: كثر واجتمع؛ من قولهم جمة بالضم لا غير، إذا جمعه، وشب الحصان يشُب ويشِب: مرح ونشط؛ من شب النار يشبها، إذا أوقدها بالضم لا غير، وأما شب الغلام يشب فبالكسر لا غير، ولهذا قيده بالحصان، وعن له الشيء يعُن ويعِن: عرض، وفحت الأفعى بالحاء المهملة والمعجمة أيضاً تفُح وتفِح: نفخت بفمها وصوتت، وشذ يشُذ ويشِذ: انفرد عن الجماعة. وشح بماله يشُح ويشِح: بخل به،  وشطت الدار تشُط وتشِط: بعدت، ونس اللحم وغيره بالسين المهملة والمعجمة ينُس وينِس: جف وذهبت رطوبته، وحر النهار يحُر ويحِر: حميت شمسه، وفيه لغة أخرى حر يحر بالفتح فيكون مثلثاً، لكنه من باب فعل بالكسر.

تنبيهان: الأول: كلامه أيضاً يوهم الحصر فيما استثناه، ولم يزد أيضاً في شرح التسهيل على ما ذكره في النظم، وقد ظفرت بأفعال من هذا الضرب نقل فيها الوجهين في القاموس، وبعضها في الصحاح أيضاً، وهي ثمانية: شت الأمر يشُت ويشِت: تفرق: أصله: شته والأكثر شتته بالتضعيف أي فرقه، وعرت الإبل تعُر وتعِر: سلحت، وقر يومنا يقُر ويقِر قراً بالضم؛ أي برد، وفيه لغة أخرى قر يقر بالفتح، فيكون مثلثاً كحر نهار، وأزت القدر تؤز وتئز: سمع لغليانها صوت، ورزت الجرادة بتقديم الراء ترُز وترِز: غرزت ذنبها لتبيض، من رزة يرزه، والأكثر رززه بالتضعيف: أثبته وأصت الناقة تؤُص وتئِص: اشتد لحمها وسمنت، وكع عن الشيء يكُع ويكِع: جبن وضعف؛ من كعه: كرهه، وخل لحمه يخُل ويخِل: هزل، من خله، والأكثر خلله: أفسده، وقد نظمتها فقلت:

(ومثل صد بوجهيه ثمانية ... عرت وشت وأز القدر حين غلا)

(قر النهار وأصت ناقةٌ، وكذا ... رز الجراد وكع خل أي هزلا)

فهذه الثمانية تلحق بالثمانية عشر ليصير المستثنى من هذا الضرب ستة وعشرين، وبها يصير مجموع أمثلة المضاعف اللازم مائة وبضعة وثلاثين.

الثاني: اعلم أن العلة في التزامهم ضم عين مضارع المضاعف المعدى أنه كثيراً ما يتصل به ضمير المفعول كمده يمده، فلو كسروا عينه، لزم الانتقال من كسرة إلى ضمة وهو ثقيل، ولهذا لم يشذ منه إلا حبه منفرداً، والخمسة المشروكة بالضمة التي ذكرها الناظم مع الأربعة التي زدناها، وانحصر المستثنى منه في عشرة. 

وأما المضاعف اللازم فإنما كسروا عينه فرقا بينه وبين المعدى مع أنه لا يلزم من ضمه ثقل، ولا يكاد يلتبس اللازم بالمعدى، فلهذا سهل ضمه على ألسنتهم، فكثر المضموم منه منفرداً أو مشروكاً كما سبق، بحيث بلغ المجموع اثنين وسبعين، لكن مهما أمكن تأويل الضم أنه باعتبار تعدية الفعل، كما فعلت ذلك في كثير من الأمثلة، ظهر وجهه للطالب.

الثالث: من المعلوم أن الكلام في المضاعف من فعل المفتوح، وقد سبق أن فعل المضموم لم يرد مضاعفاً إلا ما ذكرناه، من لببت يا رجل وذممت وفككت.

مبحث المضاعف من فعل المكسور 

وأما فعل المكسور فقد ورد مضاعفاً، ولم يحتج الناظم إلى ذكره، لأن مضارعه مفتوح أبداً؛ لازماً كان أو معدي، لكن ربما التبس على الطالب مضارعه بمضارع فعل المفتوح لاتحادهما في الماضي بحسب اللفظ، فاحتاج إلى معرفة الماضي بالنقل عن العرب. فمن أمثلته المشهورة: خب الرجل يخب بالفتح فهو خب بالفتح أيضاً، أي خادع، وصب يصب صبابة فهو صب؛ أي عاشق، وطب يطب: صار طبيباً. وفيه لغة أخرى يطب كنصر، ولج بالجيم في الخصومة يلج: تمادى فيها، وبح صوته يبح بالحاء، وود لو يفعل كذا يود، كذا وده يوده بمعنى أحبه، وبذ يبذ بذاذة: ساءت حاله، ولذ لي الشيء يلذ لذاذة، وبر الرجل يبر فهو بر بالفتح؛ أي طائع لله، والبر بالكسر: الطاعة؛ وكذا بر في يمينه يبر، وبر والده يبره، وحر العبد يحره حرية: أعتقه، وقر بالمكان يقر، وفيه لغة أخرى كضرب، ومثله: قرت عينه تقَر وتقِر بالفتح والكسر، ومر طعم الشيء يمر مرارة، وفيه لغة أخرى كنصر، ومسه بيده يمسه، وفيه لغة كنصر، وبش به يبش بشاشة: لقيه بطلاقة وجه، وهش له يهش: ارتاح، وفيه لغة كضرب، وغص بالطعام يغص. وكذا غص المجلس بأهله، ومص الشيء بلسانه يمصه وفيه لغة كنصر، وعض عليه بأضراسه يعض، ومضه السقم يمضه: أوجعه كأمضه، وفظ الرجل يفظ فظاظة: صار فظاً غليظاً، وسف الدواء يسفه، وشلت يده تشل شللاً، وظل نهاره يعمل كذا يظل، مل الشيء ومنه يمل: ضجر، وشم رائحته يشمها، وفيه لغة كنصر، ضن بالشيء يضن: بخل به، فهذه بضعة وعشرون. فإذا أريد التمييز بين ماضي هذه وماضي فعل المفتوح المضاعف أسند الفعل إلى تاء الفاعل أو نونه، فيجب حينئذٍ فك الإدغام نحو {فَإِنْ زَلَلْتُمْ}، {أَئِذَا ضَلَلْنَا} في المفتوح، وظللت أفعل كذا، وقررت به عيناً. ويجوز حينئذٍ حذف حرف الأول من المثلين، وهو عين الكلمة المكسورة في الماضي مع نقل كسرتها إلى فاء الكلمة أو إبقاء فتح الفاء، نحو طلت أفعل كذا أو ظلت أفعل بكسر الظاء وفتحها، والفتح أفصح، وعليه أجمع القراء في {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} 

انتهى حكم عين المضارع المضاعف من فعل المفتوح لازماً ومعدى،

والمضاعف المعدى هو النوع الاول من القسم الثاني : مما يلزم ضم عين مضارعه.  والنوع الثاني منه ما عينه أو لامه واو، 

وإليهما أشار بقوله:

( .. .. .. .. .. .. ... والمضارع من فعلت إن جعلا)

(عيناً له الواو أو لاماً يجاء به مضموم عين)

أي والمضارع من فعل المفتوح يجاء به مضموم العين إن جعل الواو عيناً له أو لاماً،

مثال ما عينه واو من فعل المفتوح: باء بكذا يبوء: رجع، وساءه يسوءه، وناء بحمله ينوء: نهض بجهد ومشقة، وآب يئوب، وثاب يثوب، وتاب يتوب: كلها بمعنى عاد ورجع، وجابه يجوبه: خرقه وقطعه، وحاب يحوب: أثم، وذاب السمن يذوب، وراب اللبن يروب، وصاب المطر يصوب: نزل بكثرة فهو صيب، وكذا صاب إلى جهة كذا: أي قصد، وكذا صابه يصوبه بمعنى: أصابه يصيبه. ولاب الطائر يلوب: حام حول الماء ليرده فلم يصله، وناب عنه ينوب: قام مقامه، وكذا نابه أمر؛ أي نزل به، وفاته الوقت يفوته، وقات عياله يقوتهم، ومات يموت، وماثه يموثه فانماث؛ أي أذابه وانذاب، كماشه يموشه أيضاً. وحاجه عن الطريق يحوجه: عوج به، وعاج عن الطريق يعوج: عطف على المكان، وماج يموج: اضطراب، ومنه موج البحر، وباح السر يبوح: ظهر، وباح به: أظهره، وفاح المسك يفوح، وكذا فاخ بالخاء المعجمة، وبالجيم أيضاً، ولاح البرق يلوح، وناحت النائحة تنوح، وباخت النار تبوخ: سكن لهبها، وداخ يدوخ: ذل، وساخت قوائمه في الأرض تسوخ: رسبت، وآده الأمر يئوده: شق عليه، وجاد يجود: سخا، وجود بالضم والفتح: صار جيداً؛ ضد الرديء، وذاد الأمر يذوده: كفه وطرده، وراده يروده: طلبه، وساد قومه يسودهم، وعاد يعود: رجع، والمريض: زاره، وقاده يقوده؛ من قدام، وساقه يسوقه من خلف وناد ينود: مال، وهاد إلى الحق يهود: رجع، وعاذ به يعوذ: التجأ، ولاذ به يلوذ: توارئ، وبار يبور: هلك، والسوق: كسد، وثار يثور: هاج، وجار عن القصد بحور: مال، وحار إليه يحور: رجع، وخار العجل يخور، ودار يدور كاستدار، وزاره يزروه، وشار العسل يشوره: استعجله واستخرجه من الخلية، وصاره يصوره: أماله، وصار أيضاً يصور: صاح، وغار الماء يغور: غاض، وغور الشيء: قعره، وفار الماء يفور: جاش، وقاره يقوره: أضاء كأنار واستنار، وهار البناء يهوره فانهار هدمه فانهدم، [وجاز يجوز: حل] وحازه يحوزه: حواه، ورازه ويزوره: حرره وقدره، وضازه حقه يضوزه: نقصه، وفاز به يفوز: ظفر، ومنه: نجا، وجاس خلال الديار يجوس: أي تردد بيبنها كحاس بالحاء يحوس، وداسه يدوسه: وطئه، وساس قومه يسوسهم: أدبهم، وعاس بالليل يعوس: طاف، وناس ينوس؛ أي تردد وتحرك وانعطف، وحاش الإبل يحوشها: ساقها وجمعها، وناشه ينوشه: رفعه وتناوله، والتناوش: التناول، وحاص الثوب يحوصه: خاطه، وفي المثل: إن دواء الشق أن تحوصه، وشاصه يشوصه: دلكه، وغاص في الماء يغوص، وماصه بالماء يموصه: غسله، وناص عنه ينوص: مال، وإليه: التجأ، وحاض الماء يحوض: جمعه، ومنه الحوض، وخاض الماء يخوضه: دخله، وراض المهر يروضه: أدبه، وعاضه الله يعوضه: أخلف عليه، وقاض البناء يقوضه: هدمه، وحاطه يحوطه: صانه كحوطه، وساطه يسوطه: ضربه بيده ليخلطه، وشاط الفرس يشوط جرى مرة إلى الغاية، وغاط في الشيء يغوط: دخل فيه حتى غاب، ولاط الشيء بالشيء ألصقه به. وناط به ينوط: علقه، وجاظ يجوظ: ساء خلقه، وشاظت النار تشوظ: التهبت، وباع الفرس يبوع: وسع خطوه، وجاع يجوع، وراع يروع؛ فزع، وراعه: أفزعه، لازم ومتعد، وزاعه يزوعه: حركه، وضاع المسك يضوع: فاح، وراغ الثعلب يروغ: مال، وساغ الشراب يسوغ: سهل مدخله، وصاغ الحلى يصوغه: هيأه على مثال، وداف المسك يدوفه: بله وخلطه، وسافه يسوفه: سحقه، وشافه يشوفه: جلاه، وطاف يطوف، وباقه يبوقه: خانه، وتاق إليه يتوق: اشتاق، وذاقه يذوقه: طعمه، وراقه يروقه: أعجبه، وساقه يسوقه، وعاقه يعوقه، وفاق أصحابه يفوقهم، وحاكه يحوكه، وداكه يدوكه: سحقه، كساكه يسوكه، ولاكه في فمه يلوكه: علكه، وآل إليه يئول: رجع وبال يبول وجال يجول: طاف، وحال بينهما يحول: حجز، وزال يزول، وشالت بذنبها تشول: رفعته كأشالته، وصال عليه يصول: سطا، وطال عليه يطول: علاه، وعال الميزان يعول، ويعيل أيضاً: مال، وغاله يغوله: أهلكه، وقال يقول: وحام الطير يحوم، ورامه يرومه: طلبه، كسامه يسومه، وصام يصوم: أمسك عن الطعام، والكلام أيضاً. وقام يقوم، ولامه يلومه، وخان يخون، وصانه يصونه، وكان يكون، ومانه يمونه: قام بكفايته. وهان يهون هوانا: سهل، وهواناً: ذل، وفاه يفوه: نطق. فهذه مائة وبضعة وثلاثون.

تنبيه: لا أثر لكون لام هذا النوع حرف حلق - وإن اقتضته عبارة التسهيل هنا، وإطلاقه في النظم فيما بعد، وقد ذكر الأمثلة السابقة جملة مما لامه حرف حلق، - كساءه يسوؤه، وباح بسره يبوح، وفاح المسك يفوح، وصاخ، وصاغ الحلى، وفاه يفوه، ولم أظفر بمثال منه مفتوح، وأما طاح يطوح ويطيح فالكسر باعتبار كون عينه ياء.

مثال ما لامه واو من فعل المفتوح: بدا يبدو: ظهر، وبذا عليهم يبذو: أفحش في كلام فهو بذيء، وتلاه يتلوه: تبعه، والقرآن قرأه، وجفاه يجفوه: هجره، وجلا السيف يجلوه: صقله، والعروس: أراها الناس، وحبا الصبي يحبو: مشى على بطنه، وحباه أيضاً يحبوه: أعطاه، وحدا الإبل يحدوها: غنى لها ليسوقها، وحذا حذوه: فعل مثل فعله، وحذاه: أعطاه، وحسا الماء يحسوه: شربه جرعاً، وحشا الوسادة يحشوها، وحنا عليه يحنو: عطف، وخبت النار تخبو: سكنت، وخطا يخطو: مشى، وخلا المكان يخلو، ودجا الليل يدجو: أظلم، ودنا يدنو دنواً: قرب، فهو دانٍ، وذراه يذروه؛ فرقه، وذكت النار تذكو: شعلت، وربا يربو: زاد، كنما ينمو، ورجاه يرجوه، ورسا يرسو، ورشاه يرشوه رشوة مثلثة؛ وهو الجعل، ورفا الثوب يرفوه: ألحمه، ورنا إليه يرنو: نظره، وزكى يزكو: زاد، وسجا يسجو: سكن، وسطا عليه يسطو، وسلا عنه يسلو: نسيه، وفيه لغة كرضي، وسما يسمو: ارتفع، كشبا يشبو. وشجاه يشجوه: أطربه وأحزنه؛ من الأضداد كأشجاه، وشدا يشدو: غنى، وشذا المسك يشذو: فاح، وصبا إليه يصبو: مال، وضحا الطريق يضحو: برز وصفا يصفو، وضفا الثوب يضفو: فاض، وطرا يطرو: حدث، وطفا على الماء يطفو: كعلا يعلو، وعدا يعدو: جرى، وعدواناً: ظلم كتعدى، وعداه: جاوزه، وعشا إلى ناره يعشو: قصدها من بعد، والبصر: أظلم، وعفا عنه يعفو: محا ذنبه، وغدا إليه يغدو، وغزا يغزو، وغفا يغفو: نام، وغلا يغلو: جاوز الحد، وفشا الخبر يفشو: انتشر، وقسا قلبه يقسو، وقفا الأثر يقفوه: تبعه، وكبا يكبو: عثر، وكساه يكسوه، ومكا بفمه يمكو: صفر، ونبا السيف ينبو: لم يقطع، ونجا بنفسه ينجو: خلص، ونزا عليه ينزو: وثب، وهجاه يهجوه: شتمه شعراً، وهفا يهفو: زل. فهذه ستون.

تنبيه: شرط في التسهيل للزوم الضم فيما لامه واو ألا يكون عينه حرف حلق، وهو أيضاً مقتضى إطلاق النظم فيما سيأتي في الحلقي، وكأنه لم يمعن النظر في ذلك، فإني تتبعت مواده فوجدت غالباً حلقي العين منه مضموماً ولم ينفرد بالفتح إلا في قليل منها، وجاءت مواد منه بالضم والفتح؛ فالمضموم نحو: ثغت الشاة تثغو: صوتت وحجا التراب يحجوه: جرفه، ودعا يدعو، ودهته الداهية تدهوه: أصابته، ورحوت الرحا أرحوها: ادرتها، وسخا بالشيء يسخو: جاد، وفيه لغة كرضي، ورغا البعير يرغو، وسها عنه يسهو، وشغت سنه تشغو: خالفت غيرها بزيادة أو خروج، وصحا الجو يصحو، ولحاه يلحوه: عذله، والشجرة: قشرها، ولخاه الدواء يلخوه: أسعطه إياه، ولغا الشيء يلغو: لم يعتد به ولها يلهو، ونخا ينخو: افتخر. 

فهذه خمسة عشر انفردت بالضم على القياس، 

ولم أظفر بما انفرد بالفتح سوى طحا الأرض يطحاها: بسطها، وطغى يطغى؛ وجاور القدر، وفيه لغة كرضي يرضى، وقحا التراب يقحاه: جرفه. فهذه ثلاثة. 

وجاء في أفعال الفتح والضم كدحا الأرض يدحوها ويدحاها: بسطها، وسحا التراب يسحوه ويسحاه: جرفه، وصغا إليه يصغو ويصغي: مال، وضحا للشمس يضحو ويضحى: برز، والأفصح: ضحي للشمس كرضي، وطها اللحم يطهوه ويطهاه: أنضجه طبخاً وشياً، ومحا الكتاب يمحوه ويمحاه، ونحا نحوه ينحو وينحى. 

فهذه سبعة، وبها يصير مجموع الأمثلة خمسة وثمانين.

ثم أشار إلى النوع الرابع مما يلزم ضم عين مضارعه بقوله:

( وهذا الحكم قد بذلا)

(لما لبذ مفاخرٍ، وليس له ... داعي لزوم انكسار العين نحو قلا)

أي هذا الحكم، وهو ضم عين المضارع من فعل المفتوح لما لبذ المفاخر أي لغلبته. وفي نسخة: لما يدل على فخر، والأولى أدل على المقصود. مثاله لغلبة المفاخر: سابقني فسبقته فأنا أسبقه بالضم؛ أي فخرته في السباق، مع أن أصله سبقه يسبقه بالكسر، وهكذا في كل فعل مكسور المضارع بنيته للمغالبة، فإنك ترد مضارعه إلى يفعل بالضم ما لم يكن فيه داعي لزوم انكسار العين؛ من كون فائه واواً كوعد أو عينه أو لامه ياء كباع ورمى فإنه مانع من الضم؛ فتقول واعدني فأنا أعده وبايعني فأنا أبيعه، ورماني فأنا أرميه بالكسر، ومثله قالاني فأنا أقليه، وقد مثل به الناظم لما فيه داعي الكسر، لما لغلبة المفاخر. ثم أشار بقوله:

(وفتح ما حرف حلقٍ غير أوله عن الكسائي في ذاع النوع قد حصلا)

إلى أنه إذا بني الفعل لغلبة المفاخر مما ليس فيه داعي الكسر، فلا فرق عند الجمهور في لزوم ضمه بين أن يكون غير أوله وهو عينه ولامه حرف حلق أم لا، فتقول صارعني فأنا أصرعه بالضم. وشاعرني فأنا أشعره. ومذهب الكسائي أن حرف الحلق مانع من الضم من ذا النوع؛ أي المبني للغلبة؛ لأن الفتح قد سمع في أفعال منه. وحمل الجمهور ذلك على الشذوذ، كما سمع الكسر في أفعال. ولا أثر عندهم لحرف الحلق.

تنبيه: مقتضى الصحاح موافقة الكسائي في أن حروف الحلق مانع من الضم؛ فإنه قال: "خصمه يخصمه: غلبه، وهو شاذ؛ فإن فاعلته ففعلته يرد يفعل منه إلى الضم إن لم تكن عينه حرف حلق" .

مبحث ما عينه أو لامه حرف حلق من فعل المفتوح:

وقد ذكرنا أن فعل المفتوح ينقسم إلى ما قياس مضارعه الكسر. وما قياس مضارعه الضم. وقد سبقا بأنواعهما. وإلى ما يجوز فيه الضم والكسر، وسيأتي. وما قياس مضارعه الفتح، وقد أشار إليه الناظم فقال:

(في غير هذا لذي الحلقي فتحاً أشع ... بالاتفاق كآتٍ صيغ من سألا)

أي وأشع الفتح قياساً في غير الدال على المفاخرة من مضارع فعل المفتوح الحلقى العين أو اللام باتفاق من الكسائي وغيره. وحروف الحلق ستة: الهمزة والهاء والحاء والخاء والعين والغين. ومثل له الناظم بالآتي، وهو المستقبل المضارع من سأل؛ لأن عينه حرف حلق، فيقال سأل يسأل. 

مثال ذلك: بدأ الله الخلق يبدؤه: أي ابتدأه، وبرأه يبرؤه: خلقه، وكذا برأ المريض يبرأ، وجزأ بالشيء يجزأ: اكتفى، وجفأ السيل أو القدر يجفأ: قذف بالجفاء؛ أي الزبد، وخبأ الشيء يخبؤه: ستره، وخسأ الكلب يخسأ: بعد، وخسأته أيضاً: طردته، لازم ومتعد، ودرأه يدرؤه: دفعه، وذرأه يذرؤه: فرقه، وطرأ عليهم يطرأ: جاءهم فجأة، وفقأ العين والبثرة يفقؤهما: قلعهما، وكلاه يكلؤه: حرسه، وملأه يملؤه، ونسأه ينسؤه: أخره، وهدأ يهدأ: يسكن، ودعب يدعب: مزح، وذهب يذهب، وسحبه يسحبه: جره على وجه الأرض، وشعب الإناء يشعبه: صدعه، وأصلح شعبه، من الأضداد. وبغته يبغته: دخل عليه بغته. وسحت اللحم عن العظم يسحته: قشره. وبحث عنه يبحث، وبعثه من نومه يبعثه: أثاره، ولهث يلهث: أخرج لسانه عطشاً أو إعياء، وجرحه يجرحه، والشاهد: طعن فيه، وجرح أيضاً لعياله: كسب، وجمح الفرس يجمح: أسرع وغلب راكبه، وذبحه يذبحه، ورشح العرق يرشح، وسبح في النهر يسبح، وسرح الماشية يسرحها: أسامها وسرحت هي: سامت؛ لازم ومتعد. وسطحه يسطحه، وسفح الدم يسفحه: صبه، وسفح هو: انصب؛ لازم ومتعد. وسمح له بكذا يسمح: جاد وسنح له يسنح: عرض، وشرحه يشرحه: وسعه، وصفح عنه يصفح: أعرض، وضبحت الخيل تضبح: صوتت من اجوافها عند العدو، وطرحه يطرحه، وطفح الإناء يطفح: امتلأ، وطمح بصره يطمح: ارتفع، وفتحه يفتحه، وفسح يفسح: وسع، وفضحه يفضحه: أظهر مساويه، وفلحه يفلحه: شقه، وقدح فيه يقدح: خرقه. وفي الشاهد: عابه، وقرحه يقرحه: جرحه، وكدح في عمله يكدح: سعى، وكلح يكلح: عبس، ولفحته النار تلفحه: أحرقته بحرها، ولمح إليه بطرفه يلمح: اختلس النظر، ولمح البرق يلمح: لمع، ومدحه يمدحه. ومزح يمزح، ومسحه بيده يمسحه، ونصح الشيء ينصح: خلص، ونصح له ينصحه: أخلص، ونفح الطيب ينفح: انتشر، والريح: هبت، ورسخ قدمه يرسخ: ثبت، وسلخ الجلد يسلخه: كشطه. وشدخ رأسه يشدخه: كسره، ولطخه بكذا يلطخه: لوثه به، ومسخه الله يمسخه: حول صورته، ونسخه ينسخه: أزاله، والكتاب: نقله، ونضخه ينضخه: رشه، ونضخت العين: فار ماؤها، وجحده حقه يجحده: أنكره مع علمه به، وضهده يضهده: قهره، ولحد القبر يلحد: عمل له لحداً، ومنه؛ لحد: مال عن الحق، ومهده يمهده: وطأه، وشحذ السكين يشحذها: حددها، وبحره يبحره: شقه، وبهر القمر الكواكب يبهرها: غلب ضوؤه ضوءها، وثغر الإناء يثغره: ثلمه، والثلمة: سد ثغرها؛ من الأضداد، وجأر يجأر: رفع صوته بالاستغاثة، وجهر بصوته يجهر: أعلن، والبئر نقاها، ودحره، يدحره دحوراً: طرده، وذخره لنفسه يذخره: خبأه مختاراً له، وذعره يذعره ذعراً بالضم: أخافه، وزأر الأسد يزأر: صوت، وزخر البحر يزخر: طما، كزغر يزغر، وزهر القمر يزهر تلألأ، وسحره الساحر يسحر، وأصل السحر: مادق ولطف، وسخره يسخره: قهره وكلفه ما لا يريد، وسعر النار يسعرها: أوقدها، وشغر المكان يشغر: لم يبق به أحد يحميه، وشهره يشهره: أظهره، وظهر الشيء يظهر، وفخر يفخر، وقهره يقهره، ومخرت السفينة تمخر: شقت الماء، وسمع لها صوت عند جريها في الماء، ونحر الإبل ينحرها: أصاب نحرها، ونهر السائل ينهره اكنتهره، وبخسه حقه يبخسه: نقصه، ونعشه ينعشه: رفعه، ونهش اللحم ينهشه: عضه بأضراسه، وشخص يشخص: ارتفع، وإليه بصره: رفعه، وفحص عنه يفحص: بحث، ومحص الذهب بالنار يمحصه: أخلصه مما يشوبه، وجهضه عن الأمر يجهضه: أعجله، ودحضت رجله تدحض: زلقت، ورحضه يرحضه: غسله، ومحضه يمحضه: سقاه المحض أي الخالص، ونهض ينهض: قام، ولحظه، وإليه، يلحظ: نظر إليه بلحاظه، وهو مؤخر العين، وبخع نفسه يبخعها: قتلها غماً، وبدع الله الخلق يبدعه: أنشأه، وبضعه يبضعه: قطعه، وجدع أنفه يجدعه: قطعه، وجمع الشيء يجمعه، وخدعه يخدعه: أظهر له خلاف ما أضمره من الشر، وخشع يخشع، كخضع يخضع. وخلعه يخلعه: انتزعه بسرعة، ودفعه يدفعه: رده، ورتع يرتع: أكل ما شاء وشرب ما شاء في خصب وسعة. وردعه يردعه: رده. ورفعه يرفعه ورقع الثوب يرقعه. وركع يركع، وزرع يزرع، وسجع الحمام يسجع، وسفعه بناصيته يسفعه: جذبه بها. وشرع في الأمر يشرع شروعاً: دخل فيه، وشريعةً: اتخذ طريقة، والشيء: رفعه، وشفعه يشفعه، كذرع له يذرع، وشفعه يشفعه: صيره شفعاً، وله شفاعةً، وصدعه يصدعه: شقه، وصرعه يصرعه، وصنع يصنع، وطبع عليه يطبع: ختم، وقرع الباب يقرعه: دقه، وقطعه يقطعه: وقلعه يقلعه: انتزعه من أصله، وقنع يقنع: سأل الناس حرصاً، ضد قنع قناعه. ومنه {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} ومن دعائهم: اللهم إني أسألك القناعة، ونعوذ بك من القنوع. ويجمعها قول الشاعر: 

(الحر عبد إن قنَع ... والعبد حر إن قنِع)

(فاقنع ولا تطمع فما ... شيء يشين سوى الطمع)

ولذعه بالنار يلذعه: كواه، ولسعته الحية والعقرب تلسعه، ولمع البرق يلمع، ومنعه يمنعه، ونفعه ينفعه، وهجع يهجع: نام ليلاً، وهرع يهرع: أسرع، وهطع إليه يهطع: أقبل يمشي خائفاً، ولدغته الحية والعقرب تلدغه، ونزغ الشيطان بينهم ينزغ: أغوى وأفسد، وزحف إليه يزحف: مشى قدماً، وشغفه الحب بالعين المهملة: يشعفه: أصاب شعفة قلبه، وهي رأسه. وشغفه يشغفه: أصاب شغاف قلبه، وهي غلافه المغشى به. ودهق الكأس يدهقها: ملأها، ودهقها أيضاً: أفرغها؛ من الأضداد وزهق الباطل يزهق: ذهب، والسهم: جاوز الهدف، وسحقه يسحقه: دقه وصعقته الصاعقة تصعقه: أصابته، ومحقه يمحقه: محاه، ومعكه في التراب يمعكه: دلكه، وبهله الله يبهله: لعنه، وجعله يجعله: صنعه، والطين خزفاً: صيره، والقائم زيداً: ظنه، وله كذا على كذا: شارطه، وجعل يفعل: شرع. ودغل في الشيء يدغل: دخل فيه خائفاً، ودهل الشيء يذهله: تركه عمداً، وذهل عنه: نسيه، ورحل بعيره يرحله: جعل عليه الرحل، وشعل النار يشعلها: أوقدها، وشغله يشغله، وفعل يفعل، وجحم النار يجحمها: أوقدها وفحم النار يفحمها: أطفأها وصيرها فحماً، وذأمه يذامه: حقره في نفسه. وزحمه يزحمه، وفعم الإناء يفعمه: ملأه، ولأم الصدع يلأمه: لحمه، ورهنه عنده يرهنه، وشحن الفلك يشحنه: ملأه، وطحن الحب يطحنه، وظعن عن المكان يظعن، ولعنه يلعنه: طرده، ومحن الذهب بالنار يمحنه: اختبره، وبدهه الأمر يبدهه: فجأه، ونده البعير يندهه: زجره.

فهذه مائة وسبعون أمثلة مشهورة؛ مما عينه أو لامه حرف حلق مفتوحة المضارع على القياس، وذلك مشروط بشروط أشار إليها يقوله:

إن لم يضاعف ولم يشهر بكسرة او ضم كيبغي وما صرفت من دخلا

أي إنما يفتح قياساً عين مضارع فعل المفتوح الحلقى بثلاثة شروط: الأول: ألا يكون مضاعفاً؛ فإن كان مضاعفاً فهو على قياسه السابق من كسر لازمه وضم معداه؛ فاللازم نحو: صح جسمه يصح، والمعدى نحو دعه يدعه. 

الثاني: ألا يشتهر فيه الكسر، نحو بغى يبغي ونعى الميت ينعيه، ونضحه بالماء ينضحه: رشه، ونتخه بالمنتاخ ينتخه: نزعه، وشخر يشخر شخيراً: صوت من حلقه وأنفه، ورجع يرجع، ورضع يرضع، وفيه لغة كفرح. ونزعه ينزعه. 

الثالث: أن يشتهر فيه الضم، كيدخل المتصرف من دخل، وصرخ يصرخ ونفخ ينفخ، وقعد يقعد، وأخذه يأخذه، وطلعت الشمس تطلع وبزغت تبزغ؛ أي طلعت، وبلغ يبلغ، وسبغ الثوب يسبغ؛ أي: فاض، وسعل يسعل سعالاً، ونحله ينحله: أعطاه، ونخل الدقيق ينخله، وزعم كذا يزعم أي قال، وأكثر ما يقال فيما شك فيه. وقحم في الأمر يقحم: دخل فيه بلا روية، ولحم الفضة يلحمها: لأمها.

تنبيهات الأول: اقتصاره على استثناء هذه الثلاثة يقتضي أن سائر الحلقى - مما فيه داعي لزوم الكسر كوعد يعد وباع يبيع ونعى ينعي، أو داعي الضم كدعا يدعو وفاح المسك يفوح - قياسه الفتح ما لم يشتهر بكسر أو ضم، وتمثيله يبغي يدل على ذلك، وقد سبق فيما فاؤه واو وأن حلقى العين منه مكسور على إطلاق التسهيل ثم، وشذ وهب له يهب. وكذا فيما عينه ياء أن حلقى اللام منه مكسور وإن خالف إطلاق النظم هنا، نحو جاء يجيء، وصاح يصيح، وباع يبيع، وزاغ عنه يزيغ، وتاه يتيه. ولم يشذ منه شيء، 

وفيما لامه ياء، كرمى يرمي، إن شرطه ألا تكون عينه حرف حلق، كما شرط ذلك في التسهيل، وهو موافق لإطلاق النظم هنا، كسعى يسعى، ونهى عنه ينهى، وشذ بغى يبغي، ونعى الميت ينعيه، 

وفيما عينه واو أنه لا أثر لكون لامه حرف حلق، وإن شرط ذلك في التسهيل، واقتضاه إطلاقه هنا، كساءه يسوؤه، وفاح المسك يفوح، 

وكذا فيما لامه واو أن غالب مواده مضمومة، كدعا يدعو، ولها يلهو، وسها يسهو. 

وحاصله أن لحرف الحلق أثراً إذا كان لاماً لما فاؤه واو كوضع يضع، وكذا إذا كان عيناً لما لامه ياء كسعى يسعى، فيدخلان في إطلاق النظم، 

ولا أثر له إذا كان عيناً للأول كوعد بعد، أو لاماً للثاني كباع يبيع، وكذا إذا كان عيناً لما لامه واو كدعا يدعو، ولاماً لما عينه واو، كفاح المسك يفوح. فترد الأربعة على إطلاق النظم.

الثاني: قال في التسهيل: "ولا يفتح عين مضارع فعل دون شذوذ، إن لم تكن هي أو اللام حرف حلق" ففهم منه أمران: 

أحدهما: أن وجود حرف الحلق شرط للفتح، ولا يوجد الفتح بدونه؛ لأنه سبب موجب للفتح؛ إذ يوجد الضم والكسر مع وجود حرف الحلق كيدخل ويبغى. 

والثاني: أن ثم أفعالاً شذت بالفتح دون حرف الحلق، ولم يذكر هو وغيره سوى أبى بالموحدة يأبى، ولم أظفر أيضاً بغيره، نعم، أطلق في القاموس أفعالاً أن وزنها كمنع يمنع وهي غير حلقية، ولم ينبه على أنه على الجمع بين اللغتين، وهو محمول على ذلك، كقوله: هلك كضرب ومنع وعلم، وركن إليه كنصر وعلم ومنع، وقد حكى في الصحاح ركن يركن بفتحهما عن أبي زيد، وحمله على الجمع بين اللغتين، وحكى في القاموس في قنط يقنط ست لغات: كنصر وضرب وكرم وفرح ومنع وحسب، ثم قال: وهاتان اللغتان؛ أي الأخيرتان على الجمع بين اللغتين، 

ومعناه: أن يكون في ماضي الفعل لغتان، فتركب بينهما ثالثة: تأخذ ماضي إحداهما ومضارع الأخرى، والظاهر أن ذلك مقيس غير مقصور على السماع، وعلى هذا فقد سبقت أمثلة اشترك فيها فعل المضموم والمكسور كرحب المكان يرحب بضمهما، ورحِب يرحب بكسر الماضي، وفتح المضارع على القياس في اللغتين، ويتولد بينهما لغتان: رحُب المكان يرحب بضم الماضي وفتح الآتي، ورحِب يرحب بكسر الماضي وضم الآتي، وكذا سائر الأمثلة المشتركة، مما في ماضيه لغتان مما سبق ومما سيأتي.

الثالث: قد يتنوع فعل المفتوح الحلقى بالنسبة إلى مضارعه إلى سبعة أنواع: مفتوح المضارع وهو القياس كيسأل ويمنع. ومشهور بكسر أو ضم كيبغى ويدخل. وهذه مذكورة في النظم، ووارد بالكسر والضم معاً على الشذوذ أو بهما مع الفتح، فيكون مثلث المضارع. وهذان ذكرهما أيضاً في التسهيل؛ فالأول نحو: كعب ثدي الجارية يكعِب ويكعُب كضرب ونصر؛ أي نهد فهو كاعب. ومهرها يمهِرها ويمهُرها: جعل لها مهراً كأمهرها، ونغض ينغِض وينغُض: تحرك، وأنغض رأسه: حركه، ونخر بالخاء المعجمة ينخِر وينخُر نخيراً: أخرج الصوت من منخره، وهو الأنف، ونعم ينعِم وينعُم نعمة بالفتح من التنعم. وقد سبق فيه لغة كيحسب، ونغم بالغين المعجمة ينغِم وينغُم: غنى بصوت خفى. الخامس وارد بالفتح والكسر والضم جميعاً فيكون مثلث المضارع، وقد نبه عليه في التسهيل أيضاً، نحو نغب الريق بمعجمة ينغَبه وينغُبه وينغِبه كمنع ونصر وضرب؛ أي ابتلعه، ونحت الجوز؛ أي براه، وجنح إليه؛ أي مال، ومخض اللبن، ونبع الماء، ونبغ أيضاً بالمعجمة والمهملة، ظهر، وصبغ الثوب، وبغمت الظبية بالموحدة والمعجمة بغاماً: صوتت لولدها.

فهذه خمسة أنواع. ولم يذكر في التسهيل وروده بالفتح والضم، ولا وروده بالفتح والكسر، وقد ظفرت من النوعين بأفعال:

فالأول نحو: شحي لونه يشحَب ويشحُب كمنع ونصر: تغير من سفر أو هزال، وفيه لغة أخرى ككرم. وشخب اللبن يشخَبه ويشخُبه: حلبه، ونهبه ماله ينبهَبه وينهُبه: أخذه. وفيه لغة أخرى كفرح، وملح الماء يملَح ويملُح، وفيه لغة ككرم، وطبخ اللحم يطبَخه ويطبُخه، ورعد الرعد يرعَد ويرعُد، ونهد ينهَد وينهُد، وفغر فاه يفغَر ويفغُر: فتحه وسعطه الدواء يسعَطه ويسعُطه: أدخله في أنفه، ومخط السهم يمخَط ويمخُط: نفذ، ونخس الدابة ينخَسها وينخُسها: غمزها بعود، وطلع سن الصبي بدا، وكذا النخل؛ أي خرج طلعه، يطلَع ويطلُع كأطلع. وأما طلعت الشمس فبالضم لا غير كما سبق. وهمعت عينه: جرى دمعها، تهمَع وتهمُع، ودمغه يدمَغه ويدمُغه: شجه على دماغه، وفرغ الإناء يفرَغ ويفرُغ: خلا، ورعف يرعَف ويرعُف: خرج الدم من أنفه، وفيه لغتان ككرم وفرح. وكحل عينه يكحَلها ويكحُلها، ونحل جسمه ينحَل وينحُل: هزل، وفيه لغتان ككرم وفرح. وطعنه بالرمح يطعَنه ويطعُنه، وفي السن أيضاً، وفيه بالقول: عابه. ودخنت النار تدخَن وتدخُن: ارتفع دخانها، ومهنه يمهَنه ويمهُنه: ابتذله.

والثاني نحو: نعب الغراب ينعَب وينعِب كمنع وضرب: صوت ومد عنقه في صياحه. ومنحه يمنَحه ويمنِحه: أعطاه، ونبح الكلب والظبي والصبي والتيس أيضاً: ينبَح وينبِح، ونزح عن مكانه ينزَح وينزِح: بعد، والبئر: استقى ماءها حتى أنفده، ونطحه الثور ينطَحه وينطِحه ونكح ينكَح وينكِح نكاحاً، ورضخ له بسهم يرضَخ ويرضِخ: أعطاه، والشيء: دقه. وشهق يشهَق ويشهِق: أخرج صوتاً مع ترديد النفس. ونعق بغنمه ينعَق وينعِق: صاح بها، ونغق الغراب ينغَق وينغِق: صاح، وسحل البغل يسحَل ويسحِل: صوت، وصهل الفرس يصهَل ويصهِل، ونأم الظبي، ينأم وينئم: صوت، ونهم إبله ينهمها وينهماها: زجلاها لتأتيه، ونكه عليه ينكه وينكه: تنفس على أنفه.

الرابع : وقد يتنوع بالنسبة لماضيه إلى أنواع أيضاً: مفتوح المضارع غير مشارك لفعل المضموم ولا فعل المكسور كمنع يمنع، وقد سبق. ومشارك لأحدهما، ومشارك لهما معاً فيكون مثلث الماضي، ولم يذكر ذلك في التسهيل.

مثال المشارك لفعل المضموم: شحب لونه يشحب، وملح الماء، ورعف أنفه، ونحل جسمه، كما سبق أن في كل منهما لغتين كمنع وكرم، وكذا صبأ وصبو: خرج من دين إلى دين، ونشأ ونشؤ: ربا وشب، وصلح أمره وصلح، وشعر به وشعر: فطن، ومحلت الأرض ومحلت: انقطع عنها المطر. وشأم عليهم وشؤم: ضد يمن. فهذه عشرة يختلف ماضيها ومضارعها.

ومثال المشارك لفعل المكسور: حنأ عليه وحنئ: أكب، كمنع وفرح. وشنأه وشنئه: أبغضه، وفجأه وفجئه: هجم عليه، ولطأ بالأرض ولطئ بها: لصق، وشغبهم وشغبهم: هيج الشر عليهم، وقرح الفرس والبغل والحمار وقرح فهو قارح، بمنزلة البازل من الإبل، وربخت المرأة وربخ: يغشى عليها عند الجماع. ودخر ودخر: صغر وذل، وتعس الماشي وتعس تعساً: عثر، ونهس اللحم ونهسه: أخذه بمقدم أسنانه، وجهش إليه وجهش: فزع مريداً للبكاء، ورعش ورعش: رعد وتحرك كارتعش، ومخضت المرأة ومخضت: أخذها المخاض، وشحط عن وطنه وشحط: بعد، وقحط العام وقحط: احتبس فيه المطر، وجرع الماء وجرعه: شربه جرعاً، ودمعت عينه ودمعت، وكرع في الماء وكرع: شرب بفمه، وزهقت نفسه وزهقت: خرجت. وأما زهق الباطل، فكمنع لا غير كما سبق. ونهكته الحمى ونهكته: أضنته، وقحل العود وقحل: اشتد يبسه، وجهمه وجهمه: عبس في وجهه، وأبه له وأبه: فطن، وعمه وعمه: تحير وضل، ونقه من مرضه ونقه: صح مع بقاء الضعف. فهذه خمسة وعشرون يختلف ماضيها ويتفق مضارعها.

ومثال المشارك لهما معاً، وهو المثلث الماضي لكنه مثنى المضارع؛ لاتفاق مضارع فعل المكسور وفعل المفتوح الحلقى على الفتح، وذلك نحو: مرأ الطعام ومرؤ ومرئ كمنع وكرم وفرح: صار مريئاً محمود العاقبة، ولغب الماشي: أي أعيا، ورجح الميزان، وزهد في الشيء، وبرع الرجل: فاق أصحابه، ورأف به؛ أي رحمه، ورعف أنفه؛ أي خرج منه الدم، ونحل جسمه: هزل كما مر، ورعن فهو أرعن: الأهوج المسترخى في منطقه. وسخن سخونة؛ أي حر. فهذه عشرة، وهذا كله إذا كان مضارع الحلقى مفتوحاً على الأصل، أو جاء مع الفتح غيره كما في رعف أنفه، ونحل جسمه، وشحب لونه، ونهب ماله، وملح الماء. وقد يكون مشاركاً لأحدهما من غير مجيء الفتح في الحلقى، كما سبق في نعم بالفتح كفرح ونصر وضرب، ورضع الصبي كفرح وضرب، ومثله: سغب؛ أي جاع، ونهق الحمار.

تتمة: وجه المناسبة في اختلاف حالات مضارع فعل المفتوح؛ - من لزوم ضم عينه في نحو قال يقول ودعا يدعو، وكسرها في نحو باع يبيع، ورمى يرمي - ظاهر؛ للفرق بين ذوات الواو وذوات الياء، وكذا في ضم عين المضاعف المعدى؛ لأنه قد يتصل به ضمير النصب في نحو مده يمده، فلو كسروا عينه لزم الانتقال من كسرة إلى ضمة وهو ثقيل، وكسروا عين اللازم منه؛ للفرق بينه وبين معداه. وكسروا عين ما فاؤه واو كوعد يعد طلباً للخفة، كما فتحوا حلقى العين واللام لذلك بشهادة الذوق، ولم يفتحوا حلقي الفاء كأمر وهرب وحسب وخطب وغرب وعرف لسكون فاء الكلمة في المضارع فلا يكون ثقيلاً، ولما لم يكن في نحو نصر وضرب مرجح لضم ولا كسر كان القياس فيه جواز الوجهين لاستوائهما، لولا تخصيص اشتهار الاستعمال بأحدهما دون الآخر فصار المرجع فيه إلى النقل.

ولما انتهى الكلام على الأقسام الثلاثة من أقسام فعل المفتوح الماضي، وهو مكسور المضارع قياساً ومضمومه قياساً ومفتوحه قياساً- أشار إلى القسم الرابع منه. وهو ما يجوز فيه الضم والكسر بقوله:

(عين المضارع من فعلت حيث خلا من جالب الفتح كالمبني من عتلا)

(فاكسر أو اضمم إذا تعيين بعضهما لفقد شهرةٍ أو داعٍ قد اعتزلا)

أي إذا خلا عين مضارع فعل المفتوح من جالب الفتح، وهو حرف الحلق في لامه أو عينه كمضارع عتله، يعتله ويعتله؛ إذا دفعه بعنف، فاكسر عينه إن شئت أو اضممها. وفي جعله حرف الحلق جالباً للفتح تسامح؛ لأنه شرط لا سبب موجب كما سبق، وقد شرط لجواز الوجهين بعد خلوه من حرف الحلق: ألا يتعين فيه الضم بشهرة أو داع، ولا الكسر بشهرة أو داع؛ فإن تعين أحدهما بشهرة استعمال أو داع قياسي منع الآخر، فيصير هذا القسم ثلاثة أنواع: متعين الضم، ومتعين الكسر، وجائز فيه الوجهان.

أما ما يتعين ضمه لداع فقد سبق أيضاً أنه أربعة أنواع: المضاعف المعدى كمده يمده، وما عينه أو لامه واو كقال يقول وغزا يغزو، وما لغلبة المفاخر كسابقني فأنا أسبقه، وأما ما يتعين كسره لداع فقد سبق أيضاً أنه أربعة أنواع: ما فاؤه واو كوعد يعد، أو عينه أو لامه ياء كباع يبيع ورمى يرمي، والمضاعف اللازم كحن يحن.

مثال ما اشتهر استعمال الضم فيه من فعل المفتوح: فنحو: ثقبه: خرقه، وكذا نقبه، وحجبه، وسلبه، وخطب، ورتب مكانه: ثبت، ورسب في الماء: غاص، وفيه لغة أخرى ككرم، ورقبه: انتظره، وسكب الماء، ونكبه: صبه، وطلبه، وعقبه: خلفه، وغرب: غاب، وكتب، وندبه إلى الأمر: دعاه، والميت: نعاه، ونضب الماء: نقص، ونكب عن الطريق: عدل، وفيه لغة كفرح، وهرب، وثبت، وخفت: سكن، وسكت، وصمت، وغلت في حسابه: غلط، وقنت قنوتاً، ومقته: أبغضه، ونبت البقل، ونكت في الأرض: طعتها، وحدث؛ فإن ذكر مع قدم قيل حدث ككرم للتناسب. ومكث، وفيه لغة ككرم، ونبث القبر كنبشه، وخرج، ودرج: مشى، ورتج الباب أغلقه، وعرج في السلم، وفرجه: فتحه، ومرجه بالراء: خلطه كمزجه ومشجه ومسجه، وبرد الماء، وفيه لغة ككرم، وثرد الخبز، وجمد المائع، وفيه لغة ككرم، وخضد الغصن: كسره ولم يبنه، وخلد الرجل: أبطأ عنه الشيب، وبالمكان أقام طويلاً، وإلى الشيء: لازمه، وخمدت النار، وفيه لغة كفرح، ورشد: اهتدى، وفيه لغة كفرح، ورصده: انتظره وحرسه، وجعل بعضه فوق بعض، ورقد، وركض، وسجد، وسرد الدرع: نسجها، والحديث: تابعه، وسمد: رفع رأسه متحيراً، وسند في الجبل، صعد، وشرد، وصمد إليه: قصده، وطرده، وعبده، وعضده؛ أي نصره، وسيأتي عضد الشجرة بالكسر. وعمده: أقامه، وله: قصده، وقصد في أمره: اعتدل فلم يفرط ولم يفرط. وسيأتي قصده بالكسر. وكسد المتاع، وفيه لغة كفرح، ومجد الرجل: شرف. وفيه لغة ككرم، وكنده: كفر نعمته، ومسد الحبل: فتله، ونشد الضاله: سأل عنها وعرفها أيضاً. ونشدتك الله: سألتك بالله، ونقد الدراهم، وهجد: نام وهمدت النار طفئت، والأرض: ماتت، وفلذه: قطعه، ونفذ السهم: خرج طرفه من الرمية، وأمره، وبدره: سبقه، وبذر الحب: فرقه كبزره، وبسر وجهه: عبس، وبشره: سره بخير كبشره تبشيراً وأبشره، وبقره: شقه. وبكر إليه: أتاه بكرة، وتجر تجارة: باع واشترى، وثبر ثبوراً: هلك، وثمرت الشجرة، وجبر العظم: التأم، وجبرته: لأمته؛ لازم ومتعد، وجبره على الأمر: أكرهه، وحبره حبوراً: سره، وحجره: منعه كحظره، ودبر: ولى، ودثر: درس، ودمره: دقه، وذكره، وزجره: نهاه، وسبر الجرح: اختبر غوره، وستره: غطاه، وسجر التنور: أحماه، والنهر: ملأه، وسطر الكتاب: خطه، وسقرته الشمس: أحرقته، وسمر: لم ينم ليلاً، وشجر بينهم أمر: اعترض، وشطره: قسمه شطرين. وشكره، وشمر ذيله وصبر طعامه: جعله صبرة، وسيأتي صبره بمعنى حبسه بالكسر، وعبر الوادي قطعه عرضاً؛ من عبرة إلى عبرة، أي جانب والرؤيا: فسرها، والدراهم: نظر كم وزنها. وعثر عليه: اطلع، وعشر المال: أخذ عشره، وعمر منزله. وغبر: مكث وذهب؛ من الأضداد، وقذره الناس، وفيه لغة كفرح، وقسره على الأمر: قهره، وقصره عليه: رده، وعنه: صرفه، والمرأة: حبسها، والثوب: غسله، وقطر الماء، وقفى أثره: تبعه، وكفر بالله، وأصله الستر، ومطرتهم السماء، ولا يقال أمطرتهم إلا في العذاب، ومكر: أضمر خلاف ما أظهره وندر: شذ، ونشرت الريح: هبت، والميت: انبعث، ونشرته أيضاً: بعثته؛ لازم ومتعد. ونصره: أعانه، ومن كذا: نجاه، ونضر الله وجهه: نعمه، ونظر إليه، أي بعينه، وفيه: فكر، وغريمه: أمهله. وهجره: تركه، وفي كلامه: أفحش، وبرز: خرج إلى البراز : الفضاء، وحرزه كحرسه، وعجزت المرأة: صارت عجوزاً، وفيه لغة ككرم، ونجز الوعد: انقضى، وفيه لغة كفرح، ودرس الرسم: عفا، ودرسته الرياح أيضاً؛ لازم ومتعد، والحنطة: داسها. وسيأتي درس الكتاب بوجهين. وركسه: قلبه كنكسه، ورمس الحديث: كتمه، والميت: دفنه، وقدس: طهر، ومكسه حقه: نقصه، وملس الشيء وفيه لغة ككرم، وفرشه: بسطه، ونبشه: كشفه، ونجش الصيد: أثاره من مكانه وجلبه، ونغش الصوف: شعثه بأصابعه وفرقه، وخرصه: حزره وقدره، وخلص: صار خالصاً، وإليه: وصل، ومنه: فصل، وربص به: انتظر به، كتربص، ورقص، وقرصته النملة، ونقص الشيء، ونقصته أيضاً؛ لازم ومتعد، ونكص: رجع، وركض برجله: حركها، وغمض الشيء: خفى، لغة ككرم، وغمض عنه: سامحه، ونبض العرق: تحرك، ونفض الثوب، وبسطه: فرشه، وثبطه عن الأمر، وسرط الطعام، وفيه لغة كفرح، وسقط، وضبطه، وفرط قبلهم: قدم، وقشطه: كشفه ككشطه، ولقطه، وجرف الطين: كسحه، وخرف الثمار: جناها كاخترفها، وخلف فم الصائم، وبعد أصحابه: تخلف، وخلفه: قام مقامه، ورجف: تحرك، وردفه: تبعه. وفيه لغة كفرح، وزلف إليه: ارتقى وسلف: مضى، وقرف لعياله: كسب، ولطف به، ونشف الثوب العرق. وفيه لغة كفرح، ونكف منه: أنف، وفيه لغة كفرح، وبرق البصر: تحير، وفيه لغة كفرح، وبرق: لمع، وبزق بزاقاً كبسق، وبصق أيضاً. وبسقت النخلة: طالت ورتق الثوب: رقعه، وفتقه: خرقه، ورزقه: أنفق عليه، ورشقه: رماه، ورمقه بعينه: نظر إليه اختلاساً، وزلقت قدمه: زلت. وفيه لغة كفرح، وسلقه بالنار: غلاه، وبالكلام: آذاه. وشرقت الشمس، وصدق حديثه، وصدقه الحديث أيضاً؛ لازم ومتعد. وصفق بكفيه: ضرب بإحداهما على الأخرى، والباب: رده. وطرقه: أتاه ليلاً وبالمطرقة: ضربه، ومنه الطريق. وعرق العظم: سلت ما عليه من اللحم، وفرق بينهم: فصل، وفرق كفرقه. ومنه {وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ} ومرق السهم: خرج من الرمية، ونسق الكلام: نظمه، ونفقت السلعة بالفتح راجت، والدابة: ماتت، وبرك على ركبتيه: جثا، وتركه، ودلكه: مسحه، ودلكت الشمس: زالت، ورجله: زلقت وربكه: خلطه كعبله، وسلك: دخل، وسلكه فيه: أدخله، لازم ومتعد. وسمك البناء: رفعه، وعركه: دلكه، وفرك الثوب: حكه، والشيء عن الشيء: فكه، ونسك نسكاً وفيه لغة ككرم. وأكله يأكله، وأمله: رجاه يأمله، وبزله: شقه، وبسله: لزمه أشد اللزوم كأبسله، وبطل، وبقل النبت، وحصل، وخمل ذكره، وذبل النبات: ضمر. وفيه لغة ككرم، ومثله عبل: أي ضخم، ورمل في مشيه: هرول وشملهم: عمهم. وفيه لغة كفرح، وصقل السيف، وطبل بالطبل. وعذله: لامه، وغفل عنه: سها، وفضل: زاد. وفيه لغة كفرح، ومطل غريمه، ومقله في الماء: غمسه، ونصل السهم، ونفله بالفاء: أعطاه، ونقله: حوله، وحكم عليه، وحكمه، وحلم في نومه ورجمه بالحجارة، ورسمه: كتبه كرقمه، وركمه: جعل بعضه على بعض، وعجم الكتاب: نقطه، والعود: عضه ليختبر صلابته، وكتم سره، ونجم الزهر: طلع، وهجم عليه: طلع بغته، وبطن الشيء: خفي، وحزنت الدابة: وقفت عند الجرى، وفيه لغة ككرم، وحزنه الأمر، وحسن وجهه. وفيه لغة ككرم، وحضن الصبي، وحرز المال، وخمنه: حزره وقدره، وسجنه: حبسه، وركن إليه: مال، وفيه لغة كفرح، وسكن الدار: نزلها، وسكن الرجل؛ من المسكنة: أسكنه الفقر، وفيه لغة ككرم وشطن: بعد، وقطن بالمكان: أقام كمدن، ومرن على الشيء: تعود. 

فهذه مئتان وعشرون مما نقل في القاموس مجيئها على وزن نصر ينصر.

مثال ما اشتهر فيه استعمال الكسر من فعل المفتوح: فنحو: جدبه، وخصب المكان خصباً بالكسر: كثر عيشه، وفيه لغة كفرح، وخضبه بالحناء؛ وصلبه في الجذع، وضربه، وعضبه: قطعه، وغصبه: أخذه ظلماً، وغلبه: قهره، وقصبه: قطعه كقضبة بالمعجمة، وقلبه، وكذب، وكسب، ونصب رفعه وألته حقه يألته: نقصه، وكبته: رده بغيظه، وكفته: ضمه إليه، ولفته: صرفه عن وجهه، ونصت للحديث كأنصت، وجلده بالسوط، وحرد عليه: غضب، وحقد عليه: أضمر العداوة، وفيهما لغة كفرح، ورفده: أعطاه، وسفد الذكر على الأنثى، وصفده: أوثقه، وعضد الشجرة: قطعها، وأما عضده بمعنى نصره فبالضم، وعقده: شده، وفصد العرق، وفقده: عدمه، وقصده: أمه، وأما قصده في أمره فبالضم لا غير، ونضده: جعل بعضه فوق بعض، وجبذه مقلوب جذبه، وحنذه: شواه، ونبذه: رمى به، وأسره: شده، وأصره؛ عطفه، وبشرت به: سررت، وفيه لغة كفرح، وتبره تبرأ: دقه، وحفرت أسنانه: تأكلت، وفيه لغة كفرح، وحفر الأرض، وحقر الرجل: ذل وفيه لغة ككرم، وخسر خسراناً: غبن، وفيه لغة كفرح، وخطر في مشيه: تمايل، وسيأتي خطر بباله بوجهين، وزفر زفيراً: أخرج نفسه ممدوداً بصوت، وسفر عن وجهه: كشف. وسيأتي سفر بينهم بوجهين، وصبره: حبسه، وقد مر صبر طعامه بالضم، وعذره: قبل عذره، وعصر العنب وعفر خده في التراب: مرغه، وعقر البهيمة: قطع قوائمها، وعكر الريح: كثر غباره، وكسره وكشر عن أسنانه: أبداها، وهدر البعير، وسيأتي هدر دمه بوجهين، وهصر الغصن: عطفه وكسره من غير إبانة، وجنز الميت: ستره، وخبز الخبز، وعجز: ضعف، وفيه لغة كفرح، وغرز الإبرة يغرزها، وقفز: وثب، وكنز الذهب: دفنه، ونبزه: عابه، وأصله: نتفه بأطراف أصابعه، وجلس، وحبسه، وشمس يومنا: اشتد حر شمسه وفيه لغة كفرح، وعبس وجهه، وعكسه: قلبه، وغرس الشجرة، وغطس في الماء كعمس، وفرسه: قتله، وقبس ناراً، وقرس البرد: اشتد. وفيه لغة كفرح، وكنس الظبي: دخل كناسه من الرمل، لأنه يكنس الرمل، ولبس عليه الأمر: خلطه، وحمشت ساقه: دقت. وفيه لغة ككرم، وخدشه كخرشه وخمشه بمعنى، وهو أن يؤثر في جلده أثراً، وغطش الليل: أظلم، وفتشه: بحثه، ونقش الشوكة: استخرجها، وحرص على الشيء: اشتد طلبه له. وفيه لغة كفرح، والقصار الثوب: قطعه، وغمصه: عابه واحتقره. وفيه لغة كفرح، وقلص الظل: انقبض، وقنص الصيد: صاده، وخفضه: وضعه، وربضت الشاة، وعرض له كذا: بدا، وفيه لغة كفرح، وفرض الله الفريضة: أقتها بوقت، وفي العود: حز فيه، وقبضه ضد بسطه، وحبط عمله: بطل. وفيه لغة كفرح، وخبط البعير بيديه: ضرب بهما الأرض، وخلطه، وضرط، وغبطه: تمنى مثل حاله. وفيه لغة كفرح، وكذا في غمط الناس؛ أي استحقرهم، وقسط قسطاً بالفتح: جار وسيأتي قسط بمعنى عدل بوجهين، ونشطه: جذبه، ولفظه من فيه: رمى به. وفيه لغة كفرح، وحذفه: رمى به، وحرف لعياله: كسب، والشيء عن وجهه: صرفه إلى حرفه: جانبه، وحنف: مال، واستقام أيضاً؛ من الأضداد. وفيه لغة كفرح، وخسف القمر: كسف، والمكان: انخرق، وخسفه: خرقه، لازم ومتعد. وخصف الورق: طابق ورقه على ورقه، وخطف الشيء: استلبه. وفيه لغة كفرح، وذرف الدمع: سال، وصدف عنه: أعرض، وصرفه: رده، وطرف طرفه: أغمض، وعرفه: علمه، وعزفت عنه نفسه: انصرفت، وعصفت الريح، وعطف عليه: مال، وعلف الدابة، وقذفه: رماه بالحجارة، وعطف الغصن: كسره ولم يبنه، وقصف العود اليابس: كسره وأبانه وسمع له صوت، وقطف العنب: جناه، وسيأتي قطف في مشيه بوجهين، وكسف الشيء: خسف، وكشفه: أظهره، ورفع عنه الغطاء، ونزف ماء البئر: نزحه، ونزفت البئر أيضاً؛ لازم ومتعد، ونسف البناء: نقضه من أصله، وحذق في الصنعة: مهر فيها فهو حاذق، وفيه لغة كفرح، وحدقوا به: أطافوا، وحلق شعره، وخرق الثوب. وسيأتي خرق بمعنى كذب بوجهين. وسرق، وطفق يفعل كذا، وفيه لغة كفرح، وعتق العبد، وفلقه: شقه، ولفقه: خاطه ولأمه، ومزقه بالزاي قطعه، ونطق، ونزق: خف عند الغضب، وفيه لغة كفرح وكذا في أفك بمعنى كذب، وسبكه: أذابه، وشبك أصابعه، وملكه: احتواه، والعجين: أتقن عجنه، وعلى قومه: ملكاً بالضم، وهتك الستر: شقه فبدأ ما رواءه، وهلك، وفيه لغة كفرح، وحمله، وعذل وعزله: نحاه، وغزلت القطن، وغسله بالماء، وفتله: لواه، وفصله: أبانه، وقزل في مشيه: تعارج، وفيه لغة كفرح، وقصله بالقاف: قطعه، وقفل الشجر: يبس شديداً، وفيه لغة كفرح، وكبله: قيده، ونثل كنانته: صب ما فيها من السهام، ونزل بالمكان، وهتلت السماء كهطلت، وهملت وهتنت بمعنى واحد، وهزل في كلامه. وفيه لغة كفرح، وكذا في ثلم الإناء: كسر حرفه، وجرم لأهله: كسب، وجزمه: قطعه، والحكم: أمضاه. وسيأتي جزم الحرف بوجهين، وحتم عليه بكذا أوجب، وحسمه: قطعه، وحطمه: كسره، وختمه: بلغ آخره، وعليه: طبع، وخضم: أكل الشيء الرطب أو بأقصى الأضراس، وفيه لغة كفرح، وصرمه: قطعه فأبانه، وظلمه: نقصه حقه، وظلم: وضع الشيء في غير موضعه، وعزم على الأمر: قصده، وعزم الأمر نفسه: عزم عليه، وعليه بالله: أقسم، وعصم القربة: جعل لها عصاماً وهو الوكاء، وقصمه: كسره كفصمه، أو الفصم في الرطب ونحوه، وبالقاف في اليابس، وفطم الرضيع: فصله، وقسمه، وقلمه: قطعه، وكظم غيظه: رده، والبعير: أمسك عن الجرة، وكلمه: جرحه، ولثمه: قتله. وفيه لغة كفرح، ولطم وجهه، ونظمه، ألفه، وهدم البناء، وهدم الجبل بالمعجمة: قطعه، وهزم العدو، وهشمه: كسره كهصمه، وهضمه: ضامه، ويتم الصبي. وفيه لغة كفرح ودفنه: ستره، وزينه: دفعه، وصفن الفرس: قام على ثلاث قوائم وطرف حافر الرابعة، وعمن بالمكان: أقام، وفيه لغة كفرح وغبنه في البيع: خدعه، وفتنه في دينه، وكفن الخبزة: واراها بالملة، والميت: ستره، ونتن ريحه. وفيه لغة كفرح، وهدن: سكن. 

فهذه مائة وبضعة وسبعون مما نقل في القاموس مجيئها على وزن ضرب يضرب.

مبحث ما يجوز في عين مضارعه الكسر والضم من فعل المفتوح:

وأما ما يجوز فيه الوجهان فنحو: جلب يجلب ويجله: ساق. وكذا حلب ما في الضرع، وخلبه السبع بمخلبه، وخلبه: خدعه، وعتب عليه: لامه وعزب عنه الشيء: غاب، وكثبه: صبه، ونسبه: ذكر نسبه، ورفته: دقه، وسبت: نام كثيراً. وسلت أنفه، وسمت: حسن سمته؛ أي سيرته، وهرت اللحم: مزقه، وحرث الأرض، وفرث الكرش، ونفث فيه: نفخ، ونكث العهد، والحبل: نقضه، وحلج القطن، وخدجت الناقة: ألقت ولدها قبل التمام، وفلح بحجته: فاز، والأرض: شقها للزراعة، ونسج الثوب، وحسده: تمنى زوال نعمته، وحشد: جمع، وضمد الجرح، وغمد السيف، وأبر النخل: لقحه، وأثر الحديث: نقله، وأجره: صار أجيراً له، وعلى عمله: جزاه، وأطراه: عطفه، وبطر الجرح: شقه، وجزره: قطعه، وحدر: نزل من علو إلى سفل بسرعة، وحزره: قدره، وحسر: كشف، والبعير: انقطع، وحشرهم: جمعهم، وحصره: ضيق عليه مقداره، وختر: غدر فهو ختار، وخطر بباله، وحفره: أجاره، وزبر الكتاب: كتبه، وزجره الحاكم: انتهره، وزمره بالمزمار، وسفر بينهم: أصلح، وسمره بالمسمار، وصدر: رجع، وعسر غريمه: طلبه على عسره، وغدر بعهده، وفتر عزمه، وفسره: كشف غطاءه وفطر: شقه، وقبر الميت، وقتر عليه رزقه: ضاق، وقشره: سلته، ونثره: فرقه، ونذر كذا على نفسه: أوجب، ونسر الطائر اللحم، ونشر الخبر: أفشاه، ونفر الظبي: شرد، والقوم: فزعوا لغارة، وهدر دمه: أبطله وهدر هو: بطل. لازم ومتعد، وحجز: حال، وخرز الخف، وركز الرمح، ورمز إليه: أشار، ولمزه: أشار إليه بعينه، ونشز: ارتفع، وهمزه بعينه: غمزه، وبيده: نخسه، وبجس الماء: شقه، وحدس: ظن، وخنس عنه: تأخر، ودرس الكتاب، قرأه، ورفسه برجله، وعطس، وعنست الجارية: جاوزت حد التزويج فلم تتزوج. وفيه لغة ككرم، وقمسه في الماء: غوصه، وقمس هو: غاص؛ لازم ومتعد، ولمسه بيده: مسه، وبطش به: أخذه بعنف، وجرش الحب: دقه ولم ينعم دقه، وعرش: بنى عرشاً، ونفشت الغنم: انتشرت، ورفضه: تركه، وعرض العود: مده عرضاً، والمتاع عليه: أراه إياه، وخرط الورق، وربطه: شده، وسمط الجدي، وشرط عليه كذا: ألزمه، وشرطه الحجام: بضعه. وقسط: عدل وقمطه: شد يديه ورجليه: وقنط: يئس، وفيه لغتان ككرم وفرح. ونبط البئر: استخرج ماءه، وهبط: نزل، ورسف في قيده، ورشفه: مصه كارتشفه، وفيه لغة كفرح، وعكف عليه: أقام، وغرف الماء بيده وقطف في مشيه: قارب خطاه، وكنف الإبل: أواها إلى كنف: حظيرة ونحوها. ونطف الماء: سال، وأبق العبد: هرب: وفيه لغة كفرح، وخرق الرجل: كذب، ودفق الماء، وذرق الطير: سلح، وسبقه: تقدمه، وشنق البعير: رفع رأسه وهو راكب، وفسق: خرج عن الطاعة، وحبكه: أحكم شده، وعلكه: مضغه، وفتك به، وأفل النجم: غرب، وبتله: قطعه، وبذل المال، وتفل: بصق، وجبله الله على كذا: طبعه، وجدل الحبل، وحظله: منعه، وختله: خدعه، وسدل شعره: أرخاه، وشمل الناقة: غطى ضرعها، وعتله: جره عنيفاً، وعضل المرأة: منعها التزويج ظلماً، وعقل الشيء: فهمه، والبعير: شد وظيفه إلى ذراعه، والقتيل: وداه، وعنه: أدى جنايته، وعكل عليه الأمر: التبس وقفل من السفر: رجع، وكفل به: ضمن. وفيه، لغة كفرح، ونسل: أسرع في مشيه. ونكل عنه: رجع، وجثم الطائر: لزم مكانه، وجذمه: قطعه، وجزم على الحرف: وقف، وسبق جزمه بمعنى قطعه بالكسر. وحجمه الحجام وحشمه: أسمعه ما يكره فاحتشم فخجل، وخدمه الخادم، ورذمت السماء. وسجمت العين الدمع: أسالته، وعتم بالإبل: أبطأ بحلبها إلى العتمة، وهي العشاء، اجن الماء: تغير، وكذا أسن. وفيهما، لغة كفرح، وختن الولد، ورسن الدابة: جعل لها رسنا، وعطن الإبل: صرفها إلى عطنها، وعجن الدقيق، وعدن بالمكان: أقام، وعلن الأمر: ظهر. 

فهذه نحو مائة وأربعين نص في القاموس على سماعها عن العرب بالوجهين، ومفهوم عبارة الناظم أن جواز الوجهين عند عدم اشتهار أحدهما، ونقل في خطبة القاموس ما يوافقه، لكني تتبعت مواد الصحاح والقاموس فلم أر مادة من هذا القسم إلا منصوصاً على ضبطها بضم أو كسر أو بهما معاً كما أوردته. ولم يظهر لي ما هو الذي يجوز فيه الوجهان قياساً عند عدم سماع أحدهما، والله أعلم.

تتمة: قد سبق أن فعل المفتوح الحلقى قد يشارك بالنسبة إلى ماضيه فعل المضموم أو فعل المكسور أو يشاركهما معاً، فيكون مثلث الماضي، وكذلك غير الحلقي يتنوع إلى هذه الأنواع. ثم المشارك لأحدهما أو لهما معاً قد يكون مضارعه على يفعل بالضم أو يفعل بالكسر أو عليهما معاً، فهو أنواع:

الأول: المضارع المضموم العين الذي في عين ماضيه الفتح والضم كنصر وكرم،  نحو: رتب في الماء: غاص، ومكث: لبث، وبرد الماء، وجمد المائع، وكسد المتاع: لم ينفق. ومجد الرجل: شرف، وعجزت المرأة: صارت عجوزاً ملس الشيء وغمض الشيء: خفي، وضعف: ضد قوى، ونسك، وذبل النبات: ضمر، وعبل: ضخم، وحرنت الدابة: وقفت عن الجريء، وحسن وجهه، وسكن الرجل فهو مسكين: أسكنه الفقر.

الثاني: الفعل الذي ماضيه مفتوح العين ومكسورها، ومضارعه مفتوحها ومضمومها كنصر وفرح، 

نحو: سغب الرجل: جاع، ونكب عن الطريق: عدل، وخمدت النار، ورشد: اهتدى، ولبد بالأرض: لصق، وقذره الناس: نفروا منه، ونجز الوعد: انقضى، وسرط الطعام: ابتلعه، وردفه: تبعه، ونشف الثوب العرق: شربه. ونكف منه: أنف، وبرق البصر: دهش فلم يبصر، وزلقت رجله: زلت، وشملهم الأمر: عمهم، وفضل: زاد، ومجلت يده: نفطت من عمل، وركن إليه: مال وسفنت الريح: هبت على وجه الأرض، وكمن له: اختفى.

الثالث: الفعل الذي ماضيه مفتوح العين ومضمومها، ومضارعه مكسورها ومضمومها كضرب وكرم،  نحو: حقر الرجل: ذل، وصغر فهو صغير، وحمشت ساقه: دقت، ونتن ريحه.

الرابع: الفعل الذي ماضيه مفتوح العين ومكسورها، ومضارعه أيضاً مفتوح العين ومكسورها كضرب وفرح، 

نحو: خصب المكان: كثر عشبه، وحرد عليه: غضب، وحقد عليه: أضمر العداوة، وبشرت به: سررت، وحفرت أسنانه: تأكلت أصولها، وخسر: غبن، وعجز: ضعف، وشمس يومنا: اشتدت شمسه، وقرس البرد: اشتد، وحرص على الشيء: اشتد طلبه له، وغمصه: عابه واحتقره، وعرض له كذا: بدا، وحبط عمله: بطل، وغبطه: تمنى مثل حاله، وغمط الناس: استحقرهم. ولفظه من فيه: رمى به، وحنف: مال واستقام؛ من الأضداد، وخطف الشيء: استله، وحذق في الصنعة: مهر فيها، وطفق يفعل كذا: جعل، ونزق الرجل: خف عند الغضب، وأفك: كذب وهلك، وقزل في مشيه: تعارج، وقفل الشجر: يبس، وهزل في كلامه، وثلم الإناء: كسر حرفه، وخضم الشيء الرطب: أكله أو أكل بأقصى الأضراس، بعكس القضم، ولثم فاها: قبله، ويتم الصبي وقد يفتح، وعدن بالمكان: أقام وقطن به.

الخامس: ما فيه ثلاث لغات كنصر وفرح وكرم، 

نحو نقب عليهم: صار نقيباً، ورفث في كلامه: أفحش، وعند عن الطريق: مال، وعن الحق: رده عارفاً به، وأمر عليهم: صار أميراً، وغمر الماء نفسه: صار غامراً. وقذر: صار قذراً ومضر اللبن: حمض، ونضر وجهه ولونه، والغصن: نعم وحسن، وخمص بطنه: خلا، وبغض: صار بغيضا، ورفق به، وسفل به: ضد علا، وعقمت المرأة.

السادس: كضرب وكرم وفرح. 

السابع: كنصر وضرب وكرم وفرح  نحو خثر اللبن: ثخن، وعثر الماشي: كبا، وأنس به، وقنط من الرحمة: أيس، وقد سبق مثلث الحلقى كمنع وكرم وفرح، والله أعلم.

فصل: إذا اتصلت تاء الضمير أو نونه بالفعل الماضي الثلاثي المعتل العين كقال وباع وخاف وهاب وطال   فيجب حينئذ تسكين آخر الفعل له مطلقا؛ ثلاثيا أو غيره، مجرداً أو مزيدا فيه، صحيحا أو معتلا.  

ويتغير وزنه لسقوط عينه عند اتصال الساكنين، وهما: آخر الفعل المسكن، والألف المنقلبة، من عين الكلمة، مع الاحتياج إلى التنبيه على وزنه في الأصل؛ هل هو بالضم أو بالكسر، أو بالفتح، وعلى عينه المحذوفة؛ هل هي ياء أو واو لتتميز ذوات الياء من ذوات الواو. 

فإن كان من فعل بالضم أو فعل بالكسر روعي فيه التنبيه على وزنه في الأصل، وإن كان من باب فعل بالفتح روعي فيه التنبيه على عينه المحذوفة. هل هي في الأصل واو أو ياء، فهذا ضابط الفصل المختص بالثلاثي المعتل العين؛  أما غير الثلاثي أو الثلاثي صحيح العين فلا يتغير وزنه، كدحرجت وانطلقت واستخرجت، وكرمت وفرحت ونصرت وضربت ووعدت ورميت ودعوت، ولم ينبه الناظم على ذلك لظهوره،

قلت وقد احترز منهما الناظم بقوله "الثلاثي" فخرج غيره، وبقوله: "عين إذا اعتلت" صحيح العين من الثلاثي ومفهومه أنه يبقى على أصله فلا ينقل ولا يحذف منه شيء .

(وانقل لفاء الثلاثي شكل عين إذا اعتلت وكان بتا الإضمار متصلا)

(أو نونه ……. )

يعني أن الثلاثي المعتل العين إذا سكن آخره عند اتصال تاء الضمير أو نونه التقى حينئذ ساكنان، إذ عينه الألف، ولا يكون الألف إلا ساكناً، فيجب حينئذٍ حذف حرف العلة، وهو الألف المنقلبة عن عين الكلمة، فيبقى أوله مفتوحاً على أصله؛ إذ أول الماضي لا يكون إلا مفتوحاً، فتنظر حينئذ ما حركة عينه قبل انقلابها ألفاً؛ هل هي ضمة أو كسرة أو فتحة؛ فإن كان أصلها ضمة أو كسرة روعي فيه التنبيه على وزنه، فتنقل شكل العين إلى الفاء بعد حذف العين تنبيها على أن أصله من باب فعل بالضم، أو فعل بالكسر، فتقول في طال يطول: طلت وطلنا وطلن بضم الطاء، لأن أصله بضم الواو ككرم، ولما تحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت الواو ألفاً، فلما اتصل به ضمير الفاعل وسكن آخره سقطت، فبقى طلت بفتح الطاء، فأعطى الطاء ضمة الواو في طول قبل انقلابها ألفاً، فصار طلت، 

وكذا تقول في خاف خفت، وخفنا، وخفن بكسر الخاء، لأن أصله خوف بكسر الواو، ويقاس عليهما نظائرهما مما شكل عينه في الأصل ضمة أو كسرة، 

أما الثلاثي المعتل إذا كان شكل عينه الفتحة فيتعذر حينئذ فيه التنبيه على الوزن بل يراعى فيه التنبيه على عينه المحذوفة قبل انقلابها هل هي ياء أو واو فتعطى الفاء شكلاً مجانساً لتلك العين، وهي ضمة إن كان أصلها واوا أو كسرة إن كان أصلها ياء، تنبيهاً على الفرق بين ذوات الياء وذوات الواو كما أشار لذلك بقوله:

 (وإذا فتحاً يكون فمنه  اعتض مجانس تلك العين منتقلا)

فتقول في قال: قلت وقلنا وقلن؛ بضم القاف، أصله: قول بفتح الواو لما سبق أنه من أمثلة فعل المفتوح، فانقلبت ألفاً، وسقطت عند اتصال الضمير، فبقى قلت بفتح القاف، ولم يكن لنقل شكل عينه إلى فائه فائدة، وتعذرت الدلالة على وزنه، فروعي فيه الدلالة على أصل عينه ما هي؛ فأعطى الفاء حركة تجانس الواو، وهي ضمة فصار قلت، 

وكذا تقول في باع يبيع: بعت وبعنا وبعن بكسر الباء، أصله بيع بفتح الياء فأعطى حركة تجانس الياء، وهي الكسرة، ويقاس بهما نظائرهما.

تنبيه: إنما حكمنا على طال بأن أصله طول بالضم ككرم؛ لأنه ضد قصر، ولأن اسم الفاعل منه على فعيل، وهو قياس فعل بالضم، وكذا  حكمنا على خاف بأن أصله خوف بالكسر كفرح؛ لمجيء مضارعه على يفعل بالفتح يخاف. وحكمنا على قال بأن أصله قول بالفتح كنصر، لأنه يمتنع أن يكون أصله قول بالضم لأن فعل بالضم لا يكون إلا لازماً، وقد قالوا: قلته، فتعين أن يكون أصله قول بالفتح، وأن عينه واو لمجيء مضارعه على يفعل بالضم، 

وحكمنا على باع بأن أصله بيع بالفتح وأن عينه ياء، لمجيء مضارعه على يفعل بالكسر، وهو يبيع .

تقرير البيتين : انقل إلى فاء الثلاثي شكل عينه إذا كانت معتلة وكانت متصلة بتاء الإضمار أو نونه، إن كان ذلك الشكل غير فتحة؛ بأن كان ضمة أو كسرة، كما هو مفهوم قوله الآتي: "وإذا فتحا يكون"؛ أي وإن كان الشكل فتحا فلا ينقل إلى فائه شكل عينه، لأن شكل الفاء حينئذ فتحة، 

باب أبنية الفعل المزيد فيه

ومراده ما يشمل مزيد الثلاثي والرباعي، ولم يأت من مزيد الرباعي إلا ثلاثة أبنية، وهي: تفعلل كتدحرج، وافعنلل  كاحرنجم، وافعلل كاسبطر. وسائر الأمثلة التي ذكر من مزيد الثلاثي. وأكثر ما ينتهي بناء الفعل المزيد فيه إلى ستة كاستخراج، والزيادة حينئذٍ ثلاثة أنواع: لأنها إما بحرف واحد يصير به الثلاثي رباعياً كأكرم، والرباعي خماسياً كتدحرج، أو بحرفين كانطلق واحرنجم، أو بثلاثة كاستقام.

إشارات: الأولى: اعلم أن الزائد نوعان: أحدهما: تكرير الأصل. ولا يختص بأحرف بعينها، وذلك كجلببه الجلباب، وله شروط معروفة. ثانيهما: ما لا تكرير في الأصل، ولا يكون إلا بأحد حروف الزيادة العشرة المشهورة، يجمعها قولك: "سألتمونيها" ومعنى تسميتها بحروف الزيادة أنه لا يزاد في الكلمة لغير تكرار إلا بحرف منها، لا أنها تكون أبداً زائدة؛ لأنها قد تكون أصولاً وذلك ظاهر.

الثانية: اعلم أنه لا يعرف الأصل من الزائد إلا بمعرفة الميزان، وهي أن يعبر عن أول أصول الكلمة بفائها وعن ثاني الأصول بعينها وعن ثالثها، وكذا رابعها، بلامها فتقول في ضرب فعل ودحرج فعلل. وأما الزائد فإن كان تكريراً لأصل عبر عنه بلفظ ذلك الأصل، فتقول في وزن ولّى فعّل واحلولى افعوعل، وزهزق عفعل. وأما الزائد لغير تكرار، فيعبر عنه بلفظه، فيقال في أعلم: أفعل، ووالى: فاعل، وانطلق: انفعل، واستخرج: استفعل.

الثالثة: أنه لا يحكم بزيادة حرف إلا بدليل، وأقوى الأدلة سقوطه في بعض التصاريف؛ كسقوط همزة أعلم وألف والى في علم وولى. لكن شرط الاستدلال بسقوط الحرف على زيادته ألا يكون سقوطه لعلة تصريفية: فإن كان سقوطه لعلة تصريفية كسقوط ألف طال وخاف وقال وباع في طلت وخفت وقلت وبغت، وسقوط واو وعد في يعد وعدة- لم يكن دليلاً على الزيادة.

الرابعة: اعلم أن العرب لا تزيد غالباً الحرف إلا لدلالة على معنى زائد لا يدل عليه الأصل؛ كدلالة الهمزة في أكرمته وأعلمته على التعدية، والألف في ضاربته وقاتلته على الاشتراك في الفاعلية والمفعولية، والسين في استغفر ربه على الطلب، ومعرفة هذه المعاني مهم جداً، وسأذكر شيئاً منها، وأهمل الناظم التعرض لها، فذكر أمثلة المزيد مسرودة فقال:

(كأعلم الفعلُ يأتي بالزيادة مع ... والى وولى استقام احر نجم انفصلا)

أي الفعل يأتي بالزيادة، إما بزيادة همزة قطع من أوله كأعلم أو بغيرها إلى آخرها .

فمنها: أفعل بزيادة همزة قطع على الثلاثي؛ بالضم أو بالكسر أو بالفتح؛ صحيحاً ككرم أو معتل الفاء كولج، أو العين بالياء كفاء أي رجع، أو بالواو كقام، أو معتل اللام كذلك كأوى إليه، فتقول في الجميع لتعديتها بالهمزة: أكرمته وأولجته وأفأته وآويته بمد الهمزة، وقس على ذلك سائر أمثلة الفعل المجرد بأنواعه السابقة.

والتعدية أشهر معاني أفعل. ومما ندر مجيء فعل معدى أفعل فيه لازماً بعكس ما تقدم، قولهم: كبه لوجهه فأكب هو، قاله في الصحاح، وزاد في القاموس: قشعت القوم فأقشعوا أي فرقتهم. 

ويأتي لمعانٍ كثيرة في غير التعدية. ومعنى التعدية؛ أن يضمن الفعل معنى التصيير، فيصير الفاعل لأصل الفعل مفعولاً، وحينئذٍ إن كان الفعل لازماً تعدى إلى واحد، كالأمثلة السابقة، أو إلى واحد تعدى إلى اثنين، كألبست زيداً ثوباً، أو اثنين تعدى إلى ثلاثة، كأعلمت زيداً عمراً قائماً. ومن معانيه: السلب والإزالة، كأقذيته وأشكيته: أزلت القذى عن عينه وأزلت شكايته. ومن معانيه: وجدان الشيء على معنى ما صيغ منه كأحمدت الرجل وأعظمته: وجدته حميداً أو عظيماً. ومن معانيه: موافقة الثلاثي كشكل الأمر وأشكل، وذعن له وأذعن: انقاد، ووحى وأوحى: أسرع، ووعى وأوعى. وسرى وأسرى، وسقاه وأسقاه، وقرى وأقراه، ومضه الجرح وأمضه في المضاعف، وصابه وأصابه، وسعر النار وأسعرها في الحلقي وثمر وأثمر، وجبر وأجبر وبقلت الأرض وأبقلت، ونجمت السماء وأنجمت، في غير الحلقي. 

ومن معانيه: الإغناء في الثلاثي عند عدم وروده كأقسم بالله، أي حلف، وأفلح أي فاز، ومنه {أَلْفَيْنَا} أي وجدنا، و {أَفَضْتُمْ} دفعتم، و {آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} علمتم، و {أَقَلَّتْ سَحَابًا} [حملت، و {أَنَابَ} رجع: إذا لم يستعملوا المجرد إلا نادراً.

ومنها: فاعل، بزيادة ألف بين الفاء والعين، وهو للاشتراك في الفاعلية والمفعولية من جهة المعنى، وفي اللفظ أحدهما فاعل والآخر مفعول. وقد يكون لموافقة فعل كجاوزته بمعنى جزته، وهاجرته، أي هجرته. وبمعنى أفعل كباعدته، أي أبعدته، وتابعت الصوم: أتبعت بعضه بعضاً. وأما -والى مثال الناظم - فيحتمل أنه من الموالاة بمعنى المناصرة، فيكون من الاشتراك، أو من الموالاة بمعنى متابعة الشيء، فيكون بمعنى أفعل.

ومنها: فعّل بتضعيف العين، وهو للتعدية كهمزة أفعل نحو: كرّمته وفرحته. ويكون أيضاً لإفادة التكثير نحو {ومزّقناهم- وقطّعناهم- وغلّقت الأبواب} ويكون للسلب والإزالة، كقردت البعير: أزلت عنه القراد. ويكون للتصيير كأمرته وعدلته أي جعلته أميراً وعدلاً ولاختصار حكاية المعنى الذي صيغ منه، نحو كبرت الله وسبحته وحمدته وهللته؛ أي قلت: الله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله. ولموافقة تفعّل كفكر وتفكر وولى وتولى: أدبر. ومثال الناظم يحتمله، ويحتمل التولية بمعنى التصيير، ولموافقة الثلاثي كشمّر ذيله وشمر، وخمّن الشيء وخمنه: قدره، وفتش المتاع وفتشه، وللإغناء عنه عند عدم سماعه نحو {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} أي غلبني و {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} أي ذبحتم.

ومنها: استفعل بزيادة همزة الوصل والسين والتاء، وهو للطلب كـ {اسْتَغْفَرَ رَبَّهُ} واستعانه: سأله المغفرة والإعانة، وقد يكون الطلب تقديرياً نحو {ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا} و{اسْتَوْقَدَ نَارًا} و{اسْتَخَفَّ قَوْمَهُ} أي طلب الحقير منهم. ويكون للتصيير كاستحجر الطين، ومنه المثل: إن البغاث بأرضنا يستنسر، ولوجدان الشيء على معنى ما صيغ منه كاستعظمته: وجدته عظيماً. ولمطاوعة أفعل، نحو: أحكمته فاستحكم، وأقمته فاستقام، وهو مثال الناظم، ومعنى المطاوعة: حصول فعل قاصر عن أثر فعل متعد. ويكون لموافقة أفعل، كأجاب واستجاب، وأيقن واستيقن، ولموافقة تفعل كتكبر واستكبر، وموافقة افتعل كاعتصم واستعصم، وموافقة الثلاثي كأنس واستأنس، وغني به واستغنى، وللاستغناء عنه عدم سماعه، نحو استحيا، إذ لم يستعملوا المجرد منه.

ومنها: افعنلل بزيادة همزة الوصل والنون بين العين واللام الأولى، وهو مطاوعة فعلل الرباعي، نحو حرجمت الإبل فاحرنجمت؛ أي جمعتها فاجتمعت.

ومنها: انفعل بزيادة همزة الوصل والنون، وهو لمطاوعة فعل، نحو فصلته فانفصل، وكسرته فانكسر، وقد يطاوع أفعل كأغلقت الباب فانغلق، ولموافقة فعل كانطفأ: طفئ، وللإغناء عنه، كانطلق، أي ذهب، إذ لم يستعملوا المجرد منه.

(وافعل ذا ألف في الحشو رابعة ... وعارياً، وكذاك اهبيخ اعتدالاً)

أي ومنها: افعالّ بزيادة همزة الوصل وألف رابعة بين الألف واللام المضعفة، وكذا افعّل عارياً منها، وهما للألوان نحو: احمار واصفار، واحمر واصفر لونه، والفرق بينهما: أن افعال للون غير ثابت، ولهذا يقال: جعل يحمار مرة ويصفار أخرى، وافعل للون الثابت، ولا يكون كل منهما إلا لازماً.

ومنها: افعيّل بزيادة همزة الوصل والياء المثناة تحت المشددة بين العين واللام، نحو: اهبيخ الرجل: انتفخ وتكبر وتبختر في مشيته، واهبيخ الصبي أيضاً: سمن.

ومنها: افتعل بزيادة همزة الوصل وتاء الإفتعال، ويكون للاتخاذ نحو: اشتويت اللحم؛ أي اتخذت منه شواء، ولمطاوعة فعل المضعف كعدلت

الرمح فاعتدل، وللاختيار كانتقاه واصطفاه، ولموافقة الثلاثي نحو: كسب واكتسب، ورقى وارتقى، وبمعنى تفاعل كاختصموا: تخاصموا.

(تدحرجت عذيط احلولى اسبطر توا ... لى مع تولى وخلبس سنبس اتصلا)

ومنها: تفعلل بزيادة التاء في فعلل الرباعي لمطاوعته، كدحرجته فتدحرج.

ومنها: فعيل بزيادة ياء مثناة تحت بين العين واللام، كعذيط إذا كان يحدث عند الجماع، ومثله: رهيأ العمل، وطشيأه إذا لم يكن يحكمه.

ومنها: افعوعل بزيادة همزة الوصل مع تكرير العين المفصولة بالواو، ويكون للمبالغة، نحو: اعشوشب المكان واخشوشن، وللصيرورة، نحو: احلولى الشراب: صار حلواً، واحقوقف الرمل والهلال: صار أعوج.

ومنها: افعلَلّ بزيادة همزة الوصل وتضعيف اللام الثانية، وهو من مزيد الرباعي، نحو: اسبطر الرجل: اضطجع وامتد، والإبل: مدت أعناقها لتسرع في سيرها، والشعر: طال، واشمعل في سيره: أسرع فيه، واطمأن واقشعر واشمأزت نفسه: نفرت.

ومنها: تفاعل بزيادة التاء والألف، وهو للاشتراك في الفاعلية لفظاً والمفعولية معنى، نحو: تضارب زيد وعمرو، وقد يكون لمطاوعة فاعل الذي بمعنى أفعل نحو: واليت الصوم فتوالى، كتابعته فتتابع؛ بمعنى أتبعت بعضه بعضاً، وباعدته فتباعد، أي أبعدته، وضاعفته فتضاعف: أضعفته، ويكون أيضاً لإظهار الفاعل بخلاف ما هو عليه، نحو: تجاهل زيدٌ وتغافل: أظهر الجهل والغفلة من نفسه، وليس كذلك

ومنها: تفعل، بزيادة التاء وتضعيف العين، وهو لمطاوعة فعل المضعف، كعلمته فتعلم، ودبته فتأدب، ولموافقة فعل المضعف، نحو: تولى عنهم: ولى، ويكون أيضاً لتعاطي الشيء تكلفاً، نحو: تشجع وتصبر: تكلف، ونحو: تغافل وتجاهل في كون كل منهما غير ثابت للفاعل، إلا أن الفاعل في تشجع يطلب حصول ما تعاطاه، بخلاف تجاهل، ويكون أيضاً لمجانبة الشيء، كتهجد: جانب الهجود، وهو النوم، وتحرج وتأثم: جانب الحرج والإثم. وللاتخاذ، كتوسد ذراعه: اتخذها وسادة، وللدلالة على التكرار، كتجرعه: شربه جرعة بعد جرعة. وللطلب كاستفعل نحو: تكبر: طلب أن يكون كبيراً.

ومنها: فعلس بزيادة السين في آخره للإلحاق بفعلل الرباعي، نحو: خلبس قلبه: خدعه وفتنه. وأصله: خلبه، ومنه قولهم: برق خلب، إذا لم يعقبه مطر.

ومنها: سفعل بزيادة السين في أوله للإلحاق بفعلل أيضاً، نحو سنبس في سيره، أسرع، وأصله: نبس: تحرك ونطق. والتاء في قوله: تدحرجت تاء التأنيث الساكنة، وتسكين آخر خلبس للضرورة، وقوله: اتصلا، فليس بمثال، بل تكميل لأن وزنه افتعل كاعتدل.

(واحبنطأ احو نصل اسلنقى تمسكن سلقى ... قلنست جوربت هرولت مرتحلاً)

أومنها افعنلأ مهموزا  بزيادة همزة الوصل والنون بين العين واللام، والهمزة في آخره أيضاً للإلحاق باحر نجم مزيد الرباعي، نحو: احبنطأ: عظمت بطنه، ووزن احبنطأ بالهمزة هذا من زيادات القاموس، ولم يذكر في الصحاح إلا احبنطى بغير همز، وهو المشهور في كتب التصريف.

ومنها: افونعل بزيادة همزة الوصل والواو والنون بين الفاء والعين، نحو: احونصل الطائر: ثنى عنقه وأخرج حوصلته .

ومنها: افعنلى بزيادة الهمزة والنون بين العين واللام وألف التأنيث للإلحاق باحر نجم كاسلنقى الرجل على قفاه، بمعنى استلقى، واحبنطى عظمت بطنه، واسرندى واعلندى بمعنى غلظ.

ومنها: تمفعل بزيادة التاء والميم، كتمسكن الرجل: أظهر المسكنة، وتمندل بالمنديل، وتمدرع بالمدرعة: لبسهما، وأصل المسكنة من السكون، والمنديل من ندل، والمدرعة من درع.

ومنها: فعلى بزيادة ألف للإلحاق بفعلل كسلقاه: ألقاه على قفاه.

ومنها: فعنل بزيادة النون بين العين واللام، كقلنسه: ألبسه القلنسوة، وقد يقال قلساه كسلقاه، وقلسه أيضاً بالتضعيف.

ومنها: فوعل بزيادة الواو بين الفاء والعين، كجوربه: ألبسه الجورب، وحوقل الرجل: إذا أسن وضعف عن الجماع.

ومنها: فعول بزيادة الواو بين العين واللام، كهرول في مشيه: أسرع،

وجهور في كلامه: جهر به. 

زهزقت هلقمت رهمشت اكوأل ترهشف اجفأظ اشلهم قطرن الجملا

ومنها: عفعل، بتكرير العين، نحو زهزق الرجل: أكثر الضحك، وأصله: هزق، ودهدم الجدار: هدمه وقلب بعضه على بعض.

ومنها: هفعل بزيادة الهاء أوله، نحو: هلقم الطعام: لقمه وابتلعه.

ومنها: فهعل بزيادة الهاء بين الفاء والعين، نحو: رهمس الشيء: رمسه بمعنى ستره ودفنه.

ومنها: افوعل بزيادة همزة الوصل والواو بين الفاء والعين مع تضعيف اللام، كاكوأل الرجل: قصر واجتمع خلقه، واكوأد واكوهد: ارتعش.

ومنها: تفهعل بزيادة التاء في أوله والهاء بين الفاء والعين، نحو: ترهشف الشراب: ارتشفه بمعنى امتصه.

ومنها: افعأل بزيادة همزة الوصل والهمزة أيضاً بين العين واللام مع تضعيف اللام، نحو: اجفأظ : أشفى على الموت، واجفأظت الجيفة، انفتخت، وقد يقال اجفأظ بالمد كاحمار.

ومنها: افلعل بزيادة همزة الوصل ولام بين الفاء والعين مع تضعيف اللام، كاسلهم الرجل: تغير من آثار شمس أو سفر؛ بمعنى سهم.

ومنها: فعلن بزيادة النون في آخره، نحو قطرن الجمل: طلاه بالقطران؛ بمعنى قطره .

(ترمست كلتبت جلمطت وغلصم ثم ... م ادلمس اهرمعت واعلنكس انتخلا)

ومنها: تفعل بزيادة التاء في أوله مخففاً، نحو ترمس الرجل؛ استتر وتغيب عن أمر مهم، ورمس الشيء: دفنه، والكلام: كتمه وأخفاه.

ومنها: فعتل بزيادة التاء بين العين واللام، نحو كلتب الرجل، إذا داهن في الأمر وكلتب أيضاً كقنفذ.

ومنها: فعمل بزيادة الميم بين العين واللام، كجلمط رأسه: حلقه، وأصله: جلطه، وجلط الجلد عن الشاة: سلخه.

ومنها: فعلم بزيادة الميم في آخره نحو غلصمه، إذا قطع غلصمته، أصله: غلصه، كذا قال الناظم، ومقتضى الصحاح والقاموس أن ميم الغلصمة أصلية.

ومنها: افعمل بزيادة همزة الوصل والميم المشددة بين العين واللام، نحو: ادلمس الليل، إذا اختلطت ظلمته، أصله: دلس، ومثله: اهرمع الدمع: سال بسرعة، وارهمع في سيره: أسرع، أصله: هرع. ولم يظهر لي وجه ذكر الناظم له مع ادلمس وهما مثالان لوزن واحد، فهو تكرار محض.

ومنها: افعنلس بزيادة همزة الوصل والنون بين العين واللام والسين المهملة في آخره، نحو: اعلنكس الشعر: تراكم لكثرته، وقد يقال اعلنكك بتكرير الكاف، واقعنسس البعير: تعصى عن الانقياد فرفع رأسه إلى وراء، وقوله انتحلا تكميل  بمعنى اختبر، لأن وزنه افتعل، ولا بأس بإشباع ضمة التاء من جلمطت لإقامة الوزن.

واعلوط اعثوججت بيطرت سنبل زملق اضممن لتسلقى واجتنب خللا

ومنها: افعوّل بزيادة همزة الوصل وواو مشددة بين العين واللام، نحو: اعلوط فرسه: تعلق بعنقه وركبه، واعلوطني غريمي: لزمني.

ومنها: افعولل بزيادة همزة الوصل والواو بين العين واللام الأولى، نحو: اعثوجج البعير بجيمين: ضخم وغلظ، وبمعنى أسرع أيضاً، كذا أورده الناظم رحمه الله تعالى، والمشهور في كتب التصريف: اعثوثج البعير بتكرير الثاء الذي هو عين الكلمة، وهذا المذكور في الصحاح، لكن قال في القاموس: "العثوثج، والعثوجج: البعير الضخم السريع" فالفعلان منهما: اعثوثج واعثوجج، وقد يوجد في بعض النسخ اعثوثجت، وكأنه تصرف من بعض الطلبة لشهرة اعثوثج وزنه افعوعل، كاحلولى واعشوشب وقد سبق.

ومنها: فيعل بزيادة الياء تحت بين الفاء والعين، نحو: بيطر الرجل: عمل البيطرة، وهي معالجة الدواب من البطر، وهو الشق.

ومنها: فنعل بزيادة النون بين الفاء والعين، نحو: سنبل الزرع: أخرج سنابله.

ومنها: فمعل بزيادة الميم بينهما أيضاً، نحو: زملق الفحل: ألقى ماءه عند الضراب قبل الإيلاج؛ من زلق.

ومنها: تفعلى بزيادة التاء في أوله وألف التأنيث في آخره للإلحاق بتدحرج مزيد الرباعي، نحو: تسلقى مطاوع سلقاه على قفاه فتسلقى.

فهذه سبعة وأربعون بناء ذكرها الناظم من أبنية المزيد فيه، لكن سبق أن ادلمس واهرمع وزنهما واحد فيكون ستة وأربعون، وأن مقتضى الصحاح والقاموس أن سين خلبس ونون سنبل وميم غلصم أصلية، فوزنها: فعلل. والعجب أنه ذكر أوزاناً غريبة قل من تعرض لها من التصريفيين، وأهمل أوزاناً مشهورة، وهي:  تفعلل بتكرير اللام، كتجلبب، من لبس الجلباب، مطاوع جلببه الملحق بتدحرج،  وتفوعل كتجورب مطاوع جوربه، وتفعول كترهوك في مشيه، إذا تموج فيه متبختراً، وتفعيل كتشيطن؛ أي أشبه الشيطان، وهذه الأربعة من مزيد الثلاثي للإلحاق بمزيد الرباعي، والله أعلم بالصواب.

فصل في أحكام المضارع التي يتم بها بناؤه على أي وزن كان ماضيه، وهي ثلاثة: ما يفتتح به وحركة أوله المفتتح به، وحركة ما قبل آخره. وأما حركة آخره من رفع ونصب وجزم فمحله علم الإعراب، أما ما يفتتح به فأشار إليه بقوله: "ببعض نأتي المضارع افتتح"

أي افتتح كل مضارع ثلاثياً أو رباعياً أو خماسياً أو سداسياً ببعض حروف نأتي، فلا بد أن يفتتح أوله زيادة على ماضيه ببعض حروفها ومنهم من عبر عنها بنأيت. وتسمى حروف المضارعة، 

وهي أربعة: الهمزة، والنون، والتاء، والياء؛ فالهمزة تكون للمتكلم المنفرد كقولك: أنا ادخل وأكرمك وأنطلق وأستخرج، فإن كان في أول الفعل همزة، ولم تدل على متكلم فهو ماض كأكرمك زيد. والنون تكون للمتكلم المشارك كقولك: نحن ندخل ونكرم وننطلق، ونستخرج؛ فلو كان في أول الفعل نون ولم تدل علة متكلم كنصره ونرجس الدواء، أي جعل فيه النرجس، فهو ماض، والتاء تكون للمخاطب مطلقاً، أي مفرداً ومثنى ومجموعاً مذكراً ومؤنثاً كقولك: أنت تدخل وتكرمني، وأنتما تنطلقان، وأنتم تستخرجون، وأنت تقومين، وأنتن تقمن؛ فلو كان في أوله تاء وهو غير دال على مخاطب، نحو: تعلمت العلم، فهو ماض. وتكون هذه التاء أيضاً للمؤنث الغائب، مفرداً ومثنى فقط: نحو: هي تقوم، والهندان تقومان، دون جمعه، نحو: هن يقمن؛ فإنه بالياء، والياء تكون للغائب المذكر مطلقا: أي مفرداً أو مثنى أو مجموعاً، نحو: هو يقوم، والزيدان يقومان، وهم يقومون، وللغائبات فقط، نحو هنّ يَقُمْن، فلو كان في أول الفعل ياء، ولم تدل على الغائب نحو: يئس منه، فهو ماض.

فائدة: إنما زادوا حرف المضارعة ليحصل الفرق بينه وبين الماضي، واختصت الزيادة به دون الماضي لأنه فرعه؛ أي هو مؤخر عنه، والأصل عدم الزيادة، فاختص الأصل بالأصل والفرع بالفرع، وسُميَ مضارعاً؛ لأن المضارعة المشابَهة؛ مأخوذ من ارتضاع اثنين ضرع المرأة فهما أخوان، وقد شابه اسم الفاعل في حركاته وسكناته، ولذلك أُعرب دون غيره من الأفعال.


وأما حركة أوله فأشار إليها بقوله:

(وله ضم إذا بالرباعي مطلقا وصلا وافتحه متصلا بغيره )

أي وحق الحرف المفتتح به أول المضارع الضمّ، إذا اتصل بفعل ماضيه رباعي مطلقا؛ مجرداً كدحرج أو مزيد الثلاثي كأَعْلَمَ وولَّى، ووالى،  فتقول في المضارع: يُدَحْرِجُ ويُعْلِمُ ويوالي. فإذا اتصل حرف المضارعة بغير الرباعي فحقّه الفتح؛ ثلاثياً كضرب؛ أو خماسياً كانطلق، أو سداسياً كاستخرج؛ فتقول في مضارعها: يَضْرِب ويَسْتَخْرِج، وهذا على لغة الحجاز، وهم قريش وكنانة، وبلغتهم نزل القرآن. وأما غيرهم من تميم وقيس وربيعة فإنهم يوافقون أهل الحجاز في لزوم ضم أول الرباعي، وكذلك فتح أول مضارع فَعُلَ المضموم ككرُم يَكْرم، وفَعَل المفتوح بجميع أنواعه، سواء كان فاؤه واواً كوعد يعد، أو عينه أو لامه ياء كباع يبيع ورمى يرمي، أو واوا كقال يقول وغزا يغزو، أو مضاعفاً لازما كحنّ يحنّ، أو معدّى كمدّه يمدّه؛ معتلاً كما ذكر أو صحيحاً حلقياً، كمنع يمنع وسأل يسأل، أو غير حلقي مضموم المضارع كنصر يَنْصُر، أو مكسوره كضرب يضرب أو بوجهين: كعلته يَعْتُله ويَعْتِله- فإنهم يوافقون أهل الحجاز في التزام فتح حرف المضارعة من ذلك كله، ما خلا كلمة أَبَى يأْبَ فإنهم يكسرون حرف المضارعة منها كما سيأتي. وإنما سكت الناظم عن ذلك؛ لأنه باقٍ على الأصل السابق، من لزوم فتح غير الرباعي. وأما فعِل المكسور والخُماسي المبدوء بهمزة الوصل كانطلق، أو بالتاء كتَعَلّم، والسُداسي المبدوء بهمزة الوصل كاستخرج، فلا يلتزمون فتح المضارعة فيها. ولهم فيها حالتان: حالة يجيزون فيها كسر الهمزة والنون والتاء دون الياء وحالة يجيزون فيها كسر الجميع؛ الياء وغيرها. وإلى الحالة الأولى أشار بقوله:

(ولغير الياء كسراً أَجِزْ في الآتِ من فَعِلا

أو ما تَصدَّرَ همز الوصل فيه أو التاء زائداً كتزكى)

أي وأجز الكسر لغير الياء من همزة أو نون أو تاء في وزن المضارع الآتي من فَعِلَ المكسور، كفرح، أو من الفعل الخماسي والسداسي، وهو المراد بقوله: أو ما تصدر همز الوصل فيه، أو التاء الزائدة؛ إذ لا يكون الزائد على أربعة مصدَّراً بهمزة وصل، ويكون خماسياً كانطلق، وسداسيا كاستخرج، أو التاء الزائدة، ولا يكون إلا خماسياً كتزكى، فنقول فيها: أنا أعلم وأنطلق وأستخرج وأتزكى بفتح الهمزة وكسرها، وكذا نحن نعلم وننطلق ونستخرج ونتزكى، وتقول: هو يعلم وينطلق ويستخرج بالفتح لا غير. وقد قرئ شاذا: {وإياك نِستعين} و{يوم تِبيض وجوه وتِسود وجوه}، {ولا تِرْكَنوا إلى الذين ظلموا}، {ألم أِعْهد إليكم} بكسر حروف المضارعة فيها على هذه اللغة؛ لأن ماضي هذه الفعال استعان وابيض واسود؛ مما تصدر بهمزة الوصل، وركِن وعهِد كعَلِمَ، وهو ما يجوز فيه كسر حروف المضارعة؛ الياء وغيره.

وإلى القسم الثاني أشار بقوله:

(وهو قد نقلا

في الياء وفي غيرها إنْ أُلْحِقا بِأَبَى أو ماله الواو فاءً نحو قد وَجِلا)

أي وجواز الكسر قد نقل عنهم  في الياء وغيرها من حروف المضارعة إن ألحقا أي الياء وغيرها بكلمة أَبَى أو بكل فعل ثلاثي فاؤه واو؛ أي إذا كان من باب فَعِلَ المكسور كوَجِلَ ووَجِعَ، دون وَعَد ونحوه، فيقولون أبى يأبى بالفتح ويئبى بالكسر، وأبيت أنا أَأْبى وإئْبى، وأبينا نحن نأبى ونئبى، وأبيت أنت تأبى وتئبى بالوجهين، وكذا يقولون: وَجِل زيد يَوْجَل ويِيجَل، ووجلت أنت توجل وتِيجل.

تنبيه: اعلم أن الناظم رحمه الله أطلق في القسم الأول جواز كسر غير

الياء من فَعِلَ المكسور، وفي القسم الثاني جوازه في الياء وفي غيرها مما فاؤه واو، وليس كذلك، بل شرطه في القسم الأول أن يأتي مضارعه على يفعل بالفتح؛ فإن خالف القياس كما في حسب يحسب وأخواته وجب فتح حروف المضارعة كلها اتفاقاً، وكذا شرطه فيما فاؤه واو أن يكون ماضيه على فَعِل بالكسر كما قيدناه بذلك، ويرشد إليه تمثيله له بوَجِلَ دون وصل، ولا بد أيضاً أن يكون مضارعه على يفعل بالفتح فإن كان ماضيه على فَعَل بالفتح كوعد، أو فَعُلَ بالضم كوفُر المال، أو على فعل بالكسر ومضارعه على يفْعِل بالكسر شاذاً، كورِث يرِث وأخواته، فيجب فتح حروف المضارعة أيضاً اتفاقا. 


وأما حركة ما قبل آخر المضارع فأشار إليها بقوله:

(وكَسْرُ ما قبلَ آخِر المضارع مِن ... ذا الباب يلزم إنْ ماضيه قد حُظِلا)

(زيادة التاء أولا وإن حصلت ... له فما قبل الآخر افتحن بِوِلا)

والمراد بذا الباب أبنية الفعل المزيد فيه، لأن هذا الباب معقود له والفصل معقود لمضارعه؛ لأن أبنية الفعل المجرد قد سبق حكمها، واستطرد بذكر المجرد وغيره فيما يفتح له المضارع لعدم ذكره لذلك من قبل .

والمعنى أنه يلزم كسر ما قبل آخر المضارع من الفعل المزيد فيه إن لم يكن أول ماضيه تاء مزيدة، وذلك نحو يُكِرم يقاتل ويُوَلِي وينطلق ويستخرج؛ فإن حصلت التاء المزيدة في أول ماضيه فُتح؛ أي بقي ما قبل آخره مفتوحاً، وذلك نحو: تدحرج وتعلَّم وتغافل.

تتمات: إحداها: ظاهر عبارته أن فتحه ما قبل الآخر من نحو يتدحرج فتحه عارضة، غير فتحته التي في ماضيه، والأكثر على خلافه، قوله: افْتَحَنْ بوِلا؛ بكسر الواو أي افتحنه بفتحة تلي ما قبلها من الفتحات.

الثانية: قد يرد على ظاهر عبارته فتح ما قبل الآخر في نحو: احمرَّ يحمرّ، وسكونه في نحو: احمارّ يحمارّ، وانقاد واختار واستعان لأنه لم يستسن إلا ما في أوله التاء المزيدة ويجاب عنه بأن الكسرة فيه مقدرة؛ لأن كسر ما قبل الآخر؛ إما أن يكون ظاهراً كما سبق، أو مقدراً كما في احمرّ يحمرّ؛ فإن أصله: يَحمَرِرُ كينطلق، فالكسرة فيه مقدرة، وإنما فتح لعارض التضعيف. كما عرض السكون في نحو يحمارّ، وينقاد، ويستعين للإعلال.

الثالثة: تقييده بذا الباب يخرج الرباعي المجرد، مع أن حكمه كسر ما قبل آخره أيضاً كيدحرِج، وأما الرباعي المزيد فيه، فقد شملته عبارته.

الرابعة: قياس ما سبق على أن بناء المضارع من كل فعل بأن يُزاد على ماضيه أحد الحروف الأربعة المسماة حروف المضارعة- أن يكون مضارع أكرم ونظائره يُؤَكْرِم كيدحرج، إلا أنهم لما اجتمع فيه عند إسناده إلى همزة المتكلم همزتان. كقولك: أنا أؤكرم، وهما همزة المضارعة وهمزة الزيادة على الثلاثي- استثقلوا الجمع بين الهمزتين فحذفوا إحداهما تخفيفا، ثم حملوا ما فيه النون والياء والتاء عليه؛ ليكون على نسق واحد. وعلى الأصل المهجور جاء قول الشاعر:

(فإنه أهلٌ لأن يؤَكْرما)

فصل في فعل ما لم يسمّ فاعله

أي في أحكامه التي بها تتميز صيغته من صيغة الفعل المبني للفاعل، وذلك عند حذف الفاعل وإسناد الفعل إلى المفعول به أو ما يقوم مقامه، وتلك الأحكام الستة: ضم أوله إن كان صحيح العين، وكسره إن كان معتلها كقيل، وكسر ما قبل آخر ماضيه، وفتح ما قبل آخر مضارعه مطلقا، وضم ثالثه أيضاً إن كان مبدوءاً بهمزة وصل؛ صحيح العين، خماسياً أو سداسياً كانْطُلِق بزيد واستخرج المتاع، وكسر ثالثه إن كان مبدوءاً بهمزة الوصل معتلها كاختير وانقيد له، وضم ثانيه إن كان مبدوءاً بالتاء المزيدة، ولا يكون إلا خماسياً كتُعُلّم، وأشار إلى الحكم الأول، فقال:

(إن تُسْنِد الفعل للمفعول فَأْتِ به ... مضموم الأول)

أي إذا أسند الفعل إلى المفعول يضم أوله مطلقاً كضُرب وأُكرِم وانطُلِق به، واستخرج وتُعُلِمّ، وهذا إذا كان صحيح العين، ولفظ الناظم إذا كان مطلقاً فإفراده المعتل بقيده. وإلى الثاني، فقال :

(واكسره إذا اتصلا بعين اعتل)

أي واكسر أوله إذا اتصل بعين معتلة، نحو: قيل وبيع، وأصلهما: قُوِل وبُيعَ؛ بضم أولهما وكسر الواو والياء على وزن ضُرب، فاستثقلوا الكسرة على حرف العلة فحذفوا ضمّة الفاء، ونقلوا كسرة العين إلى مكانها، فسلمت مع بيع، وقلبت الواو مع قيل ياء لسكونها بعد كسرة.

وإلى الثالث، فقال:

(واجعل قبل الآخر في ال ... مُضيّ كسراً وفتحاً في سواه تلا)

أي واكسر ما قبل آخر الماضي منه مطلقا كضُرِب وأُكْرِم وانْطُلِق به، واستخرج متاعه، واما مضارعه، وهو مراده بما سوى الماضي، فما قبل آخره مفتوح كيُضْرَب ويُنطلَق به ويُستَخْرَج متاعه، وذكره له على سبيل الاستطراد؛ لأن أكثر أحكام الفصل يختص بالماضي. وإلى الرابع، فقال :  (ثالث ذي همز وصلٍ ضُمَّ معه)

أي وضم مع ضم همزة الوصل المبدوء به الفعل ثالثَة أيضا، كانطُلق بزيد، واقتُدر عليه، واستُخرج متاعه، وهذا مقيد بصحيح العين، وسيأتي معتلَّها. وإلى الحكم الخامس، فقال:

(ومع تاء المطاوعة اضمم تِلْوَها بوِلا)

أي: واضمم مع تاء المطاوعة المضموم بها الفعل تلوها أيضا  كتُعُلم وتُدُحرج وتُغُوفل ومعنى قوله بوِلا: أي من غير فاصل بينهما.

تنبيهان: أحدهما: لو عَبَّر بالتاء المزيدة لكان أشمل؛ لأنَّ التاء في مثل تغافل وتكبَّر ليست للمطاوعة؛ لما سبق أن المطاوعة حصول أثر فعل كعلمته فتعلم، مع أنَّ الحكم عام في كل مبدوء بتاء مزيدة. وعبارته في الخلاصة كعبارته هنا، حيث قال فيها:

(والثاني التالي تا المطاوعة ... كالأول اجعله بلا منازعة)

ثانيهما: إنما ضموا الثاني مما أوله تاء مزيدة؛ لأنه لو بقي مفتوحاً مع ضم الأول وكسر ما قبل الآخر لالتبس بالمضارع المسند إلى الفاعل المبدوء بالتاء، نحو: أنت تُعَلّم زيداً العلم؛ مضارع علّمه المضعّف.

وإلى الحكم السادس، فقال:

(وما لِفَا نحو باع اجعل لثالث نحو اختار وانقاد كاختير الذي فضلا)

أي: واجعل لثالث نحو اختار وانقاد، وهو المبدوء بهمزة الوصل، المعتل العين ما جعلته لفاء نحو باع، وهو الثلاثي المعتل العين، من الكسر نحو: اختير وانقيد له، عوضاً عن الضم في صحيحهما من الثلاثي والخماسي المبدوء بهمزة الوصل: لأن الأصل اختير بضم الفوقانية وكسر التحتانية، وانقود بضم القاف وكسر الواو على وزن اقتدر عليه، وانطلق به، فاستثقلوا الكسرة بعد الضمة على حرف علة، فحذفوا الضمة، ثم نقلوا الكسرة إلى مكانها، فسلمت الياء من اختير كما سلمت في بيع، وانقلبت الواو من انقود ياء لسكونها بعد كسرة، كما في قول، فصار اختير وانقيد.

تنبيه: من العرب من يقول: بيع وقيل بإشمام الفاء الضمة، إشارةً إلى أنَّ الضم هو الأصل، وهي لغة فصيحة، لكن الكسر أفصح، وبهما قرئ في السبع (وقيل، وغيض الماء، وجيء، وحيل بينهم، وسيء، وسيئت) ومن العرب من يبقي ضمة الفاء مع حذف حركة العين فتسلم الواو من قوله، وتنقلب الياء من بيع واواً لسكونها بعض ضمة، عكس اللغة الأولى، قال الشاعر: حُوكَت على نيرين إذ تحاك

وقال آخر:

(ليت شباباً بُوعَ فاشتريت)

وهذه اللغات جارية أيضاً في نحو اختير وانقيد، فمن أشم الفاء من قيل وبيع أشم الثالث من اختير وانقيد، ومن قال بوع وحوكت قال اختور وانقود بسكون الواو التي في الأصل عين الكلمة، ولهمزة الوصل أيضاً من اختير وانقيد حكم العين من كسر أو إشمام أو ضم فهي تابعة لها. وقد ذكر ذلك في الخلاصة، قال:

(واكسر أو اشمم فاثُلاثِيٍ أُعِلَّ ... عيناً وضَمٌ جَاكَبُوعَ فاحْتُمِلْ)


فصل في صيغة فعل الأمر من أي فعل كان، وذلك على قسمين: مقيس وشاذ، فالمقيس على ثلاث أضرب؛ لأنه إما رباعي بزيادة همزة القطع كأَكْرِم، أَوْ لا، وإذا لم يكن كذلك؛ فإما أن يكون الحرف الذي يلي حرف المضارعة متحركاً كيَقُوم ويُدَحرج ويَتَعلّم، أو ساكناً كيضرب وينطلق ويستخرج.

وإلى الضرب الأول أشار بقوله: (مِنْ أَفْعَلَ الأَمْرُ أَفْعِلْ)

أي صيغة الأمر من كل رباعي بزيادة همزة القطع، كأفعَل يكون على وزن أَفْعِلْ بهمزة قطع وكسر عينه، كأَكْرِم {وأدخل يدك، وألق عصاك} .

وأما الضرب الثاني، وهو ما ليس على وزن أفعل والحرف الذي يلي حرف المضارعة متحركاً، فأشار إليه بقوله:

(واعْزُهُ لسوا ... هُ كالمضارع ذي الجزم الذي اختزلا أوَّلُه)

أي، واعْزُ الأمر؛ أي انسبه لسوى أَفْعِلْ كصيغة المضارع المجزوم الذي اختزل، أي قطع منه حرف المضارعة، والمعنى: أنَّ صيغة الأمر منه كمضارعه المجزوم الذي حذف منه حرف المضارعة، كقولك في يقوم ويبيع ويخاف ويدحرج ويتعلم. قُم وبِعْ وخَفْ ودَحْرِجْ وتعلَّم كما تقول: لم يقم ولم يبع ولم يخف.

وشملت عبارته: ما الحرف الذي يلي حرف المضارعة منه ساكن، وهو الضرب الثالث، لكنه أخرجه بقوله:

(وبهمز الوصل منكسرا ... صل ساكنا كان بالمحذوف متصلا)

أي: وصل الساكن المتصل بحرف المضارعة بعد حذفه بهمز الوصل حال كون همز الوصل منكسراً إذا ابتدأت به، كقولك في يضرب وينطلق ويستخرج، اضرب وانطلق واستخرج، وإنما جلبوا له همزة الوصل ليتوصل به إلى النطق؛ إذا لا يمكن ابتداء النطق بساكن، ولهذا تسقط الهمزة في الدَّرج، وشملت عبارته في قوله منكسرا: ما ثالثه مكسور، كاضرب أو مفتوح كاذهب واشرب وانطلق واستخرج، أو مضموم كاخرج وادع، وهو كذلك إلا فيما ثالثه مضموم كاخرج فإن همزة الوصل تكون منه، إذا ابتدئ به، مضمومة، وقد أخرجه بقوله:

(والهمز قبل لزوم الضَّمّ ضُمَّ)

أي: وضم همز الوصل إذا كان قبل ضمة أصيلة لازمة كاخرُج، فلو كان مضموماً في الأصل، لكن زالت الضمة لعلة، وصارت مكسورة بكسرة لازمة، كما في اغْزِي وادْعِي يا هند جاز في همزته وجهان: الكسر كما قد شملته عبارته أولا نظراً إلى الحال، وهو كسر ثالثه، وإشمام الكسر الضّمّ دلالة على أنَّ أصله الضم، وقد أشار إلى ذلك بقوله: (ونحو اغْزِي بكسرٍ مُشَمَّ الضَّمِ قد قُبِلا)

أي: وقد قبل إشمام الكسر الضم في نحو اغزي يا هند، وهو أمر المؤنثة مما ثالثه مضموم وهو معتل اللام، وفهم من قوله: "قد قبلا" أن الكسر أفصح من الإشمام، نظراً إلى الكسرة اللازمة، وهو كذلك، وأصل اغزي واغزوي على وزن ادخلي، استثقلت الكسرة على الواو فسكنت (ثم نقلت حركتها إلى ما قبلها) فالتقى ساكنان الواو والياء فحذفت الواو فسار اغزي. فكسرة الزاي الذي هو ثالث الفعل عارضة؛ لأنَّ أصلها الضم، لكنها صارت لازمة لضرورة كسر ما قبل ياء المؤنثة.

تنبيهات أحدها: لو كان ثالث الفعل مضموماً بضمة لازمة، لكنها عارضة غير أصلية عكس ما قبلها وجب كسر همزة الوصل نظراً إلى الأصل، ولم يجئ فيه الإشمام ولا الضم نظراً إلى الحال، وبهذا قيدته بقولي أصلية، وقد يرد ذلك على إطلاقه. فتقول: إذا ابتدأت بنحو قوله تعالى {أَنِ امشوا- ثم ائتوا صفا} امشوا، ائتوا صفا، بكسر الهمزة، وإن كان ثالث الفعل في اللفظ مضموماً؛ لأنَّ أصله: امشيو، ائتيوا على وزن اضربوا، لكن استثقلت الضمة على حرف العلة وهو الياء فسكن ثم نقلت حركته إلى ما قبله لضرورة ضم ما قبل واو الجمع فالتقى ساكنان: الياء والواو، فحُذف حرف العلة، وهو الياء.

ثانيها: لعل الناظم إنما أطلق قوله أولا: (وبهمز الوصل منكسرا) ليشير إلى أنها زيدت ساكنة، ثم حركت حركة التقاء الساكنين، وهو الكسر، وإنما عوض الضم فيما ثالثه مضموم للمناسبة؛ لاستثقال الانتقال من كسرة إلى ضمة، وهذا هو مذهب الجمهور غير سيبويه، وعند سيبويه أنها زيدت ابتداء متحركة بما حركت به من كسرة أو ضمة، وهو ظاهر عبارة الناظم.

ثالثها: إنما لم يفتحوا همزة الوصل فيما ثالثه مفتوح خشية التباسها بهمزة المضارع المبدوء بهمزة المتكلم؛ فلو قلت أذهب يا زيد، بفتح الهمزة، لالتبس بقولك أنا أذهب. 

رابعها: لا يخفى أن مضارع أّفْعَلَ بزيادة همزة القطع يكون ما يلي حرف المضارعة ساكناً فهو داخل في عموم قوله:

(وبهمز الوصل منكسرا ... صل ساكنا كان بالمحذوف متصلا)

ومع ذلك فلم يوصل عند بناء صيغة الأمر منه بهمزة الوصل، لكن لا يرد عليه لإفراده إياه أولا بالذكر، وإنما لم يوصل بهمزة وصل، لأنا قد نبهنا على أنَّ أصل يُكرم: يُؤَكْرِم كيدحرج، فالساكن ثالثه لا ثانيه، وأنه إنما حذف ثانيه لما سبق من استثقال اجتماع همزتين في قولك: أنا أؤكرمك، فلما كان أصل ثانيه التحريك كثاني يدحرج، لم يحتج عند بناء الأمر منه إلى استجلاب همزة وصل، بل ردوا إليه عند بناء الأمر ثانيه المحذوف منه في المضارع، وهو همزة القطع الزائدة، هذا كله حكم صبغة الأمر المقيسة.

وأما القسم الثاني، وهو الشاذ، فهو ثلاثة أفعال فقط: خُذْ وكُلْ ومُرْ، وقد أشار إليها بقوله: (وشذَّ بالحذف مر وخذ وكل)

أي: إنها شذت عن قياس نظائرها، من حيث إن ثاني مضارعها ساكن، ولم يتوصلوا إليها بهمزة وصل، بل حذفوا ثانيها الساكن أيضا، فقالوا في الأمر من نأخذ ونأكل ونأمر: خذ ومر وكل؛ تخفيفاً لكثرة استعمالهم لهذه الكلمات، وكان قياسها: أُؤمر أُؤخذ أُؤكل؛ بهمزة وصل مضمومة ثم همزة ساكنة، هي فاء الكلمة؛ لأنها على وزن ندخل ونخرج، وصيغة الأمر منها ادخل واخرج، وهذا إذا لم يستعمل مع مر حروف العطف، فإن استعمل معه جاز فيه وجهان: الحذف فتقول: ومُر بكذا، والتتميم على الأصل نحو (وأمُرْ أهلك بالصلاة) مثل: وادخل، وإلى ذلك أشار بقوله: (وفَشَا وأْمُرْ) أي وفشا تتميم كلمة (مرْ) مع حرف العطف، ومع كونه فاشيا فالحذف أكثر منه، وأما (خُذ وكُل) فلم يستعملوها مع العطف ودونه تامَّين إلا في الندور، وهو معنى قوله:

(ومستندر تتميم خذ وكُلا) أي تتميمهما بهمزة وصل مضمومة على قياس نظائرهما: نادر.

تتمات: الأولى: اعلم أنَّ كون الكلمة وردت عن العرب شاذة عن القياس لا ينافي فصاحتها، كما في: حسب يحسب وأكرم يُكرم ومر وخذ وكل؛ لأن المراد بالشاذ ما جاء على خلاف القياس، وبالفصيح ما كثر استعمالهم له، وأما النادر فهو ما يقل وجوده في كلامهم، سواء خالف القياس أم وافقه، والضعيف ما في ثبوته عنهم نزاع بين علماء العربية. وقد يرشد إلى ما ذكرناه مغايرة الناظم رحمه الله في العبارة بقوله: وشَذَّ، وفشا، ومستندر، فإن الحذف لما كان في هذه الثلاثة الأفعال مخالفاً للقياس كان شاذا، ولكنه مع شذوذه أفصح من التتميم، فلهذا قال: وشذ بالحذف مر وخذ وكل، ولما كان تتميم (مر) مع حرف العطف كثيراً مستعملا. لكن الحذف أكثر منه قال: (وفشا وأْمُرْ). ولما كان تتميم كل وخذ قليل في استعمالهم، قال: ومستندر تتميم خذ وكلا.

قلت وقد نظم هذه التتمة العلامة الحسن بن زين فقال :

تفسير ما شذ وما فشا وما ندر مع ما بالضعيف وسما

فذو الشذوذ ما عن القياس قد حاد قليلا أو كثيرا ما ورد

والنادر القليل قيس أم لم يقس وما فشا بعكسه نمي

آخرها الضعيف وهو كلما ثبوته فيه نزاع العلماء 

الثانية: ما ذُكر في هذا الفصل هو الأمر بالصيغة، وهو يختص بالمخاطب، فإن أريد أمر الغائب أُدخلَ على الفعل المضارع لام الأمر مع بقاء حرف المضارعة، وصار حينئذ معرباً بالجزم، ولم يأت فيه شيء مما سبق وذلك نحو: ليضرب وليكرم وليقم ولينطلق وليستخرج وليأخذ وليأكل.

الثالثة: الأمر بالصيغة مبني على الراجح، وهو مذهب البصريين، إلا أنه أجرى في بنائه مجرى المضارع المجزوم، ومذهب الكوفيين أنه معرب بالجزم، واستدلوا بإعطائه حكم المضارع المجزوم من حذف الحركة في التصحيح، وحذف الآخر في المعتل، وحذف النون التي هي علامة الرفع في الأمثلة الخمسة؛ كافعلا وافعلوا وافعلي، وعندهم أنَّ الجازم له لام الأمر مقدرة. ورده البصريون بأنَّ إضمار الجازم ضعيف كإضمار الجار، وبأن الأصل في الفعل البناء، والأمر لم يشبه الاسم كما أشبه المضارع فيُعرب، وإنما حذفت منه الحركة ونون الرفع؛ لأنها علامات الإعراب، وهو غير معرب.

باب أبنية أسماء الفاعلين والمفعولين، بما في ذلك الصفات المشبهة

وضابط الباب: أنَّ الأبنية فيه على ضربين: قياسي، وسماعي، والقياسي إنما يصاغ من الثلاثي أو من أكثر منه، والثلاثي إما مفتوح العين لازماً أو متعدياً، أو مكسورها كذلك أو مضمومها لازماً فقط. أما فَعَلَ المفتوح، لازماً ومتعديا، وفَعِلَ المكسور متعديا فقط، فأشار إلى بناء اسم الفاعل منهما بقوله:

(كوزن فاعل اسم فاعل جُعلا ... من الثلاثي الذي ما وزنه فَعُلا)

أي يصاغ من الفعل الثلاثي الذي ليس وزنه على فَعُلَ بالضم، كفاعل؛ أي على وزن فاعل، نحو: ذهب فهو ذاهب، وضربه فهو ضارب ونحوه: شربه فهو شارب، وعلِمه فهو عالم، وكثرة الأمثلة تعرف مما سبق في أمثلة الثلاثي بأنواعه صحيحاً ومعتلاً ومضعفاً فليراجع، وشملت عبارته فَعِل بالكسر اللازم، لكنه سيخرجه بقوله الآتي: وصيغ من لازم موازن فَعِلا بوزنه ..

وأما بناؤه من فَعُل بالضم فأشار إليه بقوله:

(ومنه صيغ كسَهلٍ والظّريف)

أي ويصاغ اسم الفاعل من فعل بالضم المذكور في آخر البيت قبله على وزنين قياسيين: وهما: فَعْل بفتح الفاء وسكون العين، وفَعِيل، نحو: سَهُلَ الأمر فهو سَهْل، وصَعُبَ فهو صَعْب، ونحو: ظَرُفَ الرجل فهو ظريف، وشرف الرجل فهو شريف، فهذان الوزنان هما الغالب في اسم الفاعل من فَعُلَ المضموم، وقال في شرح التسهيل: "ومن استعمل القياس فيهما لعدم السماع فهو مصيب"

وإلى غيرهما أشار بقوله:

(وقد يكون أَفْعَلَ أو فَعالاً أو فَعَلا)

(وكالفرات وعِفْرٍ والحَصُورِ وغُد  رٍ عاقرٍ جُنُبٍ ومُشَبِهٍ ثَمِلا)

أي: إن فَعْلاً وفَعِيلا هما الغالب فيه .. وقد يكون اسم الفاعل منه على أَفْعل، نحو: حَمُقَ فهو أَحْمَقَ، وخَرُق فهو أخرق.، وكذا وَطُفَ الرجل فهو أَوْطَف، أي طويل شعر العينين، وشنع لونه: قبح فهو أشنع. وعلى فعال بفتح الفاء، نحو جَبُن الرجل فهو جبان. وحَصنت المرأة فهي حَصان، وحَرُم فهو حرام، وعلى فَعَل محركا، نحو: حَسُن الرجل فهو حسن، وبَطُل الرجل فهو بطل. وعلى فُعال بالضم، كفَرُتَ الماء؛ أي عذب فهو فرات، وزعق فهو زعاق، وشَجُعَ فهو شجاع. وعلى فِعْل بكسر الفاء، نحو: عَفُر الرجل فهو عِفْر، وعِفْريت أي ذو مكر وشجاعة، وبَدُع فهو بِدْع، وطَفُل كفه فهو طِفل؛ أي رَخص ناعم. وعلى فَعول بفتح الفاء، نحو حَصُر الرجل فهو حَصور؛ أي لا شهوة له بالنساء، وحَصُرت الناقة، إذا ضاق مجرى لبنها، والحَصور أيضا: البخيل السيئ الخلق، وعلى فُعْل بضم الفاء وسكون العين، نحو غَمُر الرجل فهو غُمْر، لم يجرب الأمور، وصَلُبَ الشيء فهو صُلب. وعلى فاعل؛ نحو: عقرت المرأة فهي عاقر، وفَجُر الرجل فهو فاجر، وفَرُسَ فهو فارس، وفَحُشَ فهو فاحش، ووَدع فهو وادع؛ أي ساكن ووسع فهو واسع؛ وبَسُل فهو باسل، وحَزُم فهو حازم، وصَرُمَ السيف فهو صارم، وفَحُمَ الشعر فهو فاحم، وفَرُهَ فهو فاره، ونَبُهَ قدره فهو نابه، 

وعلى فعل بضم الفاء والعين نحو جَنُب الرجل جنابة فهو جُنُب، 

وعلى فعل بفتح الفاء وكسر العين وهو المراد بقوله: ومشبه ثَمِلا، نحو: خَشُن فهو خَشِن، وفَطُنَ فهو فَطِن، وبَهُجَ وجهه فهو بَهِج، وسمج بالجيم فهو سمج، وبدغ فهو بدغ؛ أي سمين، وليس مراده أن (ثملا) نفسه في جملة أبنية فعل المضموم، لأنه من أبنية فعل المكسور اللازم، وقد أشار إلى أبنية أسماء الفاعلين منه بقوله:

(وصيغ من لازم موازن فَعِلا بوزنه كشجٍ ومشبه عَجِلا والشأز والأشنب الجذلان)

أي: ويصاغ اسم الفاعل من الفعل الثلاثي اللازم الموازن فَعِل المكسور بكسر العين على وزن فَعِل، نحو: شَجِيَ فهو شَجٍ، وهذا من معتل اللام، وعَجِلَ فهو عَجِلٌ، وهذا من صحيحها. وكذا: شَئِزَ المكان، بشين معجمة وزاي، يشأز شؤزة، إذا خشن بكثرة الحجارة فيه، فهو شأزٌ بهمزة ساكنة مخففاً من فَعِلٍ المكسورة، ويصاغ أيضا من أفعل، كسَوِدَ فهو أسود، وأعور، وأشنب، والشَّنَب: دقة في أطراف الأسنان، وعلى فعلان بفتح الفاء وسكون العين، نحو: شَبِعَ فهو شبعان، وجَذِل فهو جَذلان: فَرِح. وهذه الثلاثة أبنية هي الغالب فيه. وإلى قلة غيرها أشار بقوله:

( ثمت قد يأتي كفانٍ وشبه واحد البخلا حَملا على غيره لنسبة)

أي: وقد يأتي اسم الفاعل منه على فاعل وفعيل، وهو المراد بفانٍ، وواحد البخلاء، أي بخيل، حملا على اسم الفاعل من غيره لنسبة بين المحمول والمحمول عليه؛ من مشابهه في المعنى أو مضاده، والمراد بغيره: إما فَعُلَ المضموم أو فَعَلَ المفتوح، قولهم: فني فهو فان، أتوا باسم الفاعل منه على فاعل وقد سبق أنه قياس فعل المفتوح وفعل المكسور المعدى، وحملوه على ذهب فهو ذاهب لما في الفناء من معنى الذهاب، وكذا رضي فهو راضٍ حملوه على شكر فهو شاكر لما في الرضا من معنى الشكر، راغب، وراهب، ولاعب، وناصب، وحانث، وعابث؛ ولابث؛ ولاهث؛ ورابح، وصاعد، وظافر، وغالط، وطامع، وقانع، ومثال المحمول منه على فَعُلَ المضموم قولهم: بخل فهو بخيل؛ أتوا باسم الفاعل منه على فعيل، وقد سبق أن فَعْلاً وفعيلاً قياس قياس اسم الفاعل من فَعُل المضموم المضموم كسهل وظريف، وحملوه على كَرُمَ؛ لما بين البخل والكرم من التضاد، وعلى قولهم: لَؤُمَ فهو لئيم؛ لما بين البخل واللؤم من القرب في المعنى، وكذا قولهم مَرِضَ فهو مريض، وسقيم؛ حملوهما على ضَعُفَ فهو ضعيف؛ لأن الضعف من لوازم المرض والسقم. ونضيج، وجهيد، أي ضيّق، وسعيد، وكبير. 

ثم استطرد نظير ذلك في الحمل لنسبة، وإن لم يكن من أبنية فَعِل المكسور، فقال:

(كخفيف طيب أشيب في الصوغ من فَعَلا)

أي كما قالوا أيضاً في صوغ اسم الفاعل من فَعَلَ المفتوح المضعف خَفَّ يخفّ فهو خفيف، ومما عينه ياء منه: شاب يشيب فهو أشيب، وطاب يطيب فهو طيب، فجاءوا به على هذه الأبنية مع أنّ قياس اسم الفاعل منه على فاعل كما سبق، لكنهم حملوا خفيفا على ثَقُلَ فهو ثقيل، الذي هو اسم الفاعل من فَعُلَ المضموم، وحملوا أشيب على اسم الفاعل من فَعِل المكسور كما سبق في شَنِبَ فهو أشنب، وعَوِرَ فهو أعور، وحملوا طيّب على خَبُثَ فهو خبيث؛ اسم الفاعل من فَعُلَ المضموم: لأن فعيلا وفعيلا أخوان. ولما سبق أن فَعُلَ بالضم لم يأتِ يائي العين ولا مضعفا. وأن فَعَلَ المفتح ينوب عنه فيهما. 

ثم إن ما سبق من التفضيل في كون اسم الفاعل من الثلاثي على هذه الأبنية المختلفة قياساً -في فَعَل المفتوح وفعِل المكسور المعدّى على فاعل، وفي فعُل المضموم على فَعْل وفعيل، وفي اللازم من فَعِل المكسور على فَعِل بوزنه كشجٍ وعَجِل، وأَفْعَل وفَعْلان، وسماعاً في فعل المفتوح على فعيل كخفيف. وأَفْعَلَ كأشيب وفعيل كطيّب، وفي فَعُلَ بالضم على أفعل كأحمق، أو فَعال بالفتح كجبان، أو فَعال بالضم كالفرات، أو فَعَل محركا كالوجه الحسن، أو فِعل بالكسر كعِفر، أو فعول كالحصور، أو فُعْل بالضم كغُمْر، أو فاعل كعاقر، أو فُعَل بضم الفاء والعين كجُنُب، أو فَعِلٍ كالمكان الخشن، وفي فَعِلَ بالكسر اللازم على فاعل كفانٍ، وفعيل كبخيل- كل ذلك إنما هو إذا قصد قيام تلك الصفة بموصوفها على سبيل الثبوت، فإن قصد بصيغة اسم الفاعل الدلالة على الحدوث والتجدد -وهو تضمينه معنى فعله عند مباشرته له- جاز بناؤه من كل فعل ثلاثي مطلقاً على وزن فاعل من غير فرق بين المفتوح والمكسور والمضموم، ولا لازم ولا معدى. وإلى هذا أشار بقوله:

(وفاعل صالح للكل إن قصد الـ ... حدوث نحو غداًذا جاذل جذلا)

أي ويصلح صوغ اسم الفاعل من كل فعل ثلاثي مطلقاً على وزن فاعل، إن قصد به الدلالة على الحدوث، كقولك هذا غداً جاذلً جذلا، أي فارح فرحا، فقوله: "غداً بالتنوين: ظرف زمان. قيده به للدلالة على الزمان، وقد يصاغ اسم الفاعل من فعل المكسور اللازم على فاعل، وقياسه فعل كشجٍ وعجل، وأفعل وفعلان كالأشنب بالنون، والجذلان، ومنه قول الشاعر:

(وما أنا من رزء وإن جل جازع ... ولا بسرور بعد موتك فارح)

وكذا يجوز أن تقول زيد جابن اليوم، أي جبان، من فعل المضموم، بل كون اسم الفاعل من الثلاثي مطلقاً على فاعل هو الأصل، ويسمى غيره صفة مشبهة، ولهذا كثر مجيئه من فعل بالضم وفعل بالكسر اللازم على فاعل، كما سبق في عاقر وفاجر وفارس وأخواتها.

ثم أشار إلى بناء اسم الفاعل من غير الثلاثي فقال:

(وباسم فاعل غير ذي الثلاثة جئ ... وزن المضارع لكن أولاً جعلا ميما تضم .. .. .. .. .. .. )

أي: ويجاء ببناء الفاعل من غير الفعل الثلاثي؛ رباعياً كان أو خماسياً أو سداسياً على وزن مضارعه، لكن يجعل في أوله مكان حرف المضارعة ميم مضمومة؛ سواء كان أول مضارعه مضموماً أو مفتوحا، وذلك نحو: أكرم يكرم فهو مكرم، ودحرج يدحرج فهو مدحرج، وانطلق ينطلق فهو منطلق، واستخرج يستخرج فهو مستخرج.

تنبيه: يرد على إطلاق عبارته أشياء منها: ما أوله تاء كتغافل وتقاسم، فإن بناء اسم الفاعل منه ليس على وزن مضارعه، فلابد من زيادة قوله مع كسر ما قبل آخره، كما قيده بذلك في الخلاصة، حيث قال:

(مع كسر متلو الأخير مطلقا)

ومنها: أنهم قالوا: أحصن الرجل:عف عن المحارم، فهو محصن بفتح الصاد، وأسهب في كلامه: بسط عبارته، فهو مسهب بفتح الهاء، وألفج: أفلس، فهو مفلج. فجاءوا باسم الفاعل منها على وزن مفعولها. ومنها: أنهم قالوا: أعشب المكان: كثر فيه العشب فهو عاشب، وأورس: كثر فيه الورس، فهو وارس، وأيفع: ارتفع فهو يافع، والقياس معشب ومورس وموفع.

مبحث أسماء المفعولين:

ثم أشار إلى بناء اسم المفعولين، وبدأ بغير الثلاثي استطراداً، فقال:

( وإن ما قبل آخره ... فتحت صار اسم مفعول)

أي: وإذا فتحت ما قبل آخر اسم الفاعل من غير الثلاثي صار اسم مفعول منه كالمكرم والمنطلق به والمستخرج.

تنبيه: هذا إنما يأتي فيما إذا كان اسم الفاعل منه على وزن مضارعه كما مثلنا به، أو على غير وزنه كالمتغافل والمتعلم عنده؛ مما نبهنا على أنه يكسر ما قبل آخره مطلقا، وإن كان مفتوحاً في المضارع. وبذلك يعلم أن الفرق بين اسم الفاعل واسم المفعول من غير الثلاثي بكسر ما قبل آخر اسم الفاعل وفتح ما قبل آخر اسم المفعول.

ثم أشار إلى بناء اسم المفعول من الثلاثي بقوله:

(وقد حصلا من ذي الثلاثة بالمفعول متزنا)

أي: وقد حصل بناء اسم المفعول من الفعل الثلاثي متزناً على وزن مفعول كمعروج ومشروب ومضروب، وهذا هو الوزن القياسي فيه.

تنبيه: لا فرق في ذلك بين الصحيح منه والمعتل، إلا أن معتل العين واللام كقال وباع ودعا ورمى يتغير وزنه لعلة تصريفية. فيقال فيها: المقول والمبيع والمدعو والمرمى، وتميم يصححون معتل العين بالياء فيقولون: مبيوع ومكيول ومخيوط، بخلاف ما عينه واو لثقل الضمة على الواو. 

وأما غير المقيس فأشار إليه بقوله:

(وما أتى كفعيل فهو قد عدلا به عن الأصل)

أي: وما أتى من الأبنية على وزن فعيل دالاً على اسم المفعول من الثلاثي، فهو معدول به عن الأصل القياسي الذي هو وزن مفعول، وذلك نحو كحلته، فهو كحيل، وقتلته فهو قتيل.

تنبيهان: أحدهما: مجيء فعيل بمعنى مفعول كثير في كلامهم، ومع كثرته فهو عند الجمهور مقصور على السماع، كما تفهم عبارة الناظم، وقال في التسهيل: خلافاً لبعضهم. وفي شرحه: وجعله بعضهم مقيساً فيما ليس له فعيل بمعنى فاعل، أي فيجوز ضريب بمعنى مضروب، ولا يجوز عليم بمعنى معلوم، فما نقله ولده بدر الدين من إجماع النحاة على أنه لا ينقاس- ذهول عما نص عليه والده في التسهيل وشرحه من الخلاف فيه.

الثاني: إذا كان "فعيلاً" بمعنى مفعول وصفا لموصوف قبله استوى فيه المؤنث والمذكر، فلا يلحقه التاء الفارقة غالباً، نحو: رأيت رجلاً قتيلا وامرأة قتيلا أيضا، فإن لم يذكر موصوف قبله لحقته التاء فراراً من اللبس، نحو: رأيت قتيلاً وقتيلة، وقولي غالباً احتراز عما سمع من قولهم: خصلة دميمة وصفة حميدة. وأما فعيل بمعنى فاعل فتلحقه التاء مطلقاً كظريف وظريفة وشريف وشريفة وكريم وكريمة وعليم وعليمة. ولما كان وزن مفعول مقيسا، وفعيل كثيراً، وبقيت أوزان وردت بقلة أشار إليها بقوله:

(واستغنوا بنحو نجا والنسي عن وزن مفعول)

أي إنهم ربما استغنوا عن وزن مفعول بوزن فعل محركاً أو بوزن فعل بكسر الفاء وسكون العين؛ فالأول: كالقنص بفتح القاف والنون بمعنى الصيد المقنوص، والنقض بضاد معجمة بمعنى المنقوض، ومثله النجا بالجيم بمعنى المنجو، يقال: نجوت الجلد عن الشاة بمعنى سلخته، فهو منجو ونجا، والثاني: كالذبح بمعنى المذبوح، والطحن بمعنى المطحون، ومنه النسي بمعنى المنسي، ومنه: {وَكُنْتُ نِسْيًا مَنْسِيًّا}.

تنبيه: لم يذكر نيابة فعلة بضم الفاء وسكون العين عن مفعول، وقد ذكره في التسهيل، وذلك كلقمة ومضغة وأكلة ولقطة وصرعة بمعنى الملقوم والممضوغ والمأكول والملقوط والمصروع، وقد يرد أيضاً لفظ المصدر بمعنى المفعول، كاللفظ والصيد والخلق بمعنى الملفوظ والمصيد والمخلوق. 

ثم أشار بقوله: ( وما عملا) إلى أن ما أتى سماعياً نائباً عن وزن مفعول فهو إنما ينوب عنه في الدلالة فقط، لا في العمل، فلا يقال مررت برجل نقضٍ بناؤه، وذبحٍ كبشه، كما يقال منقوض بناؤه، ومذبوح كبشه.

تنبيه: ما ذكره هنا هو مذهب الجمهور، وظاهر عبارته شمول فعيل وغيره، وقد أجازه ابن عصفور مطلقا، وأجازه بعضهم في فعيل لكثرته دون غيره، وقد يرشد إلى ذلك مغايرة الناظم في العبارة بجعله فعيلاً معدولاً به عن الأصل وغيره، مستغنى به عن مفعول، ولا يتبادر أيضاً إلى الفهم عود الضمير في قوله: "وما عملا" إلا إلى نجا والنسى.

باب أبنية المصادر

وهي على قسمين: قياسي، وسماعي، وقد بدأ بمصادر الثلاثي مجملة: السماعي منها والقياسي، ثم بيّن القياسي منها، ثم عقد فصلاً لمصادر غير الثلاثي.

وأما مصادر الثلاثي مجملة، فقد أشار إليها بقوله:

(وللمصادر أوزان أبينها ... فللثلاثي ما أبديه منتحلا)

(فَعل وفِعل وفُعل أو بتاء مؤنـ ... ثٍ أو الألف المقصور متصلا)

(فًعلان فِعلان فُعلان)

قوله: منتحلا أي مختاراً لها. وقوله: فعل بدل مما أبديه، ثم المصدر السماعي إما محرك العين أو ساكنها. وبدأ بساكن العين؛ مجرداً ومزيدا، في آخره تاء التأنيث أو الألف المقصورة أو الألف والنون،

يعني أن للثلاثي مجرداً:  فعل بسكون العين مع فتح فائه أو كسره أو ضمه؛ نحو: ضرب ضرباً وقتل قتلا، ونحو: علم علما، وفسق فسقا، ونحو: شكر شكراً وكفر كفرا، فهذه ثلاثة أوزان.  أو متصلاً بما ذكر نحو: رحمه الله رحمة ورغب رغبة، ونحو: نشد الضالة نشدة وحمى مريضه حمية، ونحو: قدر قدرة وكدر لونه كدرة، ومثلها في المؤنث بألف التأنيث المقصورة، نحو: اتقى الله تقوى: خافه، ونحو: ذكر الله ذكرى، ونحو: رجع رجعى، ومثلها في المتصل به الألف والنون، نحو: لواه بدينه لياناً بفتح اللام: مطله، وشنئه بكسر النون شنآناً بسكونها: أبغضه، ولم يجئ فعلان بسكون العين غيرهما، ونحو: حرمه حرمانا: منعه، ونسيه نسيانا، ونحو: غفر له غفراناً وشكر له شكرانا. فهذه اثنا عشر وزناً فيما عينه ساكنة.

وإما متحرك العين، فلما لم تف القسمة بحسب الاستقراء بدخوله تحت ضابط أورده على حسب ما ساعده النظم، فقال:

( .. .. .. ونحو جلاً ... رضى هدى وصلاح ثم زد فعلا)

(مجرداً وبتا التأنيث ثم فعا ... لة وبالقصر والفعلاء قد قبلا)

(فِعالة وفُعالة وجئ بهما ... مجردين من التا، والفعول صلا)

(ثم الفعيل وبالتاذان والفعلا ... ن أو كبينونةٍ ومشبهٍ شغلا)

(وفعلل وفعول مع فعاليةٍ ... كذا فعيلية فعلة فعلى)

(مع فعلوتٍ فعلى مع فعلنيةٍ ... كذا فعولية، والفتح قد نقلا)

أي: وعينه إما مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة مع اختلاف حركة فائه بالفتح والكسر والضم، فالقسمة تقتضي في المجرد منه تسعة أوزان. وفي المؤنث بالتاء مثلها، وبالألف المقصورة مثلها، وفي المتصل به الألف والنون مثلها، وفي المزيد فيه بحسب الزيادة من ألف أو واو أو ياء أو غيرها- أوزاناً كثيرة، فذكر لمفتوح العين مع اختلاف حركة فائه ثلاثة أوزان: مفتوح الفاء نحو طلب طلباً وفرح فرحاً، ومثل جلا رأسه جلاً: انحسر الشعر عن مقدم رأسه إلى النصف، ومكسوره، نحو: سمن سمناً وصغر صغرا، ومثله: رضي رضى. ومضمومه، ولم يرد إلا معتل اللام كهدى وسرى. فهذه ثلاثة أوزان في مفتوح العين. وأما مكسورها فلم يجئ منه إلا مفتوح الفاء فقط، مذكراً أو مؤنثاً، وهو المشار إليه بقوله: "ثم زد فعلا مجرداً وبتا التأنيث"، وذلك نحو كذب كذباً وسرق سرقة. وكذلك لم يجئ مضموم العين إلا مضموم الفاء، وهو المذكور بعد قوله: "ومشبه شغلا". ومثله: حلم الغلام حلما، إذا بلغ الحلم. هذه أوزان المجرد.

وأما الأوزان المزيد فيها فأشار إلى ما زيادته ألف بين عينه ولامه، مذكراً أو مؤنثاً مع اختلاف حركة فائه، وهو المشار إليه بقوله من قبل: "وصلاح"، وقوله: "ثم فعالة" وذلك في مفتوح الفاء. وقال في مكسور الفاء ومضمومة؛ مذكراً أو مؤنثا: "فِعالة وفُعالة وجيء بهما مجردين من التاء".

وذلك نحو: ذهب ذهاباً وصلح صلاحاً ونظف نظافة وظرف ظرافة. وهذا في مفتوح الفاء. ونحو: آب إياباً: رجع، وشرد شراداً، وكتب كتابة، ودرى دراية، وهذا في مكسور الفاء، ونحو: صرخ، صراخاً، وسأل سؤالاً، ودعب دعابة، وخفر خفارة بفتح أوله وكسره: أجاره ومنعه. فهذه ستة أوزان أيضا. وسابعها: فعلة محركة. وهي المراد بقوله: وبالقصر، أي وبحذف الألف من فعالة؛ لأن فعالة بالفتح إذا حذف منها المد وهو الألف صار فعلة، وذلك نحو غلبه غلبة، وضبعت الناقة ضبعة: اشتهت الفحل، وهذا الوزن هو مؤنث فعل المحرك كطلب طلباً، وقد سبق. وقوله: "والفعلاء قد قبلا": أي بزيادة ألف التأنيث الممدودة، مفتوح الفاء، ساكن العين؛ كرغب رغباء ورهب رهباء ووقع في هلكاء: مهلكة، وقوله: (والفعول صلا ثم الفعيل وبالتاء ذان) أي وصل الفعول بضم الفاء؛ مذكراً ومؤنثا. ثم الفعيل كذلك بما قبله؛ لأن الزيادة فيهما حرف مد قبل الآخر، فهما نظيرا فعال وفعالة، وذلك نحو: خرج خروجاً ودخل دخولاً وسهل سهولة وصعب صعوبة. ونحو: صهل الفرس صهيلاً وذمل البعير ذميلا: ضرب من السير، ونم نميمة ونصح نصيحة وفضحه فضيحة. هذه أربعة أوزان، وخامسها: الفعول بفتح الفاء، نحو: قبل البيع ونحوه قبولا، وقد ذكره بعد، وإنما أخره عن الفعول بالضم؛ لقلة وروده، إذ لم يرد غير هذه اللفظة. وسادسها: الفعلان محركا، نحو: جال جولانا، وخفق قلبه خفقانا، وهو كثير مقيس، بخلاف الفعلان بسكون العين، كما سبق. فهذه ستة أوزان.

وأما ما زيادته بغير ما سبق، فمنها: الفَعْلُولة، نحو: بان بينونة وصار صيرورة. ومنها: فُعلَل بضم الفاء وفتح اللام، نحو: ساد قومه سؤددا، ومنها: فَعَالية بفتح الفاء مخففة، نحو: كرهه كَراهية، وعلن الأمر عَلانية، وعبق به الطبيب عَباقية، وفهم فَهامية، وطمع طَماعية. ومنها: فُعيلية بضم الفاء مصغرا، نحو: ولدت المرأة وُليدية، أي ولادة. ومنها: فُعُلة بضم الفاء والعين معاً وتشديد اللام، نحو: غلبه غُلبة، أي غلبة بالتحريك. ومنها: فَعَلى محركا، نحو: جمَزَت الناقة جَمَزَى، بمعنى أسرعت، وكذا: مرضت مَرضى. ومنها: فَعَلوت بفتح الفاء والعين معاً، نحو: رغب رَغَبوتاً ورهب رهبوتاً ورحم رَحموتا؛ أي رغبة ورهبة ورحمة. ومنها: فُعُلى بضم الفاء والعين معا وتشديد اللام، نحو: غلبه غُلُبى؛ أي غَلَبة. ومنها: فُعَلْنِيَة بضم الفاء وفتح العين وسكون اللام وكسر النون وتحفيف الياء؛ نحو: سحف رأسه سُحَفْنِيَة؛ أي حلقه. لكن قال في القاموس "رجل سُحَفْنِيَة كبلهنية للمحلوق الرأس"، فجعله وصفاً لا مصدرا. ومنها: فُعولية بتشديد الياء مع فتح الفاء وضمها، وهو معنى قوله: "والفتح قد نقلا"، وذلك نحو: خصه خُصُوصية وخَصوصِية. فهذه عشرة أوزان.

وأما زيادته ميم في أوله، فأشار إليه بقوله:

ومَفْعَلٌ مَفْعِلٌ ومَفْعُلٌ وَبِتَا التأنيث فيها وَضم قلما حُملا

وهي المفعل بفتح الميم مع اختلاف حركة العين بفتح أو كسر أو ضم مذكراً أو مؤنثا، وذلك نحو: دخل مَدخلاً ورضى مَرضاة، ونحو كبر الرجل مكبراً وحمده محمدة، ونحو: هلك مهلكا ومهلكة بضم اللام، ومعنى قوله: "وضم قلما حملا": أن المفتوح والمكسور كثير في كلامهم، بل مقيس كما سيأتي في باب المفعَل والمفعِل، وأما المضموم فقل من حمله من الرواة عنهم، وسيأتي حصر ما جاء من كلامهم بالضم في باب المفعَل والمفعِل. فهذه ستة أوزان. 

فمجموع ذلك ثمانية وأربعون وزنا، المقيس منها عشرة أوزان، أشار إليها بقوله: (فعل مقيس المعدى)

أي إن قياس المصدر من الفعل الثلاثي المعدى مفتوحا او مكسورا أن يكون على فعل بفتح الفاء وسكون العين،، نحو: ضربه ضرباً وفهمه فهما.

تنبيه: ظاهر كلامه أن فعلا مقيس في فعل المفتوح المعدى مطلقا، وإن سمع غيره، وهو مذهب الفراء، ولكن المنقول عن سيبويه والأخفش أنه مقيس ما لم يسمع؛ فإن سمع غيره وقف عنده، ولم يخترع له مصدراً آخر على القياس فلا يقال في طلبه طلبا وظلمه ظلما: طلباً وظلماً بالفتح، فلا يجوز أن يقال ذلك قياسا.

وظاهر عبارته أيضاً أنه مقيس في فعل المكسور بلا قيد، وهو أيضاً ظاهر إطلاق الخلاصة، حيث قال: "فعل قياس مصدر المعدى"، وهو مقتضى كلام سيبويه والأخفش، لكن قيد في التسهيل اطراده بأن يدل على عمل بالفم، نحو: لقم لقماً وقضم قضما، وهو كذلك، وأما غير عمل الفم فمجيء مصدره على فعل قليل، ومنه حمده حمدا وجهله جهلا وفهمه فهما، وقد يجيء على فعل بالكسر كحفظه حفظاً وفهمه فهما. وعلى فعل بالضم كشربه شرباً ولبسه لبسا وغنمه غنما. وعلى غير ذلك كركبه ركوباً، وقربه قربانا، وضمنه ضماناً وكرهه كراهية، ثم أشار إلى المصدر من فعل المفتوح اللازم بقوله: (والفعول لغيره)

أي: والفعول بضم الفاء لغير المعدى. فدخل في إطلاقه اللازم مطلقاً من فعل المفتوح والمكسور والمضموم، وليس كذلك، لكن يفهم اختصاصه باللازم من فعل المفتوح من إفراد المكسور والمضموم بعدُ بالذكر، فقياس المصدر من فعل المفتوح اللازم على فعول نحو قعد قعوداً، ولكن اطراده فيه مشروط بأمور، منها: ألا يكون فعل صوت، ولهذا قال: (سوى فعل صوت ذا الفعال جلا)

أي: فإن كان فعل صوت من أي حيوان كان، فقياس مصدره على فعال بضم الفاء، نحو: صرخ صراخاً ونبح نباحا، وعلى فعيل أيضاً كما سنذكره بعد، والإشارة "بذا" إلى فعل الصوت، 

ومنها: ألا يكون فعل داء ولا فرار ولا شبهه، ولا دالاً على حرفة وشبهها كما سيذكره بعد. ولو قدمه هنا لكان أولى. وأما مصدر فعل المكسور اللازم، فذكره بقوله:

وما على فَعِل استحقّ مصدره إن لم يكن ذا تعدٍ كونه فَعَلا

أي: وما كان من الثلاثي على فعل بكسر العين، فقياس مصدره إن لم يكن معدى أن يكون على فعل بفتح الفاء والعين معاً؛ صحيحاً كان أو معتلاً أو مضاعفا، كفرح فرحاً وغرث غرثا أي جاع، وجوى جوى وهو وجع الجوف، وشلت يده شللا: فسدت.

تنبيه: أطلق الناظم كذلك، وهو مشروط بأن لا يكون لوناً في الأكثر؛ إذ قياسه فعلة بالضم، نحو: كدر كدرة وحمر حمرة وخضر خضرة. 

وأما مصدر فعل المضموم فأشار إليه بقوله:

(وقس فعالة أو فعولة لفعلت ... كالشجاعة والجاري على سهلاً)

أي: وقس فعالة بالفتح أو فعولة بالضم مصدرا لفعل بالضم كالشجاعة في شجع والسهولة في سهل، ويجوز أن يقرأ قوله والجاري بالراء وبالهمزة.

تنبيهان: الأول: ظاهر كلامه أن كلا من المصدرين مقيس، وهو أيضاً مقتضى الخلاصة حيث قال فيها: فعولة فعالة لفعلا. وزعم بدر الدين رحمه الله أن الفعولة مقيس في مصدره الذي الوصف منه على فعل؛ كسهل سهولة فهو سهل، وأن الفعالة مقيس في مصدره الذي الوصف منه على فعيل، كنظف نظافة فهو نظيف، وفي ذلك نظر، لمجيء الوصف من سماحة وجلادة ورخاصة وشهامة على فعل، وهو سمح وجلد ورخص وشهم.

والصواب عندي ما قاله بعضهم: أن المقيس الفعالة فقط لغلبتها دون الفعولة لقلتها، كجنابة وصلابة وسماجة وسماحة وصباحة وفصاحة وملاحة ووقاحة وبلادة وطهارة وقذارة ونضارة ونجاسة وفراسة وتعاسة وشناعة وفظاعة ووساعة وحصافة وسخافة والنحافة والثقافة وقيامة وكثافة ولطافة ونظافة وحماقة وصفاقة وبسالة وجزالة ورذالة وجسامة وحزامة وضخامة وملامة وحضانة ورفاهة وفراهة ونباهة، وأما الفعولة فقليل، كصعوبة وجمودة وبرودة وحموضة وسهولة وخشونة.

الثاني: لم أر من نبه على مجيء المصدر منه على فعل وهو كثير جداً، بحيث إن القول بأنه مقيس أولى من الفعولة، وذلك كقرب وبعد ورحب وخبث، وفسح وكبر وبؤس وفحش ورخص وغلظ وسخف وطرف وظرف وقبح وحسن وطول وعرض وقصر وصغر وعسر ويسر وكفر وحمق وخرق وسحق ونبل وعظم ولؤم وجبن وثخن ونبه. وعلى فعلة كبردة وسرعة وحرمة وهجنة. ويجئ أيضاً على فعل كعنب بكثرة كقصر وصغر وكبر وعوض وغلظ وثقل وعظم وقدم وثخن. وعلى فعل محركاً كأدب وخطر وشرف وضنك وكرم وسفه. وعلى فعل بالفتح، كفقر وخفض وبهجة ونجدة وكثرة. وعلى غير ذلك كرفاهية وفراهية وحلم. ثم أشار بقوله: (وما سوى ذاك مسموع)

إلى أن هذه الستة أوزان التي ذكرها: هي المقيسة، وسائر الأوزان السابقة سماعية، فيحفظ المسموع ولا يقاس عليه. ثم أشار بقوله:

(وقد كثر الفعيل في الصوت)

إلى ما ذكرناه من قبل: أن شرط اطراد فعول بالضم في فعل المفتوح اللازم ألا يكون فعل صوت، وأن فعل الصوت قياسه: إما فعال بالضم، وقد سبق، أو فعيل وهو هذا، كضجيج، وأجيج، وأنين، وحنين، ورنين، والأليل، وشخير، ونخير، وزفير، ونقيق الضفدع، وهرير الكلب، وفحيح الأفعى، وزئير الأسد، ونهيق الحمار وشهيقه، ونعيب الغراب ونعيقه، وسحيل وصهيل الفرس، ونئيم الظبي، وهدير الإبل والحمام، وقصيف الوعد، وطنين الطست. وكذا أشار بقوله:

(والداء الممض جلا معناه وزن فعال فليقس)

إلى ما ذكرناه من قبل: أن شرط اطراد فعول فيه ألا يكون فعل داء، فإن كان فعل داء فقياسه الفعال بالضم، كعطاس وزكام. والممض: الموجع، وجلا: أظهر مصدره، فالمعنى هو المصدر، وهو مفعول به، ووزن فعال؛ فاعله. وكذا أشار بقوله: 

( ولذى فرارٍ او كفرارٍ بالفعال جلا)

إلى ما ذكرناه من أن شرط اطراد فعول فيه ألا يكون فعل فرار وشبهه؛ فإن كان كذلك فمصدره بالفعال بالكسر جلا بالقصر والمد؛ أي وضوح وظهور، نحو شرد شراداً، وفر فراراً وأبق إباقا. والمراد بشبهه ما يدل امتناع، كأبى إباءاً ونفر نفاراً وجمح جماحاً، وكذا أشار بقوله:

(فعالة لخصالٍ والفعالة دع ... لحرفةٍ أو ولايةٍ ولا تهلا)

إلى ما ذكرناه من أن شرط اطراد الفعول فيه ألا يصاغ من فعل حرفة أو ولاية؛ فإن كان كذلك فقياسه الفعالة نحو كتابة وتجارة وولاية. وقوله: "ولا تهلا": أي ولا تنس ما ذكرته لك، وأما قوله: "فعالة لخصال" بالرفع، فقال بدر الدين رحمه الله: الخصال إنما تنبني من فعل المضموم، نحو: نظف نظافة، قال: وقد تقدم أن مصدره يجيء على فعالة وفعولة كالشجاعة والسهولة؛ فقوله هنا "فعالة لخصال" إعادة محضة. انتهى.

وعندي أنه ليس بإعادة محضة، بل هو بيان لمعنى أعم من الأول؛ فإنه ذكر فيما مضى أن فعل بالضم يجيء مصدره مقيساً على فعالة وفعولة، وأراد هنا أن يبين أن أفعال الخصال من أي فعل كانت تصاغ على فعالة، كظرف ظرافة، وفطن فطانة، وغبي غباوة، وغوي غواية، وسعد سعادة، ورجح عقله رجاحة. وقد صرح بمثل ذلك غيره.

تنبيه: أهمل الناظم رحمه الله ما دل على سير أو تقلب، وهما أيضاً مستثنيان من مقيس المفتوح اللازم؛ لأن قياس ما يدل على السير: الفعيل، كزمل البعير زميلا، ورحل رحيلا، ودب دبيباً، وقياس ما يدل على التقليب الفعلان محركا، كجال جولانا، وهذا هو البناء العاشر؛ لأنا ذكرنا أن مقيس الثلاثي عشرة، ولم يورد الناظم إلا تسعة، وقد ذكره لك في الخلاصة. ويتحصل أيضاً مما ذكر أن الفعال بالضم مشترك بين الصوت والداء وكذا الفعيل مشترك بين الصوت والسير. اسم المرة واسم الهيئة

ثم أتبع الكلام على مصادر الثلاثي إجمالاً وتفصيلاً بذكر نوع منها فقال: (لمرةٍ فَعلة. وفِعلة وضعوا ... لهيئةٍ غالباً كمشية الخيلا)

أي إنهم وضعوا للدلالة على المرة من مصدر الثلاثي المجرد فعلة بفتح الفاء، وللدلالة على الهيئة منه فعلة بكسرها؛ لازماً كان الفعل أو متعديا، مفتوح العين أو مكسورها، أما المرة، فنحو: جلس جلسة وضرب ضربة: أي واحدة منه، وكذا فرح فرحة، وشرب شربة، وأما الهيئة، وهي الحالة التي يكون عليها الفاعل حال مباشرته للفعل، نحو: حسن الجلسة والركبة، ومشى مشية الخيلاء، وسار سيرة حسنة. وأشار بقوله: "غالبا" إلى ما شذ من قولهم: لقيته لقاية، وأتيته إتيانة، والقياس لقية وأتية، بالفتح في المرة، وبالكسر في الهيئة.

تنبيه: شرط بناء المرة والهيئة على فعلة وفعلة: أن يكون مقيسا، ألا يصاغ المصدر عليهما كرحمة وحمية، وألا يكون فيه تاء التأنيث كالشجاعة والسهولة، فلا تقول: نكح نكاحة وعجز عجزة وربح ربحة وحرب حرابة وكرم كرامة، وكذا لو كان مصدره على فعلة بفتح الفاء جيء بالمرة والهيئة منه كذلك، وفرق بينهما بالقرائن كرحمة رحمة واحدة أو نوعاً من الرحمة أو رحمة واسعة. ولا يقال في الهيئة منه الرحمة بالكسر، وكذا لو كان المصدر منه على فعلة بالكسر جيء بالمرة والهيئة منه كذلك، وفرق بينهما بالقرائن كحميت المريض حمية واحدة أو حمية مانعة أو نوعاً من الحمية، ولا يقال في المرة منه الحمية بالفتح، وكذا لو كان في مصدره تاء التأنيث لم تلحقه التاء للدلالة على المرة والهيئة؛ اكتفاء بتلك التاء، وفرق بالقرائن، كنظف نظافة وسهل سهولة وكتب كتابة. 

وقد ذكر الناظم رحمه الله في آخر الفصل الآتي، المعقود لما زاد على الثلاثي أن المرة من الفعل الذي تلازم مصدره التاء إنما يكوم بذكر الوصف بالوحدة.

فصل في أبنية ما زاد على الثلاثي

وهي سبعة أنواع: سداسي، ولا يكون إلا مبدوءاً بهمزة الوصل كاستخرج، وخماسي مبدوء بها كانطلق، أو بالتاء كتدحرج، ورباعي كدحرج، أو من مزيد الثلاثي، هو إما بهمزة قطع كأكرم، أو بالتضعيف كقطع، أو بألف بين فائه وعينه كقاتل، ولكل من هذه الأنواع مصدر مقيس لا يتوقف على سماع، وما سمع له من غير القياسي حفظ ولم يقس عليه. وقد ذكر الناظم رحمه الله من هذه الأنواع ستة، وأهمل الرباعي المبدوء بهمزة القطع الصحيح العين كأكرم، وبدأ بالمبدوء بهمزة الوصل سداسياً وخماسياً، فقال:

بكسر ثالث همز الوصل مصدر فعل حازه مع مد ما الأخير تلا

أي بناء المصدر من كل فعل حاز همزة الوصل؛ خماسياً كانطلق، أو سداسياً كاستخرج، بكسر ثالثه، كالطاء من انطلق، والتاء من استخرج، مع مد الحرف الذي يتلوه الأخير، وهو اللام من انطلق، والراء من استخرج، والمراد بمده: إشباع فتحه حتى يبدو منها ألف فيصير انطلاقاً واستخراجاً، ومثله: اقتدر اقتدارا؛ واحمرّ احمرارا، واحرنجم احرنجاماً واحلولى احليلاء.

تنبيه: اعلم أن إطلاقه وإن كان يقتضي أن كل فعل مبدوء بهمزة الوصل لا يكون مصدره إلا بكسر ثالثه مع مد ما قبل آخره، فالمراد به القياس دون السماعي كاقشعر قشعريرة. والمراد به الصحيح أيضاً دون المعتل، كاستعاذ استعاذة، وقد ذكر الناظم رحمه الله التقييد بعد، كما فعل في مصدري فعل وتفعل المضعفين كما سيأتي، فإطلاق عبارته أولاً اعتماد على التقييد آخرا. 

ثم أشار إلى النوع الثالث وهو مصدر الخماسي المبدوء بالتاء بقوله:

(واضممه من فعلٍ التا زيد أوله ... واكسره سابق حرف يقبل العللا)

أي: واضمم ما قبل الأخير إذا بنيت المصدر من فعل زيد التاء في أول ماضيه إن كان صحيح اللام، فإن زيدت التاء في أوله وهو معتل فاكسر ما قبل آخره، مثال الصحيح، والتقييد به مفهوم من ذكر المعتل: تدحرج تدحرجاً وتغافل تغافلاً وتكلم تكلما، ومثال المعتل: تسلقى تسلقيا وتولى توليا.

تنبيهان: أحدهما: إنما كسروا ما قبل الأخير من معتل هذا النوع مع أن قياس نظيره من الصحيح الضم، مع أنهم يمكنهم أن يقولوا: تسلقوا- لئلا يخرج إلى ما ليس من كلامهم، وهو كون آخر الاسم واواً قبلها ضمة، ولا يوجد في كلامهم مثل ذلك، ولهذا جمعوا دلوا على أدل، وقياس نظيره من الصحيح: أدلو، مثل: كلب وأكلب.

الثاني: ما ذكره في مصدر المبدوء بالتاء هو المصدر المقيس، وقد نبه بعد ذلك على أنهم قالوا أيضاً في بعض المبدوء بالتاء تفعال بكسر أوله وثانيه معا: كتملق تملاقاً، وتجمل تجمالا، ومنه قول الشاعر:

ثلاثة أحباب فحب علاقة ... وحب تملاق وحب هو القتل

ثم أشار إلى النوع الرابع، وهو مصدر الرباعي المجرد، بقوله:

لفعلل ائت بفعلالٍ وفعللةٍ

أي وائت بوزن المصدر من فعلل، وهو الرباعي المجرد كدحرج. على فعلال بكسر الفاء، أو فعللة بفتحها، كدحراج ودحرجة، ومثله: زلزل زلزالا وزلزلة، وحوقل الرجل حيقالا وحوقلة؛ إذا أسن وضعف عن الجماع، وسرهفت الصبي سرهافا وسرهفة، إذا غذيته بالأطعمة الطيبة، ذكره في القاموس من زيادته، وفي الصحاح: سرعفته وهو يدل على أن الهاء من سرهفته أصلية.

تنبيهات: الأول: قضية كلامه أن كلا من الفعلال والفعللة مقيس في فعلل، وهو ظاهر التسهيل أيضا، وصرح به بعضهم، إلا أن المشهور- وبه صرح في الخلاصة حيث قال: وأجعل مقيساً ثانياً لا أولا

- أن المقيس الفعللة لا غير؛ لأنه المطرد في الرباعي المجرد، كدحرج، ومزيد الثلاثي الملحق؛ كبيطر بيطرة، وهرول هرولة، وجورب جوربة، ولم يسمع الفعلال في شيء من الملحق بالرباعي إلا قولهم حوقل حيقالا.

ثانيهما: قد كثر الفعلال في الرباعي المضاعف، نحو: زلزل وصلصل، وقد سبقت أمثلة منه في موضعه. وأجازوا فيه الفتح أيضاً فقالوا: زلزل زلزالا بالكسر، على القياس، وزلزالاً بالفتح، وكثيراً ما يراد بالمفتوح منه الدلالة على اسم الفاعل، ومنه {مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} أي مصلصل، {الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} أي الموسوس.

ثالثهما: ما ذكره في مصدر فعلل من الفعلال والفعللة هو المقيس فيه، ومما سمع فيه أيضا: الفعللى، بفتح الفاء، نحو: قهقر القهقرى، والفعللى مضمومها، نحو: قرفص القرفصى ولم يذكرهما الناظم رحمه الله.

 ثم أشار إلى النوع الخامس وهو مصدر الرباعي الذي هو من مزيد الثلاثي بالتضعيف، بقوله: (وفعل اجعل له التفعيل حيث خلا من لام اعتل، للحاويه تفعلة إلزم)

أي أجعل مصدر فعل المضعف: التفعيل، نحو {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}، و {وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}، وهذا إذا كان صحيح اللام، فإن كان معتلها فالزم في مصدره: التفعلة، نحو: زكى تزكية، وصلى تصلية، وهذا هو القياس فيهما، وربما جاء على غيره فيحفظ؛ فمن ذلك أنهم ربما شبهوا الصحيح منه بالمعتل؛ فقالوا في مصدر الصحيح أيضاً تفعلة، وإلى ذلك أشار بقوله: (وللعار منه ربما بدلا)

أي وربما بدلوا التفعلة للعارى عن اللام المعتل، نحو: تبصرة وتذكرة.

تنبيهان: الأول: لما كان للمهموز شبه بالصحيح من وجه وبالمعتل من وجه، اطرد في مصدره التفعيل والتفعلة معا ولم يذكر الناظم، نحو: جزأه تجزيئاً وتجزئة وخطأه تخطيئاً وتخطئة.

الثاني: لم يذكر الناظم تشبيه المعتل بالصحيح، عكس ما ذكره، لأنهم ربما بدلوا التفعيل للمعتل، كقول الشاعر: (باتت تنزي دلوها تنزياً) وقياسه: تنزية، ومن ذلك: مجيء مصدر فعل الصحيح على فعال بكسر الفاء مضعفا نحو: كذب كذابا، وعلى تفعال بفتح التاء مخففاً، إذا قصد الدلالة على الكثرة، نحو: طوف تطوافاً، وسير تسياراً. وقد ذكره مع غيره، فقال:

(ومن يصل بتفعال تفعل ... والفعال فعل فاحمده بما فعلا)

(وقد يجاء بتفعال لفعّل في ... تكثير فعلٍ كتسيار وقد جعلا)

(ما للثلاثي فِعِّيلى مبالغة .. ومن تفاعل أيضاً قد يرى بدلا)

(وبالفعليلة افعلل قد جعلوا ... مستغنياً لا لزوماً فاغرف المثلا)

أي إن ما مضى من المصادر المقيسة قد يشركها غيرها، فيحفظ ذلك ولا يقاس عليه، فمن ذلك قولهم في تفعل: تفعالا، كتملق تملاقا، كما نبهنا عليه في موضعه، وفي فعل المضعف فعال، نحو: كذب كذابا. وإنما قال "يصل" لأن المصدر يوصل بفعله في تصريفه، وعلى هذا فصواب العبارة: ومن يصل تفعالا بتفعل فانعكس على الناظم. وكذا قالوا في مصدر فعل المضعف تفعال أيضاً للدلالة على الكثرة كطوف تطوافا. ومن ذلك أنه قد يجيء مصدر الثلاثي على فعيلى بكسر الفاء والعين المشددة للدلالة على المبالغة، كقولهم: خصه بالشيء خصيصى، وحثه على الأمر حثيثى، وربما جاء ذلك في مصدر تفاعل، وهو الخماسي المبدوء بالتاء، بدلاً عن مصدره، وهو التفاعل، كقولهم: ترامى اللوم رميا، بدل من تراميا. ومن ذلك قولهم في مصدر افعلل وهو السداسي المبدوء بالهمزة: فعليلة، كاقشعر قشعريرة، واطمأن عليه طمأنينة، وقد سبق أن قياسه الإفعلال بكسر ثالثه ومد ما قبل آخره، كاقشعر اقشعراراً، واستقر استقراراً، وأشار بقوله: مستغنياً لا لزوماً إلى أن ذلك إنما جاءوا به على سبيل النيابة عن المصدر المقيس لا على سبيل اللزوم والاطراد، وقوله: "فاعرف المثلا" بضم الميم، جمع مثال؛ أي فاعرف المقيس منها المطرد من السماعي المحفوظ؛ لتميز بينهما.

تنبيه: ما ذكر من أن القشعريرة ونحوها من أمثلة المصادر لعله اختاره، وإلا فمذهب سيبويه أنها ليست مصادر حقيقة، وإنما هي اسم مصدر وضعت موضعه كما في اغتسل غسلا وتوضأ وضوءاً، والمصدر الحقيقي اغتسالا وتوضؤا. وما ذكره أيضاً من كون التسيار ونحوه من مصادر فعّل المضعف هو مذهب الفراء وغيره من الكوفيين، وكأنه اختاره، وذلك أيضاً ظاهر التسهيل، لكن مذهب سيبويه وسائر البصريين أنها من مصادر الثلاثي، وجيء بها كذلك لقصد التكثير، كما جيء بالخصيصى ونحوها للمبالغة، مع الاتفاق على أنه من الثلاثي كما سبق، لا من المزيد عليه.

ثم أشار إلى النوع السادس، وهو مصدر الرباعي، الذي هو من مزيد الثلاثي؛ بزيادة ألف بين فائه وعينه- بقوله:

(لفاعل اجعل فعالاً أو مفاعلة)

أي إن فاعل له مصدران مقيسان، وهما: الفعال بكسر الفاء مخففاً، والمفاعلة، نحو: قاتل مقاتلة وقتالاً، وجادل جدالاً ومجادلة.

تنبيه: ظاهر كلامه هنا وفي الخلاصة أيضا، حيث قال: "لفاعل الفعال والمفاعلة" أن كلا من المصدرين مقيس، والمنقول عن سيبويه أن المقيس المفاعلة لا غير، واحتج بأنهم قد يتركون الفعال ولا يتركون المفاعلة؛ لأنها تنفرد غالباً بما فاؤه ياء، نحو: ياسره مياسرة ويامنه ميامنة، ولا يأتي فيه الفعال لإستثقال الكسرة على الياء، إلا ما ندر فيما حكاه ابن سيده من قولهم: ياومه مياومة ويواماً، ثم أشار إلى غير المقيس في فاعل بقوله:

( ... ... ... ... وفعلة عنهما قد ناب فاحتملا)

أي إن فعلة بكسر الفاء قد تنوب عن الفعال والمفاعلة في فاعل، نحو: ماراه مماراة ومراء ومرية أيضا.

تنبيهان: أحدهما؛ ظاهر كلامه أن الفعلة مصدر حقيقي لفاعل، والمشهور أنه اسم مصدر، كتوضأ وضوءاً.

والثاني: من المصادر السماعية لفاعل أيضاً الفيعال بكسر الفاء، ولم يذكره، كضارب ضيراباً، 

ثم أشار بقوله:

(ما عينه اعتلت الإفعال منه والاسـ ... تفعال بالتاء، وتعويض بها حصلا من الزال .. .. .. )

- إلى نوعين من مصادر معتل العين، وهما: الإفعال والاستفعال أي فإنهما كنظيرهما من الصحيح، إلا أنهما زيدت عليهما تاء التأنيث عوضاً عن عينهما المزالة لالتقاء الساكنين.

أما الإفعال فهو المصدر الرباعي المزيد فيه همزة القطع، وهو النوع السابع، وقد ذكرنا أنه رحمه الله ذهل عن ذكر مصدره الصحيح، وقياسه: إن كان صحيح العين: الإفعال، كأكرم إكراما، فإن كان معتلها كأعان وأقام فيجيء المصدر منه على قياس الصحيح، لكن تسقط العين في مصدره لالتقاء الساكنين، وهما: الألف المبدلة من عينه، وألف الإفعال المزيدة بين فائه وعينه للدلالة على المصدر؛ لأن أصل أقام إقامة: أقوم إقواما، على وزن أكرم إكراما، فلما نقلت حركة الواو إلى الساكن الصحيح قبلها انقلبت ألفا، فاجتمع ألفان، فحذفت إحداهما، فصار: إقاما، فزادوا عليه تاء التأنيث عوضاً عن المحذوف فصار: إقامة، وأما الاستفعال فهو مصدر السداسي المبدوء بهزة الوصل، وقد سبق أن قياس مصدره بكسر ثالثه ومد ما قبل آخره، كاستخرج استخراجاً، وقيدناه هناك بصحيح العين؛ فإن كان معتلها كاستعان واستقام جاء المصدر منه أيضاً على قياس صحيحها، لكن تسقط العين في مصدره؛ فأصل استقام استقامة: استقوم استقواما، على وزن استخرج استخراجاً، فلما نقلت حركة الواو إلى الساكن الصحيح قبلها انقلبت ألفا، فاجتمع ألفان، فحذفت إحداهما، فصار: استقاما، وعوض عنها التاء، فصار: استقامة.

تنبيهات: الأول: احترز بالإفعال والاستفعال عن مصدري الخماسي المبدوء بهمزة وصل، وهما: الانفعال والافتعال، كانطلق انطلاقا واقتدر اقتداراً؛ فإن مصدرهما من معتل العين يجيء على وزن صحيحها من غير حذف ولا زيادة. كانقاد انقياداً واعتاد إعتياداً.

ثانيها: اختلفوا في المحذوف من نحو الاقامة والاستقامة من الألفين؛ فعند سيبويه والخليل أنها الألف المزيدة قبل الآخر للدلالة على المصدر، لأن حذف الزائد أولى من حذف الأصل. وعند الأخفش والفراء بالعكس، لأن حذف حركة العلة أولى من حذف حرف زيد للدلالة على معنى؛ لئلا تفوت الدلالة بحذفه.

ثالثهما: ربما حذفوا التاء من نحو الإقامة فقالوا: إقاما وإجابا، وقد نبه على ذلك في الخلاصة، حيث قال: "وغالبا ذا التا لزم" ويكثر ذلك مع الإضافة نحو {وَإقَامِ الصَّلَاةَ} .

رابعها: ربما جاءوا بالمصدر المعتل من الإفعال والاستفعال على وزن الصحيح لتصحيحهم فعله، نحو استحوذ استحواذاً وأغيمت السماء إغياماً، والقياس: استحاذ استحاذة وأغامت السماء إغامة.

ثم أتبع ذكر مصادر المزيد على الثلاثي بذكر المرة منها فقال:

( ... ... وإن تلحق بغيرهما ... تبن بها مرة من الذي عُملا)

أي وإذا لحقت تاء التأنيث بغير الإفعال المعتل، من نحو الاقامة، والاستفعال من نحو الاستقامة؛ من سائر المصادر المقيسة المذكورة في هذا الفصل مما ليست فيه تاء، كان ذلك لبيان المرة من المصدر المعمول، وسماه معمولاً لأنه مفعول مطلق، وذلك نحو: استخرج استخراجة، وانطلق انطلاقة وتدحرج تدحرجة، وعمله تعليمة، وأكرمه إكرامة، فالتاء في ذلك للدلالة على المرة، وكذلك دحرجه دحراجة وقاتله قتالة، لا دحرجة ولا مقاتلة إلا بوصف الواحدة وكذا سائر المصادر التي تلازمها التاء، وإلى ذلك أشار بقوله:

(ومرة المصدر الذي تلازمه ... بذكر واحدةٍ تبدو لمن عقلا)

أي فإذا أردت الدلالة على المرة مما فيه التاء وصفته بالواحدة، كقولك: أعان إعانة واحدة، واستعان استعانة واحدة، ولا يختص ذلك بنحو الإقامة والاستقامة، بل كلامه عام لما فيه التاء، وقد سبق في هذا الفصل جملة مما فيه التاء، كالفعللة والمفاعلة والتفعلة، نحو: دحرج دحرجة واحدة، وقاتل مقاتلة واحدة، وزكى تزكية واحدة، وكذا اقشعر قشعريرة واحدة، إذ لا يختص ذلك بالمقيس، نعم لا يجوز إلحاق التاء للدلالة على المرة بما ليس بالمقيس، فلا تقول: تملق تملاقة، وكذب كذابة، ولا سير تسيارة؛ فعلى هذا من جعل الفعلال مقيساً كالناظم أجاز إلحاقه التاء، ومن جعل المقيس الفعللة فقط منع إلحاق الفعلال التاء، والله أعلم. 

باب المفعَل والمفعِل أي بفتح العين وكسرها، مفتوحي الميم، 

وضابط الباب: أن يصاغ من كل فعل ثلاثي متصرف للدلالة على مصدره أو ظرفه وهو زمانه ومكانه الذي فعل فيه- مفعل ومفعل بفتح العين وكسرها. ثم ذلك على قسمين: قياسي، وسماعي، والقياسي ثلاثة أضرب: مفتوح العين مطلقا، أي سواء كان مصدراً أو ظرفا، ومكسورها مطلقا، وضرب ثالث يكون المصدر منه مفتوحاً والظرف مكسورا.

وقد بدأ بالقياسي، وأشار إلى الضرب الأول منه بقوله:

(من ذي الثلاثة لا يفعل له ائت بمفعل لمصدر أو ما فيه قد فعلا

أي يجاء من الفعل الثلاثي الذي لا يكون مضارعه على يفعل بكسر العين، بل على يفعل بضمها أو يفعل بفتحها بوزن مفعل بفتح العين، والتقييد به يفهم مما بعده- للدلالة على المصدر أو الظرف الذي فعل فيه ذلك الفعل من مكان أو زمان. ودخل فيما مضارعه مضموم أو مفتوح نحو: نصر ينصر، ومضارع نحو: فاح يفوح، كقولك خرج يخرج مخرجا، ودخل يدخل مدخلا، وكرم يكرم مكرما، وذهب يذهب مذهبا، شرب يشرب مشربا. وخرج بقوله: لا يفعل له نحو: ضرب يضرب مضربا، ووعد يعد موعداً وباع يبيع مبيعا، ورمي مرمى وحل يحل محلاً، لأن قياس المضارع من هذه كلها يفعل بالكسر.

فأما نحو رمى فهو ملحق بما قبله، وإليه أشار بقوله: (كذلك معتل لام مطلقا) أي فإن المفعل من معتل اللام مطلقا يكون مفتوحا، ولو كان مضارعه على يفعل بالكسر، كرمى يرمى مرمى، ومثله: ولى يلى مولى؛ تقول في المصدر رميت مرمى زيد: أي كرميه، وفي الظرف كذلك، أي في مكان رميه أو زمانه.

وأما نحو: وعد، فهو بعكس ما قبله وهو الضرب الثاني، وإليه أشار بقوله:

( ... ... ... وإذا الفا كان واواً بكسر مطلقا حصلا)

أي وإذا كان فاء الفعل واواً فالمفعل منه بكسر العين مطلقا، أي سواء به المصدر أو الظرف، وعد يعد موعداً حسنا: أي وعداً. وجئته في موعده: أي وقت موعده أو مكانه.

تنبيه: شمل إطلاقه ما فاؤه واو ومضارعه مفتوح: سواء كان من باب فعل بالفتح، كوضع يضع، أو من باب فعل بالكسر، كوجل يوجل، وقد صرح بذلك غيره أيضا، لكن المختار- وبه صرح بدر الدين رحمه الله- أن ذلك خاص بما مضارعه على يفعل بالكسر، كوعد يعد، وأما نحو: وضع يضع، ووجل يؤجل فملحق بنحو فرح يفرح، وقد سبق أن المفعل منه فقط مفتوح مطلقا، وشمل إطلاقه أيضاً معتل اللام: ما فاؤه واو، نحو: وقاه، ووفى بوعده، وولى أمره، لكن أخرجه بقوله:

(ولا يؤثر كون الواو فاء إذا ... ما اعتل لام كمولى فارع صدق ولا)

أي إنه سبق أن كون اللام معتلاً يوجب فتح المفعل مطلقاً، وكون الفاء واواً يوجب كسره مطلقا، فلو اجتمعا معاً في فعل لم يؤثر كون الفاء واواً، بل يكون حكمه حكم رمى يرمي من معتل اللام، مما ليس فاؤه واوا، وقد سبق أن المفعل منه مفتوح مطلقا، فتقول: وقاه يقيه موقى: أي وقاية بالكسر والفتح، وكذا: وليه يليه مولى: أي ولاية بفتح الواو وكسرها، وولاء أيضا، والولاء: هو الموالاة بالنصرة والصحبة والقرابة والمجاورة؛ لأن المولى يجيء بمعنى الناصر والصاحب والقريب والجار، ومعنى قوله: "فارع صدق ولا": أي كن حافظاً لولائك صادقاً فيه، وهو بفتح الواو ممدوداً، قصره لضرورة الشعر. 

وأما نحو: ضرب يضرب فهو الضرب الثالث، وإليه أشار بقوله:

(في غير ذا عينه افتح مصدراً، وسوا ... هـ اكسر .. .. .. .. .. )

أي: وفي غير ما سبق فافتح عين المفعل للدلالة على المصدر، واكسرها للدلالة على ما سوى المصدر من زمان أو مكان، وخرج من ذلك ما سبق، مما مضارعه مضموم كنصر ينصر وكرم يكرم، ومفتوح كمنع يمنع وفرح يفرح، أو مكسور وهو معتل اللام كرمى يرمي فهذه قياسها فتح المفعل مطلقا أو فاؤه واو غير معتل اللام كوعد يعد وورث يرث، وهذا قياسه كسر المفعل مطلقا، وغير ما سبق نحو ضرب يضرب، وفر يفر، فتقول في المصدر منه: جلس يجلس مجلساً بالفتح: أي جلوسا، وفر يفر مفرا بالفتح؛ أي فرارا، وفي الظرف: هذا مجلس زيد بالكسر؛ أي مكانه أو زمانه، وكذا هذا مفره: أي موضع فراره أو وقته. وشمل ذلك أيضاً نحو: باع يبيع مبيعا، وسيأتي آخر الباب ما فيه من الاضطراب.

تنبيهان: أحدهما: المتحصل من ذلك أن المصدر مفتوح مطلقا إلا في نحو وعد يعد موعداً فمكسور، وأما الظرف فمفتوح فيما مضارعه مضموم أو مفتوح، ومكسور فيما مضارعه مكسور، إلا إذا كان معتل اللام مطلقا كرمى ووقى فمفتوح أيضا.

الثاني: وجه المناسب لما ذكر في الباب أنهم جعلوا الظرف من يفعل بالفتح مفتوحاً، ومن يفعل بالكسر مكسورا، للتوافق بين الظرف وفعله، وألحقوا المضموم بالمفتوح، فجعلوا الظرف من المضموم مفتوحا، لقلة المفعل بالضم في كلامهم، وكان إلحاقه بالمفتوح أولى من إلحاقه بالمكسور لخفة الفتح، لكن لما كان الموعد ونحوه بالكسر أخف من الموعد بالفتح بشهادة الذوق التزموا فيه الكسر مطلقا؛ مصدراً كان أو ظرفا، وعكسه المولى ونحوه حيث التزموا فيه الفتح مطلقا، لخفة الفتح فيه، ولإفضاء الكسر إلى صيرورة الاسم منقوصا.

ثم أشار إلى القسم الثاني، وهو السماعي، بقوله:

( ... ... ... ... وشذ الذي عن ذلك اعتزلا)

أي: وما خرج عن الضابط فشاذ يحفظ ولا يقاس عليه. ثم إن الشاذ على ضربين: ضرب جاء فيه مع الشذوذ القياس أيضا، وضرب جاء شاذاً فقط، وقد أشار إلى الضرب الأول بقوله:

(مظلمة مطلع المجمع محمدة ... مذمة منسك مضنة البخلا)

(مزلة مفرق مضلة ومدب ... محسر مسكن محل من نزلا)

(ومعجز وبتاء ثم مهلكة ... معتبة مفعل من وضع ومن وجلا)

(معها من احسب وضرب وزن مفعلة ... موقعة، كل ذا وجهاه قد حملا)

فمما حمل أي حمل الرواة فيها عن العرب وجهين، المصدر من ظلم يظلم، يقال فيه: مَظْلَمة ومَظْلِمة؛ بالفتح على القياس، والكسر شاذ، وقياس الظرف منه الكسر؛ لأن مضارعه يفعل بالكسر. وفي القاموس: المظلمة بكسر اللام: ما يظلمه الرجل، فجعلها مفعولاً به لا مصدرا، ومنه المصدر من طلع يطلع، قالوا فيه: المَطْلَع والمَطْلِع، والقياس فتح مصدره وظرفه معا؛ لأن مضارعه يفعل بالضم، قال بدر الدين: وإذا أريد المكان قيل المَطْلِع بالكسر لا غير. وهو يقتضي أن ظرفه مما شذ بالكسر منفردا، فيكون من الضرب الثاني، ولم يذكره الناظم، وفي القاموس: "طلع مطلَعا ومطلِعا، وهما للموضع". فنقل بوجهين في ظرفه أيضا، وإطلاق النظم يقتضيه. ومنه المكان من جمع يجمع قالوا: المجمَع والمجمِع، والقياس فتح مصدره وظرفه معا؛ لأن مضارعه يفعل بالفتح. ومنه المصدر من حمد يحمد كفرح يفرح، ومن ذم يذم كنصر ينصر، قالوا فيهما: المحمَدة والمحمِدة، والمذَمة والمذِمة، والقياس الفتح في مصدره وظرفه. ومنه المكان من نسك ينسك كنصر ينصر، بمعنى عبد. قالوا فيه: المنسَك والمنسِك، والقياس فتح مصدره وظرفه معا، ولهذا إذا أرادوا المصدر قالوا: المنسك بالفتح

لا غير. ومنه المصدر من ضمن بالشيء يضن، كحن يحن، بمعنى بخل به، قالوا فيه: المضَنة والمضِنة، فقياس مصدره: الفتح، وظرفه: الكسر، كضرب يضرب، وفيه لغة كفرح يفرح، فقياس المصدر والظرف معاً عليهما الفتح. ولعل الناظم أضافه إلى البخل لئلا يشتبه بالمظنة؛ من ظن بمعنى حسب. وسيأتي. ومنه المكان من زل يزل، كجن يجن؛ بمعنى أخطأ، قالوا فيه: مزلة أقدام ومزلة. فالكسر هو قياس ظرفه كضرب يضرب، وقياس مصدره الفتح، لكن في القاموس زللت مزلة بكسر الزاي وزللا، ومقتضاه: أن المصدر جاء منه مكسوراً، فيكون من الضرب الثاني. ومنه المكان من فرق بين الشيئين يفرق، كنصر ينصر، بمعنى فصل بينهما، قالوا فيه: المفرَق والمفرِق، والقياس فتح مصدره وظرفه معا؛ لأنه مضموم، قال الله تعالى {فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} ومن ذلك المصدر من ضل يضل، كحن يحن، ضد اهتدى. قالوا فيه: مضَلة ومضِلة، وقياس مصدره الفتح، وظرفه الكسر، كضرب يضرب، وفيه لغة كفرح يفرح؛ فقياس مصدره وظرفه عليهما الفتح، وفي القاموس أرض مضَلة ومضِلة يضل فيها، فجعل الوجهين في المكان. ومنه المكان من دب على الأرض يدب كحن يحن، قالوا فيه: مَدَب النمل ومَدِب النمل، وقياسه فتح مصدره، وكسر ظرفه؛ فالفتح فيه هو الشاذ، وقد جاء المصدر منه بالفتح لا غير، على القياس. ومنه المكان من حشر يحشر، كنصر وضرب؛ بمعنى جمع، ومن سكن الدار يسكنها، ومن حلها يحلها، بمعنى نزلها، قالوا فيه: المحشَر والمحشِر والمسكَن والمسكِن والمحَل والمحِل، وقياس المصدر والظرف معاً منها الفتح، نعم جاء أيضاً في مضارع حل بالمكان، إذا لم يتعد بنفسه- الكسر، كما في مضارع حشر، فعليها يكون قياس الظرف منهما الكسر، وقيد الناظم حل بالنزول احترازاً من حل الدين ونحوه اللازم فإنه على القياس: المصدر منه مفتوح، والظرف مكسور، فتقول: حل الأجل مَحَلاً بالفتح؛ أي حلولا، وبلغ الأجل محِله بالكسر؛ أي وقته. قال الله تعالى {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} أي مكانه الذي ينحر فيه.

قلت وقد نظم ذلك العلامة أحمد بن اجمد اليدالي فقال:

البيت حلّ به وحل عقدته بالضم آتيهما واكسر خلاف حرم

وحلّ دينٌ وفِي حلّ العقابُ به وجهان قد رُويا عمن مضى وقدُم

من لم تزل جذوة المصباح ظلمته تطل جهالته علم اللغى وتدُم

ومن ذلك المصدر من عجز يعجز كضرب يضرب، ومن هلك يهلك مثله، ومن عتب عليه يعتب كذلك، قالوا فيه: المعجَز والمعجِز بالفتح والكسر مجرداً عن التاء، وكذا المعجَزة والمعجِزة. والمعتَبَة والمعتِبَة، والمهلَكة والمهلِكة بتاء التأنيث فيها، والقياس فيها الفتح في المصدر، والكسر في الظرف، وربما قالوا: عتب عليه يعتب كنصر ينصر، وعجز يعجز، كفرح يفرح، وكذا هلك يهلك، وذلك يقتضي الفتح في المصدر والظرف معا، وإنما قيد الناظم المعتبة والمهلكة بالتاء؛ لأن المعتب بمعنى العتاب لم يأت إلا بالفتح على القياس، وأما المهلك فسيأتي أنه مثلث العين وكذا المهلكة. ومنه المكان من وضع يضع ووجل يوجل، قالوا فيه: الموضَع والموضِع، والموجَل والموجِل، وقد سبق أن ظاهر عبارة الناظم فيما فاؤه واو أن المصدر والظرف منه معاً مفعل بالكسر؛ سواء كان مضارعه مكسوراً كوعد يعد، أو مفتوحاً كوجِل يوجَل ووضَع يضع، وعلى هذا فالشاذ في الموضع والموجل الفتح، ولكن سبق أن المختار اختصاص ذلك بمكسور المضارع، كوعد دون مفتوحه، وعليه فالشاذ فيهما الكسر، كما في فرح يفرح وذهب يذهب، وقضية النظم أن الوجهين في ظرفه، لكن في القاموس، وجِل وجلا وموجلا كمقعد، وللموضع كمنزل، فجعل المصدر مفتوحاً، والظرف مكسورا، فالشذوذ فيه، ويكون من الضرب الثاني. ومنه المفعلة من حسب يحسَب ويحسِب بمعنى ظن، قالوا فيه: المحسَبة والمحسِبة، فإن كان الوجهان في ظرفه، كما هو ظاهر كلام بدر الدين، فالوجهان فيه على اللغتين في مضارعه، وإن كانا في مصدره، كما هو ظاهر القاموس حيث قال: حسبه محسَبة ومحسِبة وحساباً بالكسر: ظنه، فالشاذ هو الكسر، لأن قياس مصدره الفتح مطلقا، ومنه المفعلة من ضرب، قالوا فيه: مضربة السيف ومضربته، جعلوها اسماً لحديدته التي ضرب منها، وأصلها المكان، والشاذ فيها هو الفتح؛ لأن قياس ظرفه الكسر، ومصدره الفتح، ومنه المكان من وقع يقع، قالوا فيه: موقعة الطائر وموقعته: للموضع الذي يقع عليه، وهو نظير وضع يضع، وقد سبق ما فيه. فعلى ظاهر النظم الشاذ فيه الفتح، وعلى المختار، وبه صرح بدر الدين هنا، الشاذ الكسر، فهذه اثنان وعشرون، جاء في المفعل منها وجهان: الفتح والكسر. والناظم لم يبين كون الشذوذ ورد في مصادرها أو ظروفها، وكذا في التسهيل، وما قيدته به من كون الشذوذ مرة في المصدر ومرة في الظرف تبعت فيه بدر الدين وبعض شروح التسهيل ونقلت ما اقتضى مخالفة ذلك في القاموس في المظلمة والمطلع والمزلة والمضلة والموجل والمحسبة ليعلم ذلك والله أعلم.

ثم أشار إلى الضرب الثاني، وهو ما جاء شاذاً فقط بقوله:

(والكسر أفرد لمرفقٍ ومعصيتةٍ ... ومسجد مكبرٍ مأوٍ حوى الإبلا)

(من ائو واغفر وعذر واحم مفعلةٍ ... ومن رزا واعرف اظنن منبتٍ وصلا)

(بمفعل اشرق مع اغرب واسقطن رجع ... اجزر .. .. .. .. .. .. .. )

أي جاء الكسر في هذه الأوزان مفرداً مع أنه شاذ. فمن ذلك أنهم قالوا في المصدر من رفق يرفق كنصر ينصر: المرفق بالكسر بمعنى الرفق، وقياسه فتح مصدره وظرفه. وفي المصدر من عصى يعصى كرمى يرمي مرمى: المعصية، وقياس معتل اللام فتح مصدره وظرفه مطلقا، كالمرمى والمولى. وقالوا في المكان من سجد يسجد كنصر ينصر: المسجد، وقياسه فتح مصدره وظرفه معا، وقالوا في المصدر من كبر يكبر كفرح يفرح؛ بمعنى أسن: المكبر؛ أي الكبر، وقياسه فتح مصدره وظرفه، وقالوا في المكان من أوت الإبل بقصر الهمزة تأوى كرمى يرمي: المأوى بكسر الواو منقوصا، وقياسه الفتح مطلقاً لأنه معتل اللام. وفي غير الإبل: المأوى بالفتح على القياس، كذا ذكره الناظم هنا، وفي التسهيل أن في مأوى الإبل وجهين: فجعله من الضرب الأول. وقالوا في المصدر من أويت له بقصر الهمزة بمعنى رثيت له: مأوية، والقياس فتح مصدره وظرفه معا، كرمى يرمي. وقالوا في المصدر من غفر يغفر كضرب يضرب: المغفرة، وكذا من عذره يعذره كضرب يضرب: المعذرة، وقياسهما فتح المصدر وكسر الظرف. وقالوا في المصدر من حمى عن كذا يحمى كرضى يرضى؛ بمعنى: أنف منه: المحمية. ومن رزأه يرزؤه كمنعه يمنعه؛ بمعنى نقصه أو أصابه بمصيبة: المرزئة، وقياسهما فتح المصدر والظرف معا. وقالوا: في المصدر من عرف يعرف كضرب يضرب: المعرفة، والقياس فتح مصدره وكسر ظرفه، وقالوا في المكان من ظن يظن كنصر ينصر، بمعنى حسب: هذا مظنة كذا؛ أي موضعه الذي يظن وجوده فيه. وكذا في المكان من نبت البقل ينبت كنصر ينصر، وغربت تغرب كنصر ينصر: المنبت والمغرب. وفي المكان من سقط يسقط كنصر ينصر: هذا الدار مسقط رأس، وقياسها جميعها فتح المصدر والظرف معا، وقالوا في المصدر من رجع يرجع كضرب يضرب: المرجع، ومنه {إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا} أي رجوعكم، وقياسه فتح مصدره وكسر ظرفه. وقالوا في المكان من جزر الإبل أي ذبحها: المجزر، وقضية الحكم بشذوذه: أن مضارعه مضمون كنصر ينصر، ومقتضى القاموس أن المشهور فيه الكسر؛ لأن وزنه ضرب يضرب، ثم قال: وقد يضم آتيه، أي مضارعه، فعلى ما في القاموس كسر ظرفه هو القياس، نعم في نسخ من التسهيل بدل المجزر: المزجر، بتقديم الزاي؛ من زجر الكلب يزجر كنصر ينصر، وقد قالوا فيه: قعد مني مزجر الكلب، بالكسر، فوجه شذوذه ظاهر. وهذه أيضاً ثمانية عشر وزناً شاذة بالكسر، على ما في المأوى والمجزر من الاضطراب.

ثم أتبعها الناظم رحمه الله تعالى بما جاء مع شذوذه مثلث العين، فقال:

( ... ... ... ... ثم مفعلة اقدر واشرقن يخلا)

(وقبر ومن أرب وثلث اربعها ... كذا لمهلك التثليث قد بذلا)

أي ثم صل أيضاً بمفعلة اقدر، فقالوا في المصدر من قدر يقدر كضرب يضرب: المقدرة، ومن أرب الرجل يأرب كفرح يفرح، بمعنى صار أريباً عاقلا: المأربة، وفي المكان من شرقت الشمس تشرق كنصر ينصر: المشرقة، لموضع القعود فيها عند شروقها، وفي المكان من قبر الميت يقبُره ويقبِره أيضا: المقبرة، لموضع دفن الموتى، بتثليث العين في هذه الأربعة الأوزان: فالضم شاذ مطلقا، وكذا كسر المصدر من قدر وأرب؛ لأن قياس قدر فتح مصدره وكسر ظرفه، وقياس أرب فتح مصدره وظرفه معاً، وكذا كسر الظرف من شرق شاذ؛ إذ قياسه فتح مصدره وظرفه معا، وأما قبر ففتح ظرفه قياس ضم مضارعه، وكسر قياس كسره، ففي إيراد الناظم له فيما شذ بالكسر نظر.

وقالوا أيضاً في المصدر من هلك يهلك كضرب يضرب على المشهور: المهلك بمعنى الهلاك مثلثا؛ فالضم فيه شاذ، وكذا الكسر؛ لأن قياسه فتح مصدره وكسر ظرفه، وسبق أن فيه لغة كفرح، وعليها فالقياس فتح مصدره وظرفه معاً، وقضية النظم أن المهلكة بزيادة تاء التأنيث لم يأت فيها الضم، لكنه ذكرها في التسهيل مثلثة العين.

تنبيه: إنما ذكر الناظم رحمه الله المفعل بالضم استطراداً، ولم يذكره في الترجمة لقلته، وأن سيبويه قال: ليس في الكلام مفعل بالضم، وسبق قول الناظم: "وضم قلما حملا"، فاقتضى أنه مع قلته منقول. وقال في التسهيل: لم يجئ مفعل سوى مهلك إلا معون ومكرم ومالك وميسرة؛ أي في قول الله تعالى {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} وقول الشاعر: "على كثرة الواشين أي معون"، بمعنى المعونة. وقول الآخر: "ليوم روعٍ أو فعال مكرم". بمعنى فعل الكرم كالمكرمة. وقول الآخر: "أبلغ النعمان عني مألكا" أي رسالة كالمألكة، وفي القاموس: ولا مفعل غيره؛ أي غير مألك، مع أنه ذكر الباقيات في موادها، وكأن مراده ما انفرد بالضم دون مشاركة غيره، لكن يرد عليه مكرم ومعون. وفيه أن المزبلة بفتح الباء وضمها، ولم يذكرها في التسهيل، وأن الميسرة مثلثة السين، والمزرعة مثلثة الراء، وذكرها في التسهيل أيضاً مع المقدرة وأخواتها. فيتحصل من ذلك بحسب ما ظفرت به أن الضم محفوظ في أحد عشر وزنا: سبعة منها مثلثة، وهي الخمسة المذكورة في النظم مع الميسرة والمزرعة، وواحد ورد فيه الفتح والضم دون الكسر، وهي المزبلة كما في القاموس، وثلاث انفردت بالضم، وهي المالك والمكرم والمعون، والله أعلم.

ثم لما كان قوله أولا "في غير ذا عينه افتح" الخ شاملاً لنحو باع يبيع، مع أن فيه خلافا، نبّه على ذلك بقوله:

(وكالصحيح الذي اليا عينه وعلى ... رأي توقف ولا تعد الذي نقلا)

أي فيكون حكمه حكم يضرب مضرباً بفتح مصدره وكسر ظرفه. فتقول عاش يعيش معاشاً للمصدر ومعيشاً للظرف؛ سواء سمع خلاف ذلك أو لم يسمع. وهذا المذهب هو المشهور، ونص عليه الجوهري في عشرة مواضع من صحاحه؛ نظراً إلى القياس ولو سمع خلافه. والمذهب الثاني: أنك مخير في مصدره؛ أي إن شئت فتحته، وإن شئت كسرته، نقله في التسهيل، وجزم به الجوهري في: عاب المتاع يعيب معاباً ومعيبا، نظراً إلى كثرة الوارد منه مكسورا. والمذهب الثالث: أن مصدره موقوف على السماع، ولا يتعدى المنقول؛ بل يكسر ما كسروه، ويفتح ما فتحوه، ولا يقاس على الصحيح. قال في التسهيل: وهذا أولى، وهو معنى قول الناظم: وعلى رأي توقف، لكن فيه إشكال من حيث إن ما لم يسمع فيه شيء، هل قياسه الفتح أو الكسر .

تنبيه: اعلم أني تتبعت مواد هذا الباب من الصحاح فرأيت العلماء لم يمعنوا النظر فيه؛ فلهذا كثر بينهم الاختلاف في مصدره الميمي، ومعلوم أن المرجع في علوم العربية إلى الاستقراء، فجميع المذكور فيه من مواد معتل العين بالياء نحو تسعين مادة، قد سبق معظمها في أمثلة المضارع المكسور، وأما المصدر الميمي فمنه ما أورده بوجهين: نحو عاب المتاع معاباً ومعيبا، وعاش الناس معاشاً ومعيشا، وحاص عنه محاصاً ومحيصا: أي مال، وكال الطعام مكالا ومكيلا، ومال الشيء ممالاً ومميلا، فهذه خمسة، ومنه ما أورده مكسوراً فقط، نحو جاء مجيئاً، وشاب رأسه مشيباً، وغاب عنه مغيبا، وبات مبيتا، وزاد مزيدا، وسار مسيرا، وصار مصيرا، وحاضت المرأة محيضا، وباعه مبيعا، وقال في الهاجرة مقيلا: أي قيلولة، فهذه عشرة. وأما سائر مواده فمقتضى الصحاح أنه لم يسمع فيها شيء، وأنه لم يرد شيء منه بالفتح فقط، فالمختار حينئذٍ الذي تقتضيه القاعدة أن يكون قياس مصدر معتل العين بالياء الكسر؛ حملاً على أكثر الوارد منه، وللفرق بينه وبين معتل العين بالواو، كالمآب والمتاب والممات والمعاد والمعاذ والملاذ والمثاب والمزار والمغار والمنار والمفاز والمغاص والمناص والمناط والمساغ والمطاف والمذاق والمساق والمآل والمجال والمقام والمرام والمقام والملام، إذ لم يزالوا يفرقون بين ذوات الواو وذوات الياء، والله أعلم. 

ولما فرغ من المفعل والمفعل من الثلاثي ذكر نظيرهما من غير الثلاثي فقال:

(وكاسم مفعول غير ذي الثلاثة صغ ... منه لما مفعل أو مفعل جعلا)

أي إنه يصاغ من غير الثلاثي، رباعياً كان أو أكثر، للدلالة على مصدره الميمي أو ظرفه اللذين صيغ لهما المفعل والمفعل من الثلاثي- على وزن المفعول من ذلك الفعل، نحو: أدخلته مدخلا، وأخرجته مخرجا بضم الميم، وكذا هذا مدخل زيد ومخرجه؛ أي مكانه أو زمانه، ومنه {رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ}. وكذا انطلق منطلقا؛ أي انطلاقا، وتبوأ متبوأ، واستخرج مستخرجا، أي استخراجا، وهذا منطلق زيد ومتبوؤه ومستخرجه، أي موضعه ووقته.

فصل في بناء المفعلة

بفتح الميم والعين وصفا للمكان للدلالة على الكثرة من اسم ما كثر فيه.

ولما كان فيه شبه بالظروف الميمية ألحقها بها، ولكنها لا تصاغ إلا من أسماء الأعيان المشتقة، ولهذا أفرادها بفصل، ولا تصاغ إلا من اسم ثلاثي لفظاً وأصلا، أو أصلا فقط هو مزيد الثلاثي بعد حذف الزيادة، ولهذا قال:

(من اسم ما كثر اسم الأرض مفعلة ... كمثل مسبعة والزائد اختزلا)

(من المزيد كمفعاة ... ... ... ... ... ... )

أي تسمى الأرض وتوصف بوزن مفعلة بفتح الميم والعين، مبيناً ذلك من اسم ما كثر فيها للدلالة على الكثرة بشرط أن يكون ذلك الاسم ثلاثياً أصلاً ولفظا، نحو أرض مأسدة ومسبعة؛ من أسد وسبع، وكذا إن كان حروفه الأصلية ثلاثة فقط أو أكثر في اللفظ بحروف الزيادة فإنه يبني منه المفعلة بعد حذف الزائد، وهو معنى قوله: "والزائد اختزلا من المزيد" أي اقتطع، كقولهم: أرض مفعاة ومقثأة لكثرة الأفعى والقثاء بحذف الهمزة من أفعى وتخفيف القثاء. وإن شئت صغت من اسم ما كثر في الأرض بدل المفعلة فعلاً رباعياً من مزيد الثلاثي بزيادة همزة القطع، ووصفتها باسم الفاعل منه، وهو المراد بقوله:

( .. .. .. ومفعلة ... وأفعلت عنهم في ذلك احتملا)

أي احتمل ونقل عنهم في الدلالة على الكثرة بدلاً عن المفعلة: أفعلت فهي مفعلة بضم الميم اسم فاعل من افعل، نحو: أعشبت فهي معشبة، وأبقلت فهي مبقلة، وأسبعت فهي مشبعة؛ بضم الميم فيها كلها وكسر العين، والشرط أيضاً أن يكون الاسم الذي يصاغ منه الفعل ثلاثياً كالعشب والبقل، ولهذا قال:

(غير الثلاثي من ذا الوضع ممتنع ... وربما جاء منه نادر قبلا)

أي فلا يصاغ المفعلة ولا أفعلت من خماسي الأصول كسفرجل، ولا رباعي الأصول كضفدع، إلا ما ندر من قولهم: أرض معقربة ومثعلبة، أي كثيرة العقرب والثعلب، حكاهما سيبويه.

تنبيه: كما تبنى المفعلة للدلالة على الكثرة تبنى أيضاً وصفاً لما هو سبب نحو "الولد مبخلة مجبنة" الحديث: أي سبب البخل والجبن.

فصل في بناء الآلة

ولما كان لها شبه بالمصادر والظروف الميمية ألحقها بها، وهي على قسمين: قياسي وسماعي، وإلى القياسي أشار بقوله:

(كمفعل وكمفعالٍ ومفعلةٍ ... من الثلاثي صغ اسم ما به عملا)

أي يصاغ من الفعل الثلاثي دون غيره لبناء اسم الآلة التي يعمل بها ذلك الفعل الثلاثي اسم ميمي، إما على وزن مفعل مذكرا، كالمحلب والمقدح والمقلى، أو مؤنثاً كالمسرجة والمسبحة والمسحاة، أو مفعال مذكراً فقط، كالمصباح والمفتاح والمسواك، وإلى الشاذ أشار بقوله:

(شذ المدق ومسعط ومكحلة ... ومدهن منصل والآت من نخلا)

أي إن هذه الأسماء شذت بالضم فتحفظ ولا يقاس عليها، فمنها: المدق، وهو الآلة التي يدق بها، ومنها: المسعط، وهو الإناء الذي يجعل فيه السعوط بفتح السين  وهو الدواء الذي يصب في الأنف، ومنها: المكحلة، وهي الإناء الذي يجعل فيه الكحل، وأما المكحل والمكحال بكسر الميم على القياس فهو الميل الذي يكتحل به، ومنها: المدهن للإناء الذي يجعل فيه الدهن. ومنها: المنصل وهو من أسماء السيف. ومنها: المنخل، وهو ما ينخل به الدقيق. فهذه الستة جاءت بضم الميم والعين على خلاف القياس.

تنبيه: أما المسعط والمكحلة والمدهن فلم يسمع فيها غير الضم، وأما المدق فسمع أيضاً فيها المدق بكسر الميم على القياس. وسمع في المنصل فتح الصاد مع الميم، وكذا في المنخل سمع فتح الخاء مع ضم الميم، وزاد في التسهيل المحرضة وهي الإناء الذي يجعل فيه الحرض بضمتين، وهو الأشنان. ولم يذكر في الصحاح والقاموس فيها إلا الكسر على القياس، ثم إن الضم في هذه الأدوات الشاذة إنما هو عند إطلاق الاسم عليها تشبيهاً لها بأسماء الأعيان الغير المشتقة، وأما إذا قصد بها الاشتقاق مما عمل فإنه يجوز فيها مراعاة القياس فتكسر على الأصل، ولهذا قال:

(ومن نوى عملاً بهن جاز له ... فيهن كسر ولم يعبأ بمن عذلا)

أي فيجوز أن يقول: سعطته بالمسعط، ونخلته بالمنخل، وهذه المسألة من زوائده على التسهيل. 

(وقد وفيت بما قد رمت منتهياً ... فالحمد لله إذ ما رمته كملا)

(ثم الصلاة وتسليم يقارنها ... على الرسول الكريم الخاتم الرسلا)

(وآله الغر والصحب الكرام ومن ... إياهم في سبيل المكرمات تلا)

(وأسأل الله من أثواب رحمته ... سترا جميلاً على الزلات مشتملا)

(وأن ييسر لي سعيا أكون به ... مستبشراً جذلاً، لا باسراً وجلا)

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات 

عبيد ربه محمد عالي بن امد